إنه واحد من الأسواق الكبرى في المدينة الاقتصادية، يزوره كل يوم سبت وأحد ما يعادل نصف سكان مدينة المحمدية، إنه سوق "القريعة" في الدارالبيضاء.سوق القريعة يتكون من 2417 محلا تجاريا (أرشيف) فرغم أهمية الرواج التجاري الذي يشهده هذا السوق، فإنه ما يزال أسير الفوضى. ويوجد في هذا السوق، حسب تصريحات بعض التجار حوالي 2417 محلا تجاريا توفر للمواطنين كل ما يحتاجونه من سلع مختلفة. جلس الحاج عمر (اسم مستعار لتاجر بسوق "القريعة" في الدار البيضاء) أمام محله التجاري يراقب بتمعن الحركة التجارية، التي يشهدها هذا السوق، الذي يعد من أكبر الفضاءات التجارية في العاصمة الاقتصادية. منظر صياح الباعة المتجولين الذين يحيطون بسوق "القريعة" ليس غريبا على هذا الرجل، فقد اعتاد منذ سنوات على سماع أصوات الباعة وهم يتنافسون لبيع سلعهم. أصبح سوق "القريعة" قبلة لعدد من الشباب، الذين ضاقت بهم السبل لعرض سلع عبارة عن ملابس جاهزة وأحذية رياضية جديدة وقديمة لبيعها في هذه المنطقة، التي تعد من أكبر المناطق التجارية على صعيد ولاية الدارالبيضاء. المرتبة الثانية يوجد هذا السوق من حيث الرواج الاقتصادي في المرتبة الثانية، بعد سوق درب غلف بمقاطعة المعاريف، إذ لا يتعب المرء كثيرا لإيجاد ضالته هناك، حيث يوفر للزائر كل ما يتعلق بالمعدات المنزلية أو النجارة أو الملابس، "فالقريعة" عبارة عن مركز تجاري كبير. رغم الأهمية القصوى التي يلعبها سوق "القريعة القديمة" في الرواج التجاري الذي تشهده مدينة الدارالبيضاء، فإنه لحد الساعة لم يفرج عن مشروع إعادة هيلكته، حسب أحد التجار، الذي تساءل، هل هناك نية لدى السلطات العمومية لتحويل هذا السوق إلى فضاء آخر؟ وقال "لأزيد من عشر سنوات وأنا أشتغل تاجرا في هذا السوق، وما زلت أجهل هل هناك فعلا مشروع لدى السطات العمومية لتحويل هذا السوق إلى منطقة أخرى". تساؤل هذا التاجر مرده إلى الحديث الذي يروج من حين إلى آخر حول مشروع إعادة هيكلة سوق القريعة، إذ كلما تعرض هذا السوق إلى حريق إلا ويعلن عن ضرورة إعادة هيكلته، على اعتبار أنه لا يعقل أن يبقى هذا السوق رهين الفوضى العارمة التي يتخبط فيها. التأكيد نفسه يذهب إليه عدد من التجار الذين أوضحوا أنه ما يزال هذا المشروع في حيز النقاش، ولم تكتشف معالمه بعد. في زواية بجانب أحد المحلات، جلست امرأة عجوز في عقدها السادس، تطحن الحناء، غير مكثرثة بالروائح الكريهة المنبعثة من مجاري المياه التي تمر من أمام محلات إصلاح الدراجات النارية، فالظروف الصعبة وحدها من اقتادت هذه السيدة لاختيار هذا المكان. هذه المرأة التي قد يمر زائر هذا السوق دون أن يلتفت حولها، هي واحدة من عشرات من المواطنين الذين يعتبرون القريعة مصدر رزقهم الوحيد، فهم يمتهنون حرفا بسيطة لضمان قوتهم اليومي، مسلحين بالصبر والكفاح، في مكان لا يعترف إلا بذوي الحنجرات القوية. ويعرض الباعة المتجولون السلع ذاتها، التي يبيعها تجار المحلات التجارية، وهذا الأمر يثير استفزاز التجار، على اعتبار أنه إذا كانت السلطات العمومية تريد فعلا تنظيم المجال التجاري في هذه المنطقة، فعليها أن تحارب الباعة المتجولين. وبين الحين والآخر تشن السلطات في الفداء حملة لاستئصال الباعة من هذا المكان، إلا أنها لا تتمكن من ذلك، خاصة مع وجود إصرار كبير من لدن هؤلاء الباعة على البقاء في المكان نفسه، لأنه يعد بالنسبة إليهم موقعا استراتيجيا مهما. ويوجد في سوق "القريعة" بالدارالبيضاء حوالي 2417 محلا تجاريا، ويتراوح ثمن المحل الواحد بين 30 مليونا إلى 90 مليون سنتيم، وتعرض في هذا السوق العديد من السلع، من بينها الملابس الرياضية والأحذية والأثاث المنزلي والأثواب والذهب. وأحدث عام 1957. ما يناهز 100 ألف زائر يزور "القريعة القديمة" كل يوم سبت وأحد 100 ألف زائر، وهو الرقم الذي يعادل نصف سكان مدينة المحمدية، وكل يجد ضالته فيه، إذ يتوفر على 2417 محلا تجاريا. ومن الأشياء التي يشتكي منها تجار سوق "القريعة" ارتفاع السومة الكرائية للمحلات، إذ يؤكدون أنه في ظرف سنوات قليلة، ارتفع ثمن الكراء إلى أكثر من الضعف، وبعدما كانوا يؤدون حوالي 30 درهما كواجبات للكراء، تضاعف هذا المبلغ عشرات المرات، وقد سبق أن أثارت هذه القضية احتجاج مجموعة من التجار، الذين اعتبروا أنه ليس من حق أي أحد الزيادة في ثمن المحلات، لكنهم في آخر المطاف استسلموا لرغبة المجلس الجماعي، إلا أن هذا لم يمنعهم من رفع أصواتهم، مطالبين بإعطاء الضوء الأخضر لمشروع إعادة الهيكلة، لأنه الحل الوحيد لتجاوز كل القضايا المتعلقة بهذا السوق.