ثمة حاجة إلى مناقشة مسؤولة للموقف المطلوب مما تعرفه منطقة القبايل الجزائرية، إذ تعرف أوضاعا متوترة ومطالب متصاعدة بحكم ذاتي تفقد معه الدولة الجزائرية السلطة الفعلية، وتصبح سيادتها من الناحية العملية سيادة شكلية، وهو الموقف الذي يلقى صدى هنا عند فئات غير رسمية، بعضها معروف بنشاطها في الساحة الأمازيغية، مما يدفعه للانزلاق التلقائي نحو دعم ما تعبر عنه حركة الحكم الذاتي في منطقة القبايل، والبعض الآخر محكوم بنزعة توظف هذه القضية في مواجهة الجزائر كرد فعل على توظيفها المعادي للمغرب في قضية الصحراء المغربية. إذ نذكر بداية بشرعية المطالب القائمة حول النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيين في الجزائر، ودعمنا للمطالب الداعية لاحترام مقتضيات حقوق الإنسان في التعاطي مع الاحتجاجات التي تنشأ حول المطالب ذات الخلفية اللغوية والثقافية، خاصة وأن الأخطاء الأمنية الفادحة للحكم الجزائري، والتي ارتكبت، فاقمت من المشكل ومنحت خلفية سياسية لمطالب ما يسمى بتنسيقية العروش القبايلية. لكن ما هو الوجه الخفي لما يقع في القبايل، ويفرض علينا في المغرب أن نقف في مواجهته بنفس القوة التي نواجه بها المشروع التقسيمي للمغرب، مما قد يعزز من مصداقية مواقفنا عند النخبة الجزائرية، والتي يصر بعضها على قلته على رفض الأطروحة الانفصالية في المغرب. إن ما يقع في القبايل هو جزء من مشروع تقسيمي تجزيئي غربي يستهدف الجزائر، ولا يختلف بحال عن المشروع التقسيمي الذي يستهدف المغرب، ويتيح للغرب آليات فعالة للتدخل في الشأن الجزائري واستنزاف قدرات الشعب الجزائري وإمكاناته، كما أن ذلك أيضا جزء من مشروع يستند على تجربة الكنيسة العالمية مع جنوب السودان، ومحاولة نقلها إلى الجزائر عبر التركيز التنصيري الفج على منطقة القبايل الجزائرية، والسعي لتحويلها إلى بؤرة تنصيرية في المنطقة، وتضاف إلى ذلك الخيوط الصهيونية التي ترى في ذلك ورقتها للتطبيع مع الجزائر. إن المبادئ التي توجهنا في رفض التقسيم وتمكين الأعداء من أدوات للتدخل والتحكم في المغرب هي نفسها التي ينبغي أن توجه الموقف المطلوب مما يجري في الجزائر، وما عدا ذلك فهو لعب بالنار.