يتعرض القطار أحيانا، وفي أماكن معينة، للرشق بالحجارة، بسبب شغب بعض الشباب في بعض المناطق، مما قد يسفر قد يعرض سلامة الراكبين للخطر، لاسيما حين توجه الحجارة إلى النوافد الزجاجية، وهو ما يجعلنا نتساءل عمن يتحمل المسؤولية عن هذا الفعل. القاعدة القانونية تشدد على أن إصابة الضحية بجروح أثناء ركوبه القطار بسبب الرشق بالحجارة من خارج العربة يرتب المسؤولية على المكتب الوطني للسكك الحديدية، ولو بدون خطأ استنادا إلى نظرية المخاطر الناتجة عن أشياء خطيرة، والقطار من ضمنها، ولذلك لا موجب للدفع بكون الحادث ناتجا عن حادث فجائي أو قوة قاهرة. ولاحتساب التعويض الناتج عن الضرر اللاحق بالضحية يتعين استنادا إلى السلطة التقديرية للمحكمة بناء على العناصر الثابتة في الملف، وليس وفق ظهير 02/10/1984 الممنوح للمصابين في حوادث تسببت فيها عربات ذات محرك طالما أن الحادثة التي تعرضت لها الضحية وقعت داخل إحدى عربات القطار وليس فوق خط السكة الحديدية نتيجة اصطدام وقع أثناء عبورها. وفي قضية اليوم، سنسلط الضوء على حالة أحد ركاب القطار الذي تعرض لأضرار جسمانية بسبب أحجار ألقى بها البعض.. فرفع دعوى قضائية للتعويض ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية في شخص ممثله القانوني، بحضور العون القضائي للمملكة، فما هي حيثيات هذا الملف؟ أضرار جسمانية أصيب أحمد في رأسه وعينيه بعد أن تعرض، وهو على متن القطار التابع للمكتب الوطني للسكك الحديدية، لحجارة تسببت له في عدة أضرار جسمانية مثبتة في المحضر المحرر من قبل المصلحة القانونية للمكتب الوطني للسكك الحديدية، فتقدم بدعوى قضائية ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية، ملتمسا تحميل هذا الأخير مسؤولية الحادث. وبعد تقديم أحمد لشهادة طبية تثبت الأضرار الجسمانية التي لحقته، قررت المحكمة الإدارية بالرباط الحكم على مكتب السكك الحديدية بأداء تعويض مالي مسبق قدره (3000) درهم مع إجراء خبرة. وبعد المناقشة وإجراء خبرة واستنفاذ أوجه الدفاع قضت المحكمة بالحكم على المكتب الوطني للسكك الحديدية بأدائه لفائدة المدعي مبلغ 000,15 درهم مع الفوائد القانونية، وهو الحكم المستأنف أصليا من قبل المكتب الوطني للسكك الحديدية، وفرعيا من قبل أحمد. أعاب المكتب الوطني للسكك الحديدية (المستأنف أصليا) الحكم المستأنف بخرق القانون، ذلك أن الحادث الذي تعرض له المستأنف عليه لا يد للمكتب المستأنف في وقوعه، ومن ثم فهو يدخل ضمن القوة القاهرة التي عرفها الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود بأنها كل فعل لا يمكن دفعه يعد قوة قاهرة، وهو نفس المنحى الذي أكده الفصل 485 من (م.ت) الذي ينص على أنه: يسأل الناقل عن الأضرار اللاحقة بشخص المسافر خلال التنقل ولا يمكن إعفاؤه من هذه المسؤولية إلا بإثبات حالة القوة القاهرة أو خطأ المتضرر. نفي المسؤولية التمس مكتب السكك الحديدية طلبه أنه احتياطيا فإن التعويض الممنوح للمستأنف عليه يجب احتسابه استنادا إلى الفصل 26 من ظهير 02/10/84 ، على اعتبار أن أحكام هذا الظهير تطبق على العربات المتعلقة بالسكة الحديدية لا على السلطة التقديرية للمحكمة، ملتمسا إلغاء الحكم المستأنف وتصديا التصريح بانتفاء مسؤولية المكتب الوطني للسكك الحديدية؛ لما يكتسيه الحادث من قوة قاهرة، واحتياطيا اعتماد الحد الأدنى للأجر باعتبار أن الضحية لم يدل بما يفيد دخله طبقا لظهير 02/10/.1984 إلا أن الثابت من أوراق الملف، وخاصة المحضر المنجز من قبل رئيس محطة الرباط أكدال الذي يقر فيه هذا الأخير أن المستأنف عليه أحمد تعرض لأضرار جسمانية بتاريخ 09/10/1998 على متن القطار رقم ,131 وهو ما يؤكد أن الحادث وقع داخل القطار، وأنه تبعا لذلك فإن مسؤولية المكتب (المستأنف) في نازلة الحال تكون قائمة ولو بدون ارتكابه (أي المكتب) لأي خطأ من جانبه، استنادا إلى نظرية المخاطر الناتجة عن استعمال أشياء خطيرة كالقطار، خاصة وأنه ليس في الملف ما يثبت أن الضرر راجع لخطأ الضحية، مما يبقى معه ما أثاره المستأنف بخصوص القوة القاهرة غير ذي جدوى وما أثير في هذا الشق غير مؤسس. ذلك أنه من جهة أخرى فإن الحادث الذي تعرض له المدعي (المستأنف فرعيا) قد وقع داخل إحدى عربات القطار، وليس فوق خط السكة الحديدية، مما يتعين معه احتساب التعويض استنادا إلى السلطة التقديرية للمحكمة بناء على العناصر الثابتة في الملف، وليس وفقا لظهير 02/10/1984 المتعلق بتعويض ضحايا الحوادث التي تتسبب فيها عربات ذات محرك، مما يكون معه السبب المثار في هذا الشأن غير مرتكز على أساس ويتعين رده. طعن في الخبرة وأعاب المكتب الوطني للسكك الحديدية الحكم باعتماده على خبرة غير موضوعية، ولا تعكس على حق جسامة الأضرار التي أصابته من جراء الحادث، ملتمسا أساسا إجراء خبرة مضادة تكون أكثر إنصافا، وتحدد بدقة نسبة الأضرار التي لازالت عالقة به، وبصفة احتياطية احتساب التعويضات المستحقة وفق ظهير 02/10/84 على أساس نسبة العجز التي خلصت إليها الخبيرة الدكتورة على أساس 10 في المائة من العجز الجزئي الدائم، وهو ما يمثل مبلغ 00,050,32 درهم عن العجز الجزئي الدائم، ومبلغ 00,000,11 درهم عن العجز الكلي المؤقت ومبلغ 00,865,7 درهم كتعويض عن الآلام أي ما مجموعه 00,915,50 درهم. وترى محكمة الاستئناف الإدارية أن الخبرة المنجزة من طرف الدكتورة قد جاءت مستوفية لعناصرها الشكلية والموضوعية، ومراعية لمقتضيات الحكم التمهيدي القاضي بإجرائه، مما ترى معه هذه المحكمة أنها موضوعية بعد أن حددت نسبة العجز الجزئي الدائم في نسبة 10 في المائة، وهي نسبة ملائمة للضرر اللاحق بالضحية، الشيء الذي لا يستدعي إجراء خبرة مضادة، فكان ما أثير في هذا الشق غير منتج. من جهة ثانية فإن الثابت حسب تقرير الخبرة المنجز من قبل الخبيرة الدكتورة، والمعتمد من لدن المحكمة الإدارية يتبين أن التعويض المحكوم به على أساس نسبة 5 في المائة من العجز الجزئي الدائم، خلافا لما خلصت إليه الدكتورة أعلاه؛ التي حددته في نسبة 10 في المائة، يتسم بالإجحاف وعدم الموضوعية في التقدير، مما ترى معه المحكمة رفع هذه النسبة إلى 10 في المائة، ومن ثم رفع التعويض المحكوم به إلى مبلغ 00,000,30 درهم ليشمل كافة الأضرار التي تعرض لها المدعي (المستأنف فرعيا)، فكان الاستئناف مؤسسا جزئيا في هذا الشق. وبخصوص ما أثاره المستأنف من وجوب تطبيق ظهير 02/10/1984 لاحتساب التعويض، فلا موجب لمناقشته من جديد بعد أن تمت الإجابة عنه عند مناقشة الاستئناف الأصلي-حسب تعليل المحكمة.