للولايات المتحدةالأمريكية، وبخاصة في بعض ولاياتها، تجربة تزيد عن أربعة عقود في محاربة الأسباب المؤدية إلى تفكك الأسرة، من تلك الأسباب الخيانة الزوجية، والزنا أو العلاقات الجنسية بين غير المتزوجين، والدعارة التي تتم في مقابل مادي. وفي حين بلورت ولايات مثل مينوسوتا قوانين تجرم من خلالها تلك الجرائم، التي اعتبرتها سببا مباشرا في تفكك الأسر. بادرت هيئات ومؤسسات مدنية وحكومية إلى إطلاق مبادرات أخرى، تتعلق بتشجيع الزواج وسط الشباب، ومحاولة التغلب على الطلاق، والحد من نسبة المواليد غير الشرعيين خارج مؤسسة الزواج. مبادرات لتشجيع الزواج والحد من الطلاق في دراسة لباتريك فاغون، وهو خبير في مجلس الأسرة والدين بولاية مينوسوتا، يبرز أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أنفقت منذ بدأت الحرب على الفقر في سنة ,1960 حوالي 4,8 تريليون دولار في برامج الرعاية الاجتماعية، ومكافحة جرائم الأحداث وإساءة معاملة الأطفال، وتدني التحصيل الدراسي للتلاميذ، وتعاطي المخدرات، والانتحار بين الأطفال، والعديد من المشاكل الأخرى. ولا تزال الحكومة الأمريكية تنفق نحو 150 مليار دولار سنويا، على الأسر الأمريكية، ولدعم الأسر المكونة من أحد الأبوين. منها 150 مليون دولار تنفق من أجل الحد من الطلاق. ويؤكد باتريك فاغون أنه في مقابل ألف دولار تنفقها الحكومة بتقديم الخدمات الاستهلاكية للأسر، فهي لا تنفق سوى دولار واحد لوقف انهيار الأسرة. وأما هذا الاستثمار غير المتوازن، حسب الخبير المذكور، فهي تدعم أكثر الأسر المفككة والأطفال المشردين، والمشاكل الاجتماعية الناجمة عن ذلك. في سياق ذلك، بدأت الولايات البحث عن سبل ناجعة لتشجيع الزواج عبر خطوات واضحة، ففي مارس 2000 خصصت ولاية أوكلاهوما 10 في المائة من أموال الولاية لتشجيع الزواج والحد من الطلاق بنسبة الثلث في أفق .2010 وفي أبريل من سنة 2000 كذلك، بادر حاكم ولاية أريزونا إلى إطلاق مبادرة الزواج، وخصصت لذلك مليون دولار لتشجيع الزواج، وضمنت ذلك في المقررات الدراسية. وقبل ذلك بسنتين، أي في سنة ,1998 عمدت ولاية فلوريدا إلى إقرار قانون ينص على دمج مادة الزواج والأسرة ضمن المناهج والمقررات الدراسية في المدارس الثانوية، كما نص القانون على تنظيم دورات لإعداد الأزواج، وتيسير زواجهم عن طريق تخفيض رسوم الزواج بنسبة 50 في المائة، لمن أكمل الدورات التدريبية. ويسجل فاغون أن الجهود المبذولة لتعزيز الزواج في تزايد على المستوى الشعبي، عبر إجراءات ومبادرات كثيرة، منها من ركّز على تشجيع الشباب والمراهقين على الامتناع عن العلاقات الجنسية قبل الزواج، والعمل من أجل تخفيض الولادات خارج مؤسسة الزواج، ناهيك عن تقليص نسبة الطلاق. وتؤكد الدراسة التي أنجزها فاغون أنه في 135 مدينة أمريكية، تم التوقيع على اتفاقيات وعهود بين قادة المجتمع المدني ورجال الدين هدفها تشجيع الزواج، ونشر العفة بين الشباب، وتقليص الطلاق، حتى إنه في مدينة موديستو بولاية كاليفورنيا انخفض معدل الطلاق ب6,47 في المائة منذ عام 1986 إلى الآن. بل إنه في واشنظن العاصمة أدى برنامج أفضل الأصدقاء إلى تخفيض نسبة المواليد خارج الزواج بنسبة 90 في المائة. تجربة مينوسوتا في حماية الأسرة من التفكك تعتبر هاته الولاية أن الخيانة الزوجية، والبغاء أو الدعارة، والزنا بين غير المتزوجين، واللواط أو الشذود الجنسي، من بين العوامل التي تسهم في التفكك الأسري بالولاية، ولهذه الولاية تقاليد راسخة في القدم، تعود إلى ما قبل نحو 150 سنة، ولا زالت سارية المفعول، إذ تم التنصيص عليها في قوانين تعود إلى سنة ,1967 لا زالت سارية التطبيق إلى اليوم، وتثير نقاشا ثريا داخل الولاية وفي أمريكا كلها. ففي النظام الأساسي لولاية مينوسوتا لسنة ,1967 ينص على أن أيما امرأة متزوجة ثبتت خيانتها لزوجها مع شخص آخر، سواء كان متزوجا أم لا، فإن ذلك يعد خيانة، يعاقب عليها القانون بسنة سجنا، وغرامة قدرها لا يزيد عن 3 آلاف دولار. بإحدى العقوبتين أو كلاهما. ويبث القضاء في الخيانة بناء على شكوى من الزوج أو الزوجة، إلا عندما يكون أحدهما به علة، ولو بعد سنة واحدة من الجريمة. ويعتبر القانون نفسه أن الزنا بين رجل وامرأة غير متزوجتين تعد جنحة، يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة لا تزيد عن 90 يوما، وغرامة لا تزيد عن 100 دولار، أو بإحداهما. وفي حالة اللواط تصل العقوبة بنص القانون إلى 30 سنة سجنا. ويحظر القانون نفسه البغاء، أي الزنا بمقابل مادي، سواء كانت في منزل مخصص لها أو أي مكان آخر، وينص على عقوبة لمرتكبيه تصل إلى عشر سنوات سجنا أو دفع غرامة لا تزيد قيمتها عن 10 آلاف دولار، أو كلاهما. ومن ذلك الاعتداء الجنسي على الأطفال، إذ ينص القانون نفسه على أن كل جماع جنسي مع الأطفال، خاصة من الإناث، وحتى السن ما دون 18 سنة، فإن القانون يرتب العقوبات التالية: إذا كان الطفل دون سن ,10 يعاقب المجرم بالسجن بمدة لا تزيد عن 30 سنة. وفي السن ما بين 10 و14 يعاقب المجرم بما لا يزيد عن 20 سنة سجنا. أما الأطفال ما بين 14 و16 سنة فيعاقب مرتكب الجريمة بما لا يزيد على خمس سنوات، أما التعدي الجنسي على الأطفال ما بين 16 و18 فيعاقب مرتكبها بما لا يزيد عن 3 سنوات.