بمناسبة الحديث عن حفظ الضروريات الخمس أرى الحاجة ماسة، واللحظة مناسبة للحديث عن الضروريات الخمس الحافظة.أعني الحافظة للوجود الإسلامي في الغرب بما يجنبه الإخفاقات الذاتية، ويجعله يتجاوز المضايقات الخارجية، أو بلغة الاستراتيجيين بما يجعله يستفيد من عناصر القوة ويتجاوز عناصر الضعف أبدع المسلمون في تاريخهم الثري على المستوى العلمي وقلبوا النظر في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقر رأيهم على أن هذه الشريعة إنما جاءت من أجل حفظ الضروريات الخمس وهي الدين النفس العقل النسل المال. ويحق للغرب الإسلامي أن يعتز بمساهمة علمائه في خدمة جانب المقاصد في الشريعة، وهي الخدمة التي تجددت مع بعض أعلامه المعاصرين، مما يدعم مقولة البزوغ المشرقي والنبوغ المغربي على حد تعبير الدكتور أحمد الريسوني. وفي كل يوم تزداد مساحة الاهتمام بمقاصد الشريعة لسد الفراغات وتصويب الاختلالات التي نتجت عن إهمال العناية بالمقاصد. ومن المبشرات انخراط الأقليات المسلمة في الغرب في النهوض بالمقاصد وإعادة الاعتبار لها. وفي نهاية الأسبوع الماضي احتضن مسجد أبي بكر الصديق بمدينة فوبرتال بألمانيا الملتقى الرابع والعشرين الذي كان موضوعه الضروريات الخمس مفهومها وترتيبها في الإسلام. وبالمناسبة فالأسبوع الأول من شهر أبريل يكاد يكون أسبوع الملتقيات الدعوية والعلمية في المساجد والمراكز الثقافية في أوربا. وهي التجربة التي راكمت فيها الأقليات المسلمة بشكل مبدع ورفيع. والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما حجم التغطية المخصصة لهذه الأعمال الجليلة؟ وما حجم الدعم المخصص لها؟ وما حجم التسهيلات المقدمة لها من دولها الأصلية ومنها المغرب؟ ومن ذلك تسهيل عملية التأطير التي تتجه إلى العلماء والأساتذة المغاربة؟ لقد اضطر أحد المساجد في ألمانيا مثلا لإلغاء الملتقى نظرا لاعتذار أغلب المدعوين للتأطير ولأسباب متعددة، في حين كان يمكن اقتراح وتوفير أطر أخرى لضمان استمرار الملتقى. إن الخلاصة التي تتأكد يوميا هي أن الجهود الجبارة التي تبذلها الأقليات المسلمة في الغرب بالرغم من كل الإكراهات تعتبر بحق إنجازات نوعية تستحق كل دعم، أو على الأقل بعض التعريف والاعتراف، وذلك مدخل من مداخل الإنصاف. وبمناسبة الحديث عن حفظ الضروريات الخمس أرى الحاجة ماسة، واللحظة مناسبة للحديث عن الضروريات الخمس الحافظة.أعني الحافظة للوجود الإسلامي في الغرب بما يجنبه الإخفاقات الذاتية، ويجعله يتجاوز المضايقات الخارجية، أو بلغة الاستراتيجيين بما يجعله يستفيد من عناصر القوة ويتجاوز عناصر الضعف، ويحسن استثمار الفرص، ويحسن تجنب التهديدات ويتجاوزها. واول الضروريات الحافظة توفير المؤطرين الأكفاء: الملمين بالعلوم الشرعية، المستوعبين لخصوصيات المرحلة، والمالكين لناصية التواصل... لقد نجح المسلمون في الغرب في توفير المساجد نجاحا باهرا. وكل مسجد وراءه قصة بل قصص عديدة ،أو قل ألف حكاية وحكاية...إلا أن هذه المشاريع وهذه الأعمال هي بمثابة رأس مال يحتاج إلى مستثمرين مهرة عارفين بالواقع. ولئن كان الأولى أن يكون إعداد الكفاءات في ذات البيئة المحتاجة، إلا أن الأمر يتسع ليكون الإعداد في مكان آخر وبشروط خادمة للهدف. وثاني هذه الضروريات الحافظة العناية باللغة العربية والعناية بنفس الدرجة إن لم نقل وبنسبة أعلى بلغة البلد: فرنسية كانت أو ألمانية أو غيرها.. أما العناية باللغة العربية فللحاجة الماسة إليها في فقه الشريعة وفقه مصادرها، وأما العناية بلغة البلد فلامتلاك ناصية التواصل مع الأجيال المتعاقبة التي لا تكاد تتواصل إلا بتلك اللغات، وأيضا للتواصل مع باقي الساكنة بشكل جيد مريح نافع. وثالث هذه الضروريات الحافظة العناية بالشباب وجعلهم مركز الاهتمام ولبه ومتنه: تفهما لأوضاعه، واستثمارا لطاقاته، وترشيدا لاهتماماته، وإنصاتا لأسئلته وآهاته، واستيعابا لخصوصياته. ولئن كان الأمر معلوما فقد احتاج إلى تنصيص، أعني أن المقصود بالشباب البنين والبنات، الذكور والإناث، بل أكاد أقول لعل للإناث بعض امتياز عسى أن نصحح الأخطاء التي وقعت مع الأمهات، ورحم الله شوقي القائل: الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ورابع هذه الضروريات الحافظة التوطين للمشاريع بالتوطين للمؤسسات الحاملة لها، وتحويل الأفكار من عالم الاقترح إلى عالم الإنجاز، ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة. إن مساحة الحرية في الغرب عالية لكنها مساحة بدأت تعرف بعض التراجعات لأسباب عديدة لا نستطيع أن نستثني منها الجوانب الذاتية، كيف والله تعالى يقول:قل هو من عند أنفسكم، ومع ذلك فالفرص ما تزال كثيرة، وكثيرة جدا، وعسى أن يسهم حسن استثمار الفرص الموجودة في استعادة الفرص المضيعة. وخامس هذه الضروريات الحافظة التوحيد والاعتصام والاجتماع والاتحاد ونبذ الفرقة وكل ما تحيل عليه هذه المصطلحات والمفاهيم... لنتحدث عن الأقلية المسلمة في الغرب باعتبارها كتلة لا باعتبارها أفرادا، والله تعالى يقول: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ.