احتفلت يومه الاثنين الثامن من مارس نساء العالم أجمع ومعهن نساء المغرب بعيدهن الأممي ، وهي مناسبة يقف فيها المجتمع المدني عامة والمنظمات والهيئات النسائية بشكل خاص على ما تم تحقيقه من إنجازات لصالح المرأة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفنية والثقافية والرياضية ، ومن مكتسبات على المستويين القانوني والتشريعي . ومناسبة تواصل فيها المرأة نضالها وكفاحها من أجل تعزيز سبل وقف كافة أنواع العنف والمعاملات غير الإنسانية والتمييز ضدها ، وآليات حمايتها من كل أشكال الإقصاء والتهميش والاستغلال . ومناسبة لمناقشة موضوع حقوق المرأة وأين وصلت جهود ومساعي تثبيت هذه الحقوق وتقويتها . الثامن من مارس هو مناسبة نتقدم فيها في كل عام بخالص التهاني والتحية والتقدير لكل نساء العالم ، وللمرأة المغربية على وجه خاص على جهودها الجبارة في صنع حاضر هذا الوطن ومستقبله ومساهمتها الفعالة إلى جانب شقيقها الرجل في بناء صروح دولة الحق والقانون وتحقيق التنمية الشاملة ببلادنا . فتحية لها وهي تباشر عملها إلى جانب الرجل ولا تفارقه قيد أنملة ، تحية لها وهي بجانبه شاء أم أبى ومعه في البر والبحر والجو تقاسمه المسؤولية والاختصاص خطوة بخطوة وشبرا بشبر. تحية للمرأة المغربية التي اضطرتها ظروف أسرتها القاسية للبحث عن مورد رزق إضافي تعين به زوجها على مصاريف البيت وتكاليف الحياة الباهظة ، تحية لها على كدها وصبرها في العمل وفي البيت بعد العمل ، حيث تعود في المساء منهوكة القوى ولا ترتاح كما يفعل الرجل العائد من العمل ، لأن عليها القيام بواجبات وأعباء أخرى خاصة بالبيت والأطفال ، وهذا مشكل آخر تعاني منه المرأة في جميع البلدان المتخلفة . تحية خاصة لكل النساء اللواتي يعملن ويكدحن بشرفهن وعرق جبينهن لتأمين القوت اليومي لهن ولأولادهن وبناتهن بعد أن أجبرتهن الظروف على تحمل مسؤولية العائلة في غياب رب الأسرة إما بسبب الترمل أو الطلاق أو الظروف التي تبعد الزوج عن زوجته وأولاده . الثامن مارس من كل عام هو كذلك مناسبة لكي نطرح من جديد مسألة عمل المرأة خارج البيت وماذا تستفيده أسرة هذه المرأة العاملة أو الموظفة على المستوى المادي والمعيشي ، وماذا تستفيده هذه المرأة ذاتها من عملها ووظيفتها ، وما تجنيه من ربح غير التعب والشقاء والتكرفيس في الطوبيسات والطاكسيات وكل وسائل النقل الأخرى من وإلى مقر عملها خاصة في هذه الأيام الماطرة بالنسبة للواتي لا يتوفرن على وسيلة نقل خاصة بهن ، مناسبة لطرح العديد من الأسئلة: - حول مدى مساهمة هذه المرأة في اقتصاد أسرتها الصغيرة وعائلتها ، وماذا يتبقى لها من راتبها وأجرها بعد خصم كل ما تنفقه من مدخولها على المظهر الخارجي واللباس والتنقل وعلى الكوافير ومواد وأدوات الزينة والتجميل وعلى الخادمة في البيت والواجب الشهري لدور الحضانة إذا كانت متزوجة ولديها أطفال صغار؟ - حول مسؤولية تربية الأولاد وما يترتب من آثار سلبية وانعكاسات على شخصيتهم وبنائهم السيكولوجي ، من جراء تفويت هذه المهمة للخادمات ولدور الحضانة التي لن تقوم بأي حال من الأحول مقام الأم في تربية الأولاد ورعايتهم ومدهم بما يحتاجون إليه من حب وعطف وحنان وبالجرعات الكافية وهم يخطون خطواتهم الأولى في هذه الحياة ، فتكون النتيجة أن هؤلاء الأطفال يكبرون وينشؤون فاقدين للشعور الإيجابي تجاه أمهاتهم وكأنهم أطفال أنابيب . - حول الإضافة التي تقدمها هذه المرأة في الإدارات العمومية وما هو دورها أحيانا ومحلها من الإعراب ، أتحدث هنا طبعا عن أولئك النسوة الموظفات اللواتي يقضين ساعات عملهن في الحديث مع زملائهن وزميلاتهن عن شغل الدار وعن آخر عمارة في الجلابة وعن العرس الفلاني والطهارة الفلانية ، عن البطبوط والرغايف والبصطيلة والمحنشة وكعب غزال ورزة القاضي ، عن آخر شهيوة قدمتها السيدة شميشة في التلفزيون يوم أمس بمقاديرها وكيفية إعدادها وتحضيرها . - حول مردوديتها وجدوى وجودها أصلا في بعض الإدارات ومقرات العمل التي تحمل إليها معها مشاكلها الخاصة وبعض الأشغال المنزلية كتنقية الفول والجلبانة والعدس والنافع والجلجلان ، وخياطة التريكو والطرز وترقيع ملابس الأولاد . - حول طريقة معاملتها للمواطنين الذين يطلبون منها خدمة ما أو استشارة أو وثيقة إدارية هي من صميم حقوقهم ومن صميم واجباتها المهنية ، وأسباب استقبالها لهم بوجه شاحب يفتقد إلى تلك الابتسامة الآدمية البريئة ، وبتلك الطريقة التي يطبعها الاحتقار للمواطنين والعجرفة والاستعلاء في كثير من الأحيان. - حول المجالات التي اقتحمتها المرأة والفتاة في بلادنا بكل جرأة وبكل تجرد من طبيعتها وأنوثتها ، وهي مجالات كانت إلى عهد قريب من مهام واختصاص الرجل لوحده نظرا لصعوبتها وعدم ملاءمتها لطاقة وفيزيونوميا المرأة وخطورتها على صحتها ، كسياقة الحافلات والشاحنات وسيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة وأشغال الميكانيك والسودور وغيرها من الأعمال الشاقة التي تتطلب خشونة كبيرة وقوة خارقة. - حول مساهمة المرأة في بطالة الشباب بشكل كبير ، إذ أنها أصبحت تزاحمهم في كل المجالات ، حتى في ارتياد المقاهي لا كزبون فحسب وإنما للعمل فيها كنادل . ألم يكف هذه المرآة / الأنثى ما يعطى لها من أسبقية وامتيازات في أسلاك الوظيفة العمومية ووظائف القطاع الخاص حتى تتجرأ وتتجرد من أنوثتها وحيائها وشرفها ثم تحمل " الصينية " لتوزع الشاي والقهوة ومعهما الابتسامات الملونة بكل ألوان الطيف على الرجال اللي يسوى منهم واللي ما يسواش طمعا في درهم أو درهمين على سبيل البوربوار . ما هذا المسخ وما هذا الاعتداء على حقوق الشباب في إيجاد فرصة عمل ، أليس من باب اختلال الموازين أن يجلس شاب عاطل بشهادة أو بدونها في مقهى بعدما جاب أطراف المدينة طولا وعرضا بحثا عن شغل كيفما كان نوعه ومقدار أجره بدون جدوى ، ثم تأتيه فتاة وتسأله آش تشرب فيجيبها القطران - عفوا - قهوة سوادء من فضلك ثم تنصرف - ويضيف مخاطبا نفسه - لأزيد بها أيامي سوادا في هذه الزمن الذي انقلبت فيه الأدوار وأغلقت فيه جميع الأبواب . إنه لمن المخجل حقا أن تشتغل الفتاة المغربية في هذه الفضاءات التي كانت إلى الأمس القريب من شغل واختصاص الذكور ، ولكنه مع الأسف زمن الحرية والليبرالية المطلقة في بلاد " اللي بغا يدير شي حاجة يديرها " بلا ضوابط وبلا توجيه ولا رقابة . ومن المؤسف جدا أن نجد في هذه البلاد أشخاص أعماهم الطمع والجشع وحب جمع المال إلى درجة التفكير في استغلال أنوثة المرأة وتوظيفها طعما لاصطياد الزبائن. وهكذا نجد أن أول ما يفكر فيه كل صاحب مقهى أو مطعم عندما يشعر بأن مشروعه مهدد بالإفلاس ، هو البحث عن فتاة جميلة وصغيرة السن لأن دورها في جلب الكليان وإنقاذ تجارته من البوار ضروري ومهم جدا في هذه الحالة ، وفي غالب الأحيان يكون اللجوء إلى توظيف وتشغيل الفتيات في هذه المقاهي والمطاعم من باب المنافسة ومن باب دير كيف ما دار جارك ولا سد باب دارك .. [email protected]