كشفت مصادر دبلوماسية غربية النقاب عن مضمون التفاهم الأمريكي الصهيوني على تحريك مفاوضات المسار الفلسطيني، والذي حمله بصيغة ورقة عمل المبعوث الأمريكي إلى المنطقة جورج ميتشل خلال جولته الأخيرة، والتي سينقلها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اجتماع لجنة وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، طالبًا تغطيته للتفاوض على أساسها. وبحسب وكالة أخبار الشرق الجديد؛ فإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما توصَّل إلى تفاهم مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، وجرى تعمُّد إبقائه في الظل لحماية هوامش المناورة الأمريكية، مشيرةً إلى أن مضمون التحرك الذي انتُدب له الموفد الرئاسي الأمريكي جورج ميتشل مؤخرًا يكمن في مجموعة من الشروط التي يجب أن يسلم بها عباس مسبقًا، تاركًا له الإخراج السياسي المناسب لها بتغطية من الحكومات العربية. وذكرت المصادر أن العملية التي سيقودها ميتشل تقرَّر أن تواكبها حملةٌ دعائيةٌ أمريكيةٌ واسعةٌ في سياق الجهود المتعثرة لتحسين الصورة والمساعدة على احتواء الفشل الاستراتيجي الأمريكي الذي يستدعي خطواتٍ سياسيةً وعسكريةً عاجلةً في كلٍّ من العراق وباكستان وأفغانستان، لا يمكن إتمامها في مناخ التوتر الذي يولده تصعيد حملات الاستيطان وتوقف التفاوض كليًّا، حسب التعبير الأمريكي؛ حيث شكَّلت المفاوضات وتحركات الدبلوماسية الأمريكية خلال نصف قرن عنصر حضور أمريكي وحماية سياسية للحكومات الدائرة في فلك واشنطن، من خلال التحصن بفكرة العمل لتسوية تعيد بعض الحقوق العربية والفلسطينية خصوصًا. وتؤكد المصادر الدبلوماسية الغربية أن الشروط الصهيونية الرئيسية لاستئناف التفاوض غير المباشر؛ نالت الموافقة والدعم من الرئيس الأمريكي، وتقول المعلومات التي تلقتها عواصم أوروبية من واشنطن إنها كانت مضمون اتفاق تم فعلاً بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الصهيوني خلال زيارة الأخير لواشنطن، وعلى عكس ما أوحت به الدعاية الأمريكية عن حدَّة التوتر والاختلاف بينهما؛ فقد توصَّل الجانبان إلى اتفاق في منتصف الطريق بناءً على إلحاح المؤسسة العسكرية الأمريكية، وبعد تلويح وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك ومعه قياداتٌ عليا في الجيش والمخابرات الصهيونية بدعم تحرك سياسي لفرط الائتلاف الحاكم في الكيان الصهيوني، وضمَّ كاديما للحكومة، وهو ما لوَّح به كلٌّ من باراك وشاؤول موفاز بصورة خاصة. هذه الشروط حملها ميتشل إلى عباس في جولته الأخيرة، ومن المتوقَّع أن يطلب الرئيس الفلسطيني تغطيةً سياسيةً مباشرةً للتفاوض على أساسها من لجنة المبادرة العربية مطلع ماي المقبل، وهي: التفاوض من غير مرجعيات وبدون تصوُّر مسبَّق حول بنود الوضع النهائي وبمعزل عن كل ما تمَّ التفاهم عليه سابقًا من التزامات صهيونية تتعلَّق بمُهَل زمنية وخطوات عملية في إطار ما يسمَّى بعملية نقل السلطة في الضفة الغربيةالمحتلة. يواصل الكيان الصهيوني البناء الاستيطاني في القدسالمحتلة، ولكن بوتيرة بطيئة لا تمثل استفزازًا سياسيًّا قد يعيق سير الرئيس الفلسطيني في خيار التفاوض أو قد يولد ردود فعل شعبية في الضفة تعزِّز نفوذ حركة حماس وفصائل المقاومة، وانطلاقًا من مصلحة مشتركة لسلطة رام الله وللكيان الصهيوني بمنع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة. مصير القدس خارج البنود المتفاوض عليها في المرحلة الأولى كليًّا، وهو في ترتيبه سيكون في نهاية مسار التفاوض المقدَّر له أن يستغرق سنتين تلبِّيان حاجة الكيان الصهيوني لفرض التهويد في أقسام رئيسية من القدسالشرقية؛ حيث صدرت قرارات بناء، واعتمدت قرارات مصادرة تغطي مشاريع تضم 50 ألف مسكن جديد للمغتصبين. لا ضمانات أمريكية مسبقة أو مفصلة تتعلق بالوضع النهائي وتكتفي الولاياتالمتحدة بالتركيز على شعار حل الدولتين؛ للمساعدة في تغطية انخراط المفاوض الفلسطيني بالعملية المكوكية التي يقودها ميتشل بإشراف ومشاركة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. على سلطة رام الله إعلان قبولها رسميًّا للتفاوض على دولة فلسطينية بحدود مؤقتة؛ بحيث يدور التفاوض على المناطق المتبقية للتجمعات السكانية الفلسطينية التي تحاصرها الكتل الاستيطانية ويقطعها جدار الفصل العنصري إلى مربعات ومعازل مفككة. على سلطة رام الله التسليم النهائي والمعلن بمبدأ إسقاط حق العودة للاجئين، وهو ما بات ثابتًا في الرؤية الأمريكية لأية تسوية؛ بحيث يجري العمل ببرامج التوطين وحصر العودة الممكنة إلى قطاع غزة بالحجم الذي يعتبره الكيان الصهيوني مقبولاً. لا تراجع ولا مراجعة بالنسبة للجانب الصهيوني لملف تهويد القدس واستئناف البناء الاستيطاني في الضفة الغربيةالمحتلة في شتنبر المقبل تحت عنوان النمو الطبيعي للكتل الاستيطانية، ولا قبول لمطلب تفكيك الكتل الاستيطانية التي يعتبرها الصهاينة مستوطنات شرعية، ولا مساس بالجدار الفاصل، وتدعم الإدارة الأمريكية في هذا المجال تثبيت سيطرة الكيان الصهيوني على ما ضمَّته وتنوي ضمَّه من الأراضي المحتلة منذ عام 1967م مقابل السير بمشروع مبادلة الأراضي الذي يطرحه الصهاينة، من خلال عرض بعض المساحات من النقب المحتل؛ لتكون جزءًا من الكيان الفلسطيني، ومطالبة مصر بمنح هذا الكيان الفلسطيني أراضيَ في سيناء؛ لتكوين نطاق جغرافي يُدعى فلسطين لا يشكِّل خطرًا على الكيان الصهيوني. من الأمور المتفق عليها بين أوباما ونتنياهو أن الكيان الفلسطيني المحكي عنه هو حكمًا منزوع السلاح وتخضع حدوده وموانئه لرقابة أمنية صهيونية بمشاركة الحلف الأطلسي. الأجهزة الأمنية الفلسطينية ستكون على صورة الشرطة التي أعدها الأمريكيون ودرَّبوها لمطاردة المقاومة لحماية الأمن الصهيوني بقيادة الجنرال كينيث دايتون.