مَا تَبْكِيشْ آمِيمتي..ما تبكيش تنهمر دموعها على خدها، تخنقها.. تجلس في مقطورة القطار مضطربة.. تبرق عيناها، كأنها تبحث عن شئ مفقود أو وجه معلوم... يرن هاتفها ثانية.. تبكي أكثر.. ماتبكيش آميمتي... ماتبكيش.. ما عندي حتى درهم وخايفة من الكنترول.. إذا كنت غريبة، الله مع كل غريب. أطوي صحيفتي، تحرك دموعها بداخلي كل ذرة شفقة، أتبادل النظرات مع الركاب، يلح فضولنا على معرفة تفاصيل حكايتها.. تأبى، نلح عليها، نعرض عليها مساعدتنا... تعتدل في جلستها: - أنا من المنطقة الشرقية، زوجي يعمل بالصحراء المغربية طردتني حماتي - وهي خالتي أيضا - إني حامل في شهري الثالث، ولم تعطني ولو مصاريف السفر إلى أسرتي. قاطعتها: - لماذا لم تتصلي بأهلك؟ - أنا كبرى إخوتي، أبي توفي قبل شهر، وأمي معتدة.. سألت عن موعد القطار، لا أستطيع السفر ليلا... من الأفضل أن أذهب إلى الرباط أتدبر أمري مع الحافلة كما أوصتني أمي..وحين أصل سأؤدي ثمن التذكرة. حوقلنا ... رن هاتفها الأحمر.. أعادت باكية الجملة نفسها أتكون متسولة؟ لآ؟لآ أعوذ بالله ..إنها امرأة شابة أنيقة... في محطة الرباط، ودعناها وقد همت بتقبيل أيادينا.. صادفتها بعد أسبوعين بمحطة الرباط.. سألتها عن حالها وأهلها... فأخبرتني أنها بصدد إعداد ملف الالتحاق بزوجها الجندي.. دعوت لها وهرولت نحو القطار... بعد سنة ها أنا ذي أمامها بالمحطة نفسها.. توارت بين المسافرين، ربما تكون قد قرأت ما يعتمبل بداخلي.. زميلاتي اللائي يتنقلن يوميا بين القنيطرةوالرباط يعرفنها حق المعرفة.. إنها حقا مبدعة.. تسول راق في قالب درامي يصعب على محترفي المسرح أداءه بكل تلقائية. إلا أنها اصبحت تملك هاتفا أسودا.. ومازالت تقتنص ضحاياها - مثلنا - بين القنيطرةوالرباط..إلا أن الذيب كتدوز عليه مرة وحدة. (أديبة وقاصة مغربية