صرح الوزير الأول، إدريس جطو، الخميس 22 شتنبر بالصخيرات، أن حكومته تطمح إلى توفير ما يناهز 200 ألف فرصة عمل للشباب خلال السنوات الثلاثة المقبلة، مضيفاً أن حل إشكالية البطالة يمر بالضرورة عبر تحقيق نسبة نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة من خلال تشجيع الاستثمار المنتج الكفيل باستيعاب الطلب السنوي المتزايد ومعالجة التراكمات المستعجلة في ميدان التشغيل. وأضاف جطو، في كلمته الافتتاحية لملتقى مبادرات التشغيل الذي انطلق أمس الخميس بالصخيرات، أن الحكومة، وطبقاً للتوجيهات الملكية، التي تقضي بجعل تشغيل الشباب من صميم الاستيعاب الاجتماعي، هيأت للملتقى بتشاور مع مختلف الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، واقترحت تدابير تهم تطوير وتحسين الآليات المعمول بها لإنعاش وتنشيط التشغيل، مشيراً إلى أن الحكومة استأنست في ذلك بتجارب دول أجنبية لها وضع اقتصادي مشابه للمغرب. ومن الإجراءات المقترحة، مراجعة صيغة العقود من أجل الإدماج بتطويرها إلى عقود للعمل ليستفيد منها حاملو شهادات التكوين المهني، وتحسين التحفيزات الممنوحة للمشغلين من خلال تمديد مدة العقود المذكورة، والرفع من سقف الأجور المعفاة من المستحقات الضريبية والاجتماعية. وأكد الوزير الأول أن التنمية الاقتصادية «غير كافية وحدها لمعالجة معضلة البطالة»، وأنه لا بد من اعتماد سياسة إرادية تتصدى مباشرة لآفة البطالة على ضوء تشخيص دقيق لمواقع التشغيل. وبناء على تشخيص قامت به الجهات المختصة، أوضح جطو أن البطالة منتشرة في المجال الحضري بنسبة 4‚18٪ مقابل 2‚3٪ بالمجال القروي، وأنها شائعة كذلك وسط الشباب حاملي الشهادات بنسبة 6‚26٪مقابل 5 % لغير الحاصلين على الشهادات. ولاحظ الوزير أن التشخيص نفسه أبان عن الإقبال المكثف على التشغيل المأجور، الأمر الذي يضيع على الشباب الفرصة الهائلة التي يمكن أن ينميها ويحققها التشغيل الذاتي، مشيرا في الوقت نفسه إلى قصور دور الوساطة في التقريب بين المشغلين وطالبي العمل. وفي ما يخص الإدماج في الوظيفة العمومية والقطاع العام، شدد الوزير الأول على أن الحكومة عازمة على تنظيم الولوج إليها عبر قواعد الشفافية والكفاءة والموضوعية وتكافؤ الفرص وضمان المساواة، وذلك في أفق دمقرطة ولوج مختلف مسالك وأسلاك الوظيفة العمومية، وهي القواعد التي اعتبرها الوزير الأول مفيدة بالأساس للشباب حاملي الشهادات المستوفين للشروط، ومن شأنها أن تضع حلا تدريجيا وعلى أسس جديد لعطالة الفئة المذكورة. وقد تقدمت أرضية ملتقى مبادرات التشغيل بعدد من المقترحات والتدابير من قبيل إحداث المقاولات الصغرى التي لا يتجاوز حجم استثماراتها 205 آلاف درهم، وتبسيط المقتضيات المنظمة للشركات ذات المسؤولية المحدودة، عبر تخفيض الرأسمال اللازم لإحداثها من 100 ألف درهم إلى عشرة آلاف درهم، مع إمكانية تحرير ربع المبلغ الأخير فقط عند إنشاء المقاولة. وعبر الوزير الأول، في ختام كلمته، عن أن الحل الجوهري لمعضلة البطالة، وخاصة بطالة الشباب حاملي الشهادات، يمر عبر تحقيق التطابق بين نوعية التكوين ومتطلبات سوق التشغيل، بالإضافة إلى تحديد أساليب حكامة سوق الشغل، من خلال الرفع من دور الوساطة، واعتماد أسلوب الثقافة بين مختلف المتدخلين، وكذا إعادة هيكلة الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، وإحداث مرصد وطني للتشغيل يتولى مهام متابعة وتقييم تأثير الإجراءات المتعددة، وتوفير المؤشرات الضرورية حول تطورات سوق الشغل، وتحديد حاجياته الكمية والنوعية الحالية والمستقبلية. يشار إلى أن أربع لجان تفرعت عن الملتقى هي: إنعاش التشغيل، وملاءمة التكوين مع سوق الشغل، وحكامة سوق الشغل، ودعم خلق المقاولات، وقد عكفت على الدراسة والمناقشة التفصيلية للمقترحات والأرضية التي تقدمت بها الحكومة، ومن المقرر أن تقدم صباح اليوم خلاصة نقاشها لوضع رؤية متكاملة لآفاق التشغيل في المغرب. وقد ظهر جلياً خلال كلمة الوزير الأول وكلمة وزير التشغيل مصطفى المنصوري بعده أن الحكومة تراهن لإنعاش سوق التشغيل على القطاع الخاص ومبادرات التشغيل الذاتي، وأن التشغيل بمفهومه القديم الذي كانت الوظيفة العمومية بوابته الرئيسة لم يعد مطروحاً.