أقام الفنان التشكيلي والخطاط المغربي العالمي محمد البندوري أخيرا معرضا شخصيا بمرسم المبدعين بجدة بالمملكة العربية السعودية، حضره القنصل العام المغربي عبد العالي جاي الذي قص الشريط وقدمت إدارة المعرض له درعا تذكاريا، كما حضر المعرض شخصيات ثقافية وفكرية وفنية ودبلوماسية، والقنصل العام الماليزي والمكتب الثقافي المرافق له. التجديد التقت بالبندوري بمسقط رأسه بمراكش، وهو محمد بن عمر بن هشام بن عمر بن الطيبب بن العلامة الشيخ قاسم البندوري نزيل مكناسة المحروسة زمن الأندلس، فكان هذا الحوار. في نظركم ماهي أهمية تدريس الخط العربي للجيل الناشئ؟ لاشك أن الخط العربي رمز مهم في بناء الحضارة الإسلامية وأيضا في بناء هوية الإنسان المسلم ووطنيته في أي قطر من الأقطار العربية والإسلامية، وهو ما يجعل الوعي قائما بأهميته وروحانيته، ومن ثم فأهمية تدريس الخط العربي للجيل الناشئ تكمن في إمداده بهذه الثقافة في نطاق يخول فرز اهتمام جديد بمجال الكتابة عامة، مما يسهم في تربية الذوق والإحساس بمناحي الجمال الخطي الذي هو جزء لا يتجزأ من كياننا وحضارتنا وهويتنا ووطنيتنا، وأيضا لأن تعليم الخط العربي أعظم فضيلة لسلك دروب العلم والعلوم والفنون، وهو ما يستوجب من المتعلم بلوغ الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة، وقد صدق الجاحظ حين قال: فأي نفع أعظم وأي مرفق أعون من الخط ... فلذلك وضع الله عز وجل القلم في المكان الرفيع ونوه بذكره في المنصب الشريف حين قال: ن، والقلم وما يسطرون. ماذا يميز الخط المغربي عن باقي الخطوط؟ للخط المغربي مميزات وخصائص كثيرة تميزه عن باقي الخطوط الأخرى، منها أن الخط المغربي هو الخط الوحيد الذي يحتوي على خمسة أنواع، ويتميز كل نوع بخصائص فنية وجمالية، فمنه ما هو هندسي، حروفه مستقيمة، استعمل في النقود وفي الأقواس وعلى الجدران، ومنه ما يتميز بالسلاسة والاستدارة، وقد سمي بالخط المبسوط واستعمل في كتابة المصاحف، ومنه ما اختص به لتزيين عناوين الكتب، ويمتاز بحروف غليظة، ومنه ما استعمل لكتابة المؤلفات المخطوطة والرسائل السلطانية، ومنه ما اختص لكتابة المواثيق والعقود وكل ما يخص التعاملات اليومية، وكل هذه الأصناف تعتمد الرقة أثناء جرة القلم أكثر مما هي عليه في الخطوط المشرقية، والمغاربة كما ورد عنهم في صبح الأعشى: لا يباعدون بين السطور في الخط المغربي، وهو ما يجعل الاستدارات التي تميز هذا الخط تتداخل فيما بينها فتحدث جمالية خارقة، وتتميز حروفه بانحناءات وتتخذ رؤوس الحروف شكل نقطة دالة على الاستدارة التي هي عنصر أساسي في هذا الخط، وتتخذ أواخر الحروف شكلا استرساليا مع نوع من التدوير، وتختلف نقط الحروف عن غيرها في الخطوط المشرقية كحرف الفاء والقاف، كما أن ترتيب الحروف يختلف في الخط المغربي عن غيره في المشرقي، وهذا الاختلاف يمتد حتى حسب الجمل، إذ تختلف القيمة العددية للحروف المغربية عن نظيرتها في الحروف المشرقي، والخط المغربي عموما بأشكاله الدائرية الفنية واستقامة حروفه وميلانها وإيقاعاتها وتزاوجها وتناغمها داخل النسيج الخطي؛ كل ذلك قد عمق من صيغ الجمال التي أضفت حقولا معرفية أخرى جعلته يوظف بشكل رائد وغير اعتيادي في اللوحة الفنية، بل ويحدث لنفسه مساحة بين الفنون الأخرى. كيف تم استدعاؤكم إلى السعودية، وما هي الجوائز التي نلتم؟ نلت جائزة الهيئة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري الإسلامي بمشاركة في الخط المغربي باسطنبول، وشهادة الاستحقاق الرتبة الأولى من أرت سيتي بباريس من خلال توظيف الخط المغربي في اللوحة التشكيلية، وجائزة ملتقى دبي بمركز سلطان العويس من إشراف هيئة أجنحة عربية، مع تصريح للجنة محمد البندوري: تقنية عالية في التعامل مع المخطوطة العربية، وجائزة مهرجان الطائف صيف أحلى وأحلى تحت إشراف الأمير مشعل بن منصور بن عبد العزيز آل سعود، وجائزة كوب سات بباريس، والقائمة تطول. لقد تلقيت دعوة من مركز المناهل بالطائف للمشاركة في مهرجان صيف أحلى وأحلى في السنة الماضية تحت رعاية الأمير منصور بن مشعل بن عبد العزيز آل سعود، وفعلا شاركت في المهرجان وأقيم لي حفل افتتاح بالطائف تحت رعاية محافظ مدينة الطائف الشيخ عبد الله بن ماضي الربيعان، وتسلمت درعا تذكاريا رائعا نظرا للثقافة الإسلامية التي تحافظ على الخط المغربي وتوظفه في اللوحة الفنية بشكل تراثي يستمد قوته من الوثيقة التاريخية، وفي الأخير أذكر أن رسالتي في الدراسات العليا المعمقة (الماجستير) كانت في جمالية الخط العربي والمغربي، وأنا أبحث في هذا الخط باستمرار حتى في رسالة الدكتوراه.