ريادة في السحر والدعارة وسريق الرجال من عيالاتهم، هذه هي الصورة النمطية التي يرسمها البعض عن المغربيات العاملات بالمهجر، وبخاصة لدى المقيمين بمنطقة الخليج من الجنسيات العربية والإسلامية الأخرى. ما إن تدخل في حديث مع بعضهم حتى تحاصر بوابل من الأوصاف المقيتة، إنهن متخصصات في الشعوذة.. وبارعات في استمالة المتزوجين.. إنهن يسئن إلى سمعة بلدهن، حتى إنه ليخال لمن لم يزر المغرب أن إناثه بالكامل على هذا النحو من الرداءة الأخلاقية. صحيح أن جزء من هذه الصورة تعكسها حالات واقعة وتحديدا عندما يتعلق الأمر بوجود فتيات مغربيات يمتهن الدعارة تحت الإكراه في أغلب الأحيان وبعقود عمل وهمية مضللة تحول حياتهن إلى جحيم لا يطاق ، لكن أليست تلك ظاهرة مشتركة بين كثير من البلدان بل ودائمة في الزمان والمكان ؟ من تقع عليه المسؤولية..أتلك الفتاة المغلوبة على أمرها أم من استغلها أوسمح لها بأن تكون فريسة لمرضى النفوس. هل يعني ذلك أن فتيات المغرب العاملات بالمهجر في عمي وضلال وفتيات باقي العالم الإسلامي والعربي على استقامة وتقوى؟ من يتناول الشيشة في المقاهي، ومن هن أكثر المدخنات، من هن الأكثر ممارسة ل الدعارة المقننة، من يتزعم شبكات تهريب اللحوم الآدمية؟ هل هن المغربيات أيضا أم أن هذه الصورة التي تعود إلى عشرات السنين ما تزال تعشعش في عقلية الكثيرين من العرب( بضم العين)، لأن المسوؤلين لدينا لم يفلحوا في أن يدفعوها بأخرى تعكس الوجه المشرق لهذا البلد وأهله برجالهم ونسائهم. لماذا نرضى نحن ومسؤولونا وعلماؤنا، وسياسيونا، وشرفاؤنا بأن نوصف بكوننا أول مصدر عربي للحوم البشرية نحو الخارج، بينما كان الأولى أن نسوق لما نحن أهل له صناعة وثقافة وأخلاقا. إن هذه الصورة تزداد قتامة عندما يقال عنا نحن المغاربة أيضا أننا آخر من يعلم في الفقه وعلوم الدين والقرآن، وآخر من يفهم في الإعلام وآخر من يدرك نظريات الاجتماع والسياسة والعسكر ومبادئ الاقتصاد والإدارة ، وأننا موصولون بأوروبا، بما يحمل ذلك من معاني سلبية عن التحرر والانفتتاح والانفساخ. إننا بالمختصر غير المفيد شعب ما عندو وجه علاش يحشم لا يعلم ولايفقه ولايعي ولايسمع ، شعب خارج سياق العروبة والإسلام. أتساءل ومعي الكثيرون لما نحرم من رجالات اقتصاد وتجارة وسياسة وثقافة ودين يكون بمقدورهم أن يستبدلوا ثلاثية الشؤم التي نتهم بها سحر ودعارة وسرقة بثلاثية فأل أخلاق وقوة وعلم. أليس بن خلدون مؤسس علم العمران، والقطب عبد السلام بن مشيش مهد التصوف السني، وعبد الكريم الخطابي مؤسس حرب العصابات، وطه عبد الرحمن رائد المنطق العربي، وأحمد الريسوني من رواد المقاصد في الوقت الراهن، و المهدي المنجرة رائد علم المستقبليات، والفاسي الفهري من رواد اللسانيات، والسيدة مريم شديد رائدة علم الفلك العربي، أليس هؤلاء وكثيرون لم نأتي على ذكر ريادتهم هو من أهل المغرب. ألسنا من يتبوأ الصدارة العربية في التجربة النسائية بالبرلمان، والريادة في الكثير من القطاعات الإنتاجية ( السيارات، الفوسفات، النسيج، الأسماك، البواكر والحوامض )، أليس هناك مغربيات كثيرات من أصول مغربية يتقلدن مناصب حساسة ما بين المستشارة والوزيرة؟ لم نسرد هذه اللائحة الطويلة لغرض التفاخر والتباهي العربي الذي سئمنا الحديث عنه بقدر ماهو عرض لوجه منير لايعرفه الكثيرون. إنها مسؤولية الدولة والحكومة بسفاراتها أولا والعلماء ثانيا والمغتربون ثالثا لمحو الصورة السيئة عن بلد التصوف السني والعقلانية والسمو الأخلاقي بامتياز، ليس بالقول فقط بل بتفعيل القانون وتطبيقه للضرب بيد من حديد على من سولت له نفسه تهريب فلاذات أكبادنا والإساءة إلى سمعة فتياتنا وإهانة كرامتهن، وبالمقابل توفير ظروف عيش كريمة لهن في الداخل والخارج. نتمنى على محمد عامر الوزير الملكف بالجالية المغربية بالخارج والذي زار منطقة الخليج مؤخرا أن يضطلع بدوره في إنقاذ سمعة المغربيات مما لحقهن من أذى ، وأن يعي كون كثير من هؤلاء يقمن بأعمال ريادية ويتقلدن مناصب حساسة سواء في الاقتصاد أو المال أو الإعلام لوعي أهل الخليح بمدى جدارتهن المهنية، وأن يكف عن الحديث بلغة خشبية لايقبل بها إلا أصحابها، وأن تتوقف حكومتنا عن اعتبار جالياتنا بالمهجر مجرد محافظ نقود يلتفت إليها عند الأزمات. فاللهم احفظ بناتنا وارفع من قدر أخواتنا واهدي مسؤولينا لما فيه الخير لسمعة وطننا