لم يفرج لحد الآن عن مشروع إعادة هيكلة سوق القريعة القديمة الموجود على تراب مقاطعة الفداء بمنطقة درب السلطان، الذي يروج الحديث عنه كلما تعرض السوق للحريق، لكن من دون أن يرى له أثرا على أرٍض الواقع، في حين يؤكد عدد من التجار أن النقاش حول المشروع لم تكتشف معالمه بعد. رغم الأهمية القصوى التي يلعبها هذا السوق (أحدث عام 1957)، في الرواج التجاري الذي تشهده مدينة الدارالبيضاء، (يوجد في المرتبة الثانية، بعد سوق درب غلف بمقاطعة المعاريف)، رهين الفوضى العارمة التي يتخبط فيها. ومن الأشياء التي يشتكي منها تجار سوق القريعة ارتفاع السومة الكرائية للمحلات، إذ يؤكدون أنه بعدما كانوا يؤدون حوالي 30 درهما كواجبات للكراء، تضاعف هذا المبلغ عشرات المرات، وقد سبق أن كانت هذه القضية مثار احتجاج مجموعة من التجار، قبل أن يستسلموا لرغبة المجلس الجماعي، فيما ارتفعت مطالبهم مؤخرا بإعطاء الضوء الأخضر لمشروع إعادة هيكلة السوق، لأنه الحل الوحيد بحسبهم لتجاوز كل القضايا المتعلقة بأكبر فضاء تجاري بالدارالبيضاء. والذي كان قد خصه مبارك ربيع بالذكر في روايته الريح الشتوية، حيث وصفه بالقول: ( القريعة مرتع خصب لكل نشاط: التجارة والشعوذة والتسول والنصب والاحتيال، والمدينة ما خلقت للبيب ظرفا صالحا للاسترزاق أنسب من هذا الخليط المزدحم ، فما عليه إلا أن يختار زبونا صالحا يرعاه فترة كافية بالعين، حتى إذا تأكد من امتلاء حافظته خلق الفرصة أو انتهزها ليرسل أنامل لطافا لا وزن لها ولا سمك تتسرب إلى جنبات الزبون وتفرغه مما يحتويه في خفة النسيم. بيد أن الربح لا يكون صافيا ، فالأعوان السريون للشرطة منبثون في كل جانب ولا يرضون بغير النصيب الأوفر مما يتم من عمليات تحت ضمانتهم). وتتراص في سوق القريعة الحوانيت الخشبية والخيام من كل حجم ولون، فالسوق يحتضن حوالي 2417 محلا تجاريا، ويتراوح ثمن المحل الواحد بين 30 مليونا إلى 90 مليون سنتيم، وينتشر صغار الباعة والوافدون والمحترفون على مساحة شاسعة، ويشتهر السوق ببيع الملابس المستعملة، لكن شهرنه لم تبق منحصرة في هذا الإطار الضيق، بل اتسعت، كي تشمل بيع الحيوانات، كالطيور والسلاحف والأسماك، بل إنه يخصص فيه يومي السبت والأحد، لبيع الكلاب بمختلف أشكالها وأنواعها، حتى المحظورة منها.