تحية لكل نساء العالم بمناسبة يومهن العالمي. تحية لكل من كان لها حلم التألق والتفوق العلمي فحققته، وتحية لمن كان لها توق المشاركة السياسية فاستطاعت أن تكون وزيرة أو برلمانية أو مستشارة. تحية لمن حلمت منذ نعومة أظافرها أن تنال صفة طبيبة أو مهندسة فلم يهدأ لها بال إلا بعد أن حققت هذا الحلم الجميل. تحية لمن جعلت حلم الأمومة والزواج السعيد نصب عينيها فنالت ما حلمت به وكان أسعد زوجة وخير أم. تحية لكل امرأة كانت تظن أن باب الوظيفة سيفتح أمامها أبواب السعادة الدنيوية والأخروية فأصبحت موظفة لكنها اكتشفت أنها أصبحت موزعة بين أدوار متعددة تفرض كلها أولويتها وأهميتها على أجندة هذا الكيان الضعيف في بنيته القوي في عزيمته وإرادته. تحية إجلال وتقدير للمرأة الفلسطينية التي قاومت في شفهامة، وصمدت وقدمت لوطنها الشهيد من الزوج والأب والابن والأخ، وتحية لكل امرأة عانت ويلات الاحتلال. تحية لكل امرأة لم يتسع المجال لذكر خصوصيتها في هذا المقام الضيق. إلا أن التحية الخاصة والجليلة التي آليت على نفسي أن أقدمها في هذا اليوم، وتستحق أن تكتب بمداد من ذهب، هي تحية لنخبة خاصة من النساء قلما تسلط عليهن الأضواء: تحية تقدير واحترام لنساء من هذا الوطن الحبيب ومثلهن في أوطان كثيرة، إنهن نساء مطلقات وأرامل، ومنهن المتزوجات برجال مقعدين أو قاعدين برغبتهم، سجلن حضورهن في الأسواق الشعبية بائعات للخبز ومواد غذائية بسيطة، إنهن نساء فقيرات اخترن أن يكن مكافحات من أجل لقمة حلال، ولم ترم بهن أوضاعهن الاجتماعية في أوحال الرذيلة لأنهن أيقن أن الفقر وإن كاد أن يكون كفرا فلن يستطيع أن يدفعهن لبيع أعراضهن، فقد تشبعن بفكرة أن الحرة تجوع ولا تأكل من ثدييها، إنهن نساء يستحققن بجدارة أن تلقى بين أيديهن تحية إجلال وتقدير، لأن منهن من استطاعت أن تعيل أطفالا يتامى من عرق جبينها حتى تفوقوا في الدراسة وأصبحوا يحتفى بهم وبأمهم. تحية لهؤلاء النساء اللواتي تحدين الفاقة بعزة وكرامة، وحولن مرارة معاناتهن إلى شراب حلو المذاق بخروجهن لانتزاع لقمة حلال في واقع متطلبات الحياة الزائدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف السكن. من المعتاد أن يتم تكريم الشخصيات المتألقة علميا وعمليا، وفنيا وجماليا، لكن من وجهة نظري المتواضعة لا ضير أن يشمل التكريم مثل هذه الفئات الفقيرة التي تكافح من أجل كسب حلال حتى لا يجدن أنفسهن منبوذات داخل المجتمع. ولا بأس بمناسبة اليوم العالمي للمرأة أن يأخذ البعض منا باقة ورد يهديها لبائعة الخبز أو بائعة البقدنوس أو عاملة النظافة التي تعمل في شركته الخاصة أو إدارة مؤسسته التي يعمل موظفا بها، أو يبحث عن أمثال هؤلاء المكافحات ليلقي بين أيديهن تحية إجلال وتقدير، دون أن ينال ذلك من قدره شيئا. إنهن يستحققن ذلك وأكثر بجدارتهن وممانعتهن تجاه دعاوى ولوج عالم الدعارة بسبب الفقر، أو ركوب قطار بطاقة فنان والسقوط في براثن شبكات الدعارة في دول الخليج لتلطيخ سمعة هذا الوطن الجميل.