كشف مسؤول أمني في الحكومة الفلسطينية بقطاع غزة، أن عددًا من العملاء الذين يعملون لحساب جهاز الأمن العام الصهيوني الشاباك سلموا أنفسهم للأجهزة الأمنية، مستفيدين من عرض للحكومة بتسليم أنفسهم حتى لا يواجهوا مصير عميلين جرى إعدامهما في وقت سابق. جاء ذلك تأكيدا لما كشفه مصدر أمني كبير في وقت سابق عن أنه بعد عملية إعدام العميلين الأخيرين تلقت الجهات الحكومية العديد من الاتصالات من قبل بعض العملاء الذين طلبوا العفو، وأن أقارب للعملاء ووسطاء قد اتصلوا بالأجهزة الأمنية لترتيب عملية التسليم. وأكد المهندس إيهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة أن هناك بعض العملاء سلَّموا أنفسهم للوزارة، عقب تنفيذ أحكام الإعدام في عميلين قبل أسبوعين. وقال الغصين في تصريحٍ صحفي، أول أمس إن الحكومة الفلسطينية تتعامل بكل جديَّة مع ملف التخابر مع الاحتلال الصهيوني، وهي حريصةٌ على أبناء الشعب الفلسطيني وستكون الحضن لكل من يقوم بمراجعة نفسه وشعوره بخطئه. وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية، من جانب آخر لوكالة معًا الفلسطينية، إن قرابة ثلاثة من العملاء الذين استدرجتهم المخابرات الإسرائيلية قاموا بتسليم أنفسهم، وهم لدى الأجهزة الأمنية التي تقوم بدورها بالتحقيق والتواصل معهم لأخذ المزيد من المعلومات حول ظروف اتصالهم ب الشاباك الإسرائيلي ومدى تورطهم معه. وفيما إذا كانت هذه المعلومات تأتي في إطار الحرب النفسية مع العملاء بعد إعدام العميلين بغزة أخيرا، نفى إيهاب الغصين ذلك، مشددًا على أن هؤلاء العملاء قاموا بالفعل بتسليم أنفسهم طواعية. وقال إن دعوة العملاء بضرورة تسليم أنفسهم قبل المزيد من التورط مع الاحتلال الصهيوني تهدف لإنقاذهم، مشيرًا إلى أنه ليس بالضرورة أن يقوم المتورطون بتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية بل يمكنهم أيضًا التوجه للفصائل أو علماء الدين والمشايخ بهدف تخليص نفسه من فخ السقوط والمزيد من التورط. وعن العقوبة التي ينتظر توقيعها على العملاء، أكد المتحدث أن الهدف ليس العقوبة بقدر ما هو إنقاذهم من فخ العمالة، وقال إنه سيُنظر في حالتهم فقد يكون التعامل مع الاحتلال هو لإعطاء معلومات وقد يكون أحدهم شارك في عمليات قتل واغتيال وأنه في حال تسليم أنفسهم سيوضع ذلك في الاعتبار. وأشار إلى أن العدو الصهيوني يقوم باستخدام أساليب خبيثة لإسقاط أبناء الشعب الفلسطيني؛ حيث يقوم باستغلال بعض المشكلات والثغرات لدى المواطنين وابتزازهم؛ ليضطر هذا المواطن إلى السقوط ضعفًا أمام هذا الابتزاز الذي تقوم به مخابرات العدو؛ التي لديها الخبراء النفسيون لمعرفة نفسية المواطن ونقاط ضعفه. وحثَّ الغصين أيَّ مواطن أو مواطنة من الذين قام الاحتلال باستدراجهم على التوجُّه فورًا إلى أية جهة يطمئنون إليها من الحكومة الفلسطينية أو رجال الإصلاح والمشايخ أو الفصائل الفلسطينية؛ ليتمَّ استدراك الموضوع قبل أن تصل الأمور مع هذا المواطن إلى نقطة يصعب معها حلُّها؛ لأن مثل هذه القضايا تبدأ بإعطاء معلومة وتنتهي بالمشاركة في قتل المقاومين واغتيالهم. وأوضح الغصين أن الاحتلال الصهيوني بات يستخدم أساليبَ حديثةً ومتطورةً ومبتكرةً لإسقاط المواطنين الفلسطينيين، خاصةً في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة، مشيرًا إلى أن العدو يستغلُّ الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، مثل الفيس بوك والتويتر. وأوضح أن الاحتلال يقوم بجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الشخصية حول المواطنين عبر هذه المواقع، ومعرفة كل ما يتعلق بالمواطن من أقارب وأصدقاء ومشكلات شخصية؛ لأنه وللأسف من يرتَدْ هذه المواقع فإنه يقوم ح باستهتار بوضع معلوماته الشخصية وصوره وكافة الحقائق حوله؛ مما يسهل على ضباط المخابرات الصهيونية معرفة ثغرات مثل هؤلاء المواطنين، وبالتالي الدخول إليهم وابتزازهم وإشعارهم بأنه يعلم كل شيء عنهم، إضافةً إلى ذلك استخدام وسائل المحادثة الفورية، مثل الماسنجر، ومراقبة البريد الإلكتروني وأجهزة الحاسوب من قِبَل الاحتلال الصهيوني. وأشار الغصين كذلك إلى أن الاحتلال يقوم بالاتصال المباشر بالمواطنين؛ حيث يقوم ضابط المخابرات بتبادل أطراف الحديث مع المواطن أو المواطنة إلى أن يشعر المواطن أنْ لا مشكلة في هذا الحديث، إلى أن يصل إلى نقطة لا يستطيع أن يقف عندها. وأكد الغصين أن أبواب وزارة الداخلية ستبقى مفتوحةً دائمًا لمساعدة المواطنين وإنقاذهم من أية مشكلة قد يتورَّطون فيها مع الحفاظ على السرية الكاملة؛ وذلك لمعرفة الوزارة أن معظم من سقطوا قد استُغلُّوا نفسيًّا وستقوم بمساعدتهم قبل أن يتورَّطوا أكثر. وكان مسؤول أمني لم يكشف عن هويته في قطاع غزة قد أكد، في وقت سابق، أنه وعقب عملية إعدام العميلين الأخيرين تلقت الجهات الحكومية في غزة العديد من الاتصالات من قبل بعض العملاء الذين طلبوا العفو، وأن أقارب لهم ووسطاء اتصلوا بالأجهزة الأمنية التابعة للحكومة لترتيب عملية التسليم. وكشف أن العملاء الذين سلموا أنفسهم قدموا معلومات مهمة للغاية، دون أن يفصح عن فحواها، وأشار إلى أن عدد هؤلاء الذين يقومون بتسليم أنفسهم للحكومة آخذ بالازدياد، واضعًا هذا في إطار ما وصفها ب حرب صامتة تدور مع الشاباك بغزة. وأوضح المصدر أن أحد العملاء كشف أن ضابطا في جهاز الشاباك الذي كان يشغله حاول إقناعه بضرورة الاستمرار في العمل وجمع المعلومات إلا أن العميل أبلغه أنه يرى أن مصيره قد اقترب بسبب نظرات الناس إليه في الطرقات وفي ظل الملاحقة التي تبديها الأجهزة الأمنية بقطاع غزة. وأكد المسؤول الأمني على ضرورة التعامل مع ممن يسلم نفسه بطريقة مختلفة عن غيره ممن ضبطوا في حالات تلبس أو تم اعتقالهم بالقوة. وفي أبريل الماضي، أصدر القضاء الفلسطيني في غزة حكما بإعدام شخصين أدينا من قبل المحكمة في العام الماضي بالتخابر مع كيان العدو، وهي المرة الأولى التي تنفذ فيها الحكومة التي يرأسها إسماعيل هنية حكمًا بالإعدام أقره القضاء منذ الحسم العسكري في قطاع غزة في يونيو 2007 والذي أفضى إلى القضاء على العملاء والخونة والفلتان الأمني في عهد سلطة فتح التي كان يديرها في غزة المدعو محمد دحلان المعروف بولائه للكيان الصهيوني. وفي أعقاب تنفيذ الحكم، منحت فرصة للعملاء الآخرين لإظهار التوبة، عبر المبادرة بتسليم أنفسهم طواعية حتى لا يلقوا المصير ذاته. ونقل المركز الفلسطيني للإعلام آنذاك عن مصدر أمني مسؤول لم تكشف عن هويته القول، توجد الآن فرصة أمام عملاء الاحتلال لإعلان توبتهم والإسراع إلى الأجهزة الأمنية والإدلاء بما لديهم من معلومات، وكشف ما تورَّطوا فيه. وأكد أن ذلك سيكون بمثابة الخلاص لهم من الملاحقة والتعرض لذات المصير الذي ناله العميلان اللذان تم إعدامهما، وشدد على أن لا تهاون في ملاحقة العملاء ومحاكمتهم، ودعا العملاء الذين قال إن الأجهزة المختصة تتابعهم وترصد تحرُّكاتهم إلى أن يغتنموا الفرصة قبل فوات الأوان.