أي دور تقوم به وكالات التشغيل الخاص بالمغرب للحد من البطالة المنتشرة بين أوساط الشباب؟ سؤال بات يطرح نفسه أكثر من أي وقت مضى، لا سيما أمام محدودية تدخل الحكومة في القطاع، والنتائج المتواضعة التي تحققها الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات. وكالات تلقى حميد مكالمة على هاتفه المحمول، وتفاجأ عندما سمع أن المتحدث هو وكالة التشغيل الخاص التي طلبت منه الحضور في اليوم الموالي لإجراء مقابلة شغل، فقد سبق أن أرسل سيرته المهنية عبر الأنترنيت لهذه الوكالة. توجه حميد إلى المؤسسة؛ وما هي إلا لحظات حتى انتهت المحادثة التي كانت باللغة الفرنسية، وذلك من أجل العمل في مركز للنداء بمدينة الدارالبيضاء. إنه مثال واحد من بين عشرات الأمثلة لشباب عاطل عن العمل. ويعمل الشباب المغربي على البحث عن العمل إما بالتوجه إلى وكالات التشغيل الخاصة أو الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، أو البحث عن العمل عبر التنقل بين المقاولات أو إجراءات مباريات التوظيف؟ فكيف تشتغل وكالات التشغيل الخاصة بالمغرب؟ عبد الحفيظ فهمي، مدير وكالة للتشغيل الخاص، يقول إنه على الرغم من عدم وجود أرقام رسمية حول عدد الوكالات بالمغرب، إلا أن بعض الأرقام تشير إلى 300 وكالة، تنقسم إلى 3 أنواع. الأولى تعمل في مجال الوساطة، وثانية في مجال التشغيل المؤقت، وأخرى تتمثل في وكالات التشغيل الدولي. وأوضح فهمي أن وكالات الوساطة ينحصر دورها في ربط الاتصال بين عارض لفرص الشغل، وطالب لهذا الشغل، وينتهي دورها بمجرد حصول الفرد على العمل، في حين أن مؤسسات التشغيل المؤقت تتكفل بعملية التوظيف، إذ يدخل الأفراد العاملون في علاقة مباشرة مع الوكالة المشغلة وليس مع المسؤول، ومن بين أمثلة هذه الوكالات وكالات الأمن والنظافة. المعادلة ويرى العديد من المراقبين أن المنظومة التعليمية بالمغرب لا تتوفر على آليات من أجل تخريج أفراد يمكنهم الانخراط في التشغيل الذاتي أو الدخول مباشرة إلى القطاع الخاص، ومن ثم فإن العديد من خريجي الجامعات والمعاهد يضعون نصب أعينهم الوظيفة العمومية فقط. ولعل المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي يشهدها شارع محمد الخامس أمام البرلمان لخير دليل على هذا المعطى. ليبقى ربط التعليم بسوق الشغل معادلة صعبة عجز المسؤولون عن حلها. وتعرف وكالات التشغيل العديد من التحديات، إذ يرى فهمي بأن هناك تحديا قانونيا، على اعتبار أن 98 في المائة من الوكالات تعمل بشكل غير قانوني، على اعتبار أن مدونة الشغل نصت على أن تقدم الوكالات ضمانة في حدود 120 مليون سنتيم إلى صندوق الإيداع والتدبير كشرط من أجل أن تعترف بها وزارة التشغيل والتكوين المهني. وترى الوكالات أن هذا الشرط مجحف، مما دفعها إلى العمل خارج القانون. وأكد فهمي أو وزارة التشغيل والتكوين المهني ستعمل على تقديم مشروع قانون من أجل تغيير هذه المادة والعمل على تقديم الضمانة إلى أحد الأبناك في شكل رسم عقاري أو ما شابه ذلك. وتعتبر الوكالات مجرد آلية لمساعدة الباحثين عن العمل في إيجاد شغل، ومن ثم فإن التغلب على البطالة يقتضي توفير العديد من فرص الشغل من لدن الاقتصاد الوطني؛ خصوصا أمام ارتفاع نسبة الخريجين، وارتفاع الشريحة العمرية التي ستدخل إلى مصاف الفئة النشيطة. بطالة سبق لإحدى المسؤولات عن وكالة للتشغيل الخاص بالدارالبيضاء أن أكدت أنها تجد صعوبة في إيجاد أفراد يملكون كفاءات متميزة، وذلك يرجع إلى المؤسسات التي تعمل لصالحها، والتي تطلب نماذج معينة من الأطر الكفأة. إلا أن واقع التشغيل بالمغرب يؤكد بأن الشريحة الكبيرة من العاطلين عن العمل هي التي لها مستوى تعليمي عالي، في حين أن الذين ليس هم مستوى تعليمي فلا يجدون صعوبة في إيجاد عمل. وحسب المندوبية السامية للتخطيط فإن نسبة البطالة لدى الحاصلين على الشهادة هو 17,2 في المائة في حين أن بدون شهادة تصل نسبتهم إلى 4,4 في المائة فقط. وأكد فهمي بأنه في جميع الدول، التغلب على البطالة يتطلب آليات متعددة ومتخصصة، إلا أنه للأسف في المغرب لا يزال يراهن على الوكالة الوطنية لإنعاش الكفاءات والتشغيل. مما يجعلها المؤسسة الوحيدة التي تدبر الملف. ودعا فهمي إلى العمل على الإكثار من الوكالات الخصوصية على الصعيد الوطني وليس الاقتصار على محور الدارالبيضاء والرباط. واعتبر فهمي بأن وكالة التشغيل الخصوصية هي مؤسسة همها هو الربح، مما لا يجعلها تراعي الهم الاجتماعي لدى اشتغالها، والحقيقة أن هذه الوكالات تجد صعوبة في إيجاد أطر وكفاءات من أجل احترام طلبات العديد من المؤسسات التي تعمل معها. وهذا راجع إلى التعليم وطباع الأفراد الذين يفضلون الوظيفة العمومية، حسب فهمي. إن العمل على تقديم وسائل من أجل مساعدة الوكالات الخاصة يمكن من امتصاص النسبة المرتفعة لنسبة البطالة بالمغرب حسب المهنيين. خصوصا أن البطالة تمس أساسا الشريحة العمرية ما بين 15 و24 سنة، والتي تصل إلى 18 في المائة مقابل 12,7 في المائة لما بين 25 و34 و5,4 في المائة لما بين 35 و44 سنة، حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط.