لا يمر يوم أو بضعة أيام، إلا ويخرج علينا الصهاينة القتلة، أو من يشايعهم من الغرب بحديث حميمي عن الجندي الأسير شاليط، لكأن هذا العالم الظالم يأبى إلا أن يذكرنا بين يوم وآخر بأننا أمة مستهدفة، وأن دمنا رخيص إلى درجة أن 8 آلاف أسير لا يحظون من هذا العالم بعُشر معشار الاهتمام الذي يحظى به جندي إسرائيلي يداه ملطختان بدماء الفلسطينيين. ثم يأتي من يسألك من أين يأتي التطرف، ومن أية بيئة يخرج العنف؟. بين يوم وآخر، يطالب بعض منافقي هذا العالم بأن يجري تمكين الجهات الدولية من زيارة الجندي الأسير شاليط، بل والسماح لذويه بزيارته، وتوفير الفحوصات الطبية اللازمة له، مع أنه شاب في مقتبل العمر، ولم يقل أحد أنه يعاني من أية أمراض ذات تأثير جدي على صحته. والحق أن تلك الأصوات المنافقة تعلم تمام العلم أن حماس لا تفعل ذلك، ليس بسبب قسوتها وعدم إنسانيتها، بل لأن أية معلومة عن مكان الجندي ستعني الوصول إليه، وربما إنقاذه من آسريه، حتى لو ترتب على ذلك مجزرة بحق المدنيين الفلسطينيين، فضلاً عن المجاهدين الذين يحرسونه. من هنا، فإن عزل شاليط عن العالم الخارجي ليس خياراَ، وإنما اضطرار وأي اضطرار، بل هو إجراء مكلف إلى حد كبير، إذ أن مجرد احتفاظ حماس به كل هذه المدة يعد إنجازاً أمنياً بالغ الأهمية، وكم من مرة سخر المحللون الإسرائيليون من عدم قدرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على معرفة مكانه في شريط محدود تحلق الطائرات في سمائه على مدار الساعة، بينما يتوفر فيه عدد لا بأس به من العملاء. في المقابل يمارس القتلة سياسة العزل (الحبس الانفرادي) بحق عدد من مجاهدي الشعب الفلسطيني لأسباب أمنية غير مقنعة، بينما الهدف الحقيقي هو السعي إلى كسر إرادتهم وعدم السماح لهم برفع معنويات إخوانهم والتأثير فيهم، فضلاً عن روحية الانتقام التي تسكن نفوس المحتلين حيال رجال أثخنوا فيهم بشتى الوسائل. كثيرة هي السياسات التي تتبعها سلطات الاحتلال بحق أسرى العزل كما يُعرفون في السجون الصهيونية، فهي تحرمهم من الخروج للفورة (خارج الزنزانة)، وإن سمحت فلساعة واحدة فقط يكون الأسير خلالها وحده مكبل اليدين والقدمين، وبعد ذلك يعود إلى زنزانته وحيداً لا يرى أي إنسان عدا سجانيه، وهي تحرمهم من زيارة ذويهم، كما تحرمهم من أدنى الحقوق التي تمنح للأسرى على قلتها كالكنتينا (دكان السجن) وبعض الأدوات الكهربائية، ناهيك عن العقوبات المتكررة التي يتعرضون لها لأتفه الأسباب، وهناك أيضاً الإهمال الطبي المتعمد، والذي كان آخر ضحاياه الأسير المجاهد رائد أبو حماد من بلدة العيزرية والذي استشهد منصف الشهر الجاري في عزل السبع إيشل بعد رفض إدارة السجن تقديم العلاج اللازم له. المعزولون من الأسرى هم 18 أسيراً، لا بأس من التعرف على أسمائهم لأنهم يستحقون أن يعرفوا، وهم 13 أسيراً من حركة حماس، اثنان من الجهاد الإسلامي، اثنان من الجبهة الشعبية، واحد من فتح، وجميعهم بالطبع محكومون بالمؤبدات. محمود عيسى، حسن سلامة، عبدالله البرغوثي، جمال أبو الهيجا، إبراهيم حامد، محمد جمال النتشة، هشام الشرباتي، يحيى السنوار، مهاوش نعيمات، عطوة الحمود، إياد أبو حسنة، عيد مصلح، صلاح عواودة (حماس). معتز حجازي، ثابت مردادي (جهاد). عاهد غلمة، أحمد سعدات (جبهة شعبية)، أحمد المغربي (فتح). يذكر أن شاليط لم يمض على اعتقاله سوى أقل من أربع سنوات، بينما يعيش محمود عيسى في العزل منذ تسع سنوات، وحسن سلامة منذ 7 سنوات، وجمال أبو الهيجا منذ ست سنوات، علماً بأن الأخير مبتور اليد، ويعاني من عدد من الأمراض، ومن بعدهم إبراهيم حامد وعبدالله البرغوثي ومعتز حجازي ومحمد جمال النتشة وهشام الشرباتي، وجميعهم في العزل للسنة الخامسة على التوالي، والآخرون بعدهم. بعد ذلك كله، يريد أوباما أن يقنع العالم الإسلامي أنه صديق، وأن بوسعنا أن نعيش علاقة محبة مع بلاده، أما الأسوأ فهو أن نجد بين أظهرنا من يروج لتلك العلاقة، وتبقى الجريمة الأكبر ممثلة في دعوات التطبيع مع هذا العدو المجرم. هل نسأل أخيراً عن حكم من يعتقل المجاهدين الخارجين لتوهم من سجون الاحتلال؟