هل سيكون للتمويلات الإسلامية قيمة مضافة على الاقتصاد الوطني؟ سؤال يتردد لدى الفاعلين الاقتصاديين منذ دخول هذه التمويلات حيز التنفيذ نهاية سنة .2007 وازداد السؤال حدة، خصوصا أن الخبراء أكدوا أن الأبناك الإسلامية أثبتت قدرة كبيرة إزاء الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالعديد من الأبناك وخلفت خسائر اقتصادية ومالية كبيرة. يرى عدد من المهنيين أن المرابحة ستدفع عددا من الأسر إلى اقتناء الشقق والسيارات والأراضي، وهو ما سيؤدي إلى الرفع من مبيعات هذه منقولات والعقارات؛ خصوصا في ظل الركود الذي تعرفه هذه القطاعات. وستسهم التمويلات الإسلامية في الرفع من نسبة الاستبناك التي لا تتجاوز في المغرب 30 في المائة. ويمكن أن تسهم التمويلات الإسلامية الموجهة للمقاولات سلام واستصناع في الدورة الاقتصادية على اعتبار أن الصيغة الأولى يقتني بموجبها البنك سلع أو مواد بطلب من الزبون الذي بدوره يعاود المتاجرة بهذه السلع، والثاني يطلب الزبون من المقاولة أن تصنع له موادا؛ وذلك بتمويل من المؤسسة البنكية. ويكون لهذه التمويلات إذا تم اعتمادها بالمغرب أثر إيجابي على المقاولات، خصوصا الصغرى والمتوسطة، على اعتبار أن هذه الأخيرة تشكل 90 في المائة من النسيج الاقتصادي المغربي، فضلا عن مساعدة العديد من الشباب في إحداث مقاولات والدخول إلى الدائرة الإنتاجية. وحسب الباحث مصطفى فاتيحي، فإن البنوك التقليدية لم تفلح في تعبئة الموارد المالية الكافية للإسهام في تمويل التنمية الاقتصادية، ومن أجل مواجهة العقبات التنموية وإرساء قواعد النمو الاقتصادي السليم، ينبغي الاهتمام بالمحيط الثقافي، بمعنى الإسهام في إنشاء بنوك تتماشى مع القيم الثقافية لكل مجتمع، ويلاحظ أن البنوك التجارية التي أقيمت في الدول النامية لم تتمكن من القيام بدور فعال في تمويل التنمية، سواء من خلال طبيعتها الاقراضية أو تعبئة الموارد الادخارية، وعلى ذلك فإن البنوك الإسلامية التي أنشئت في هذه الدول يقع عليها عبء الإسهام في هذا الأمر، وقد لوحظ أن بعضا منها استقطب مدخرات كبيرة، مما يعني المساهمة في خدمة أغراض التنمية الاقتصادية. وأضاف فاتيحي بالقول: إن التمويلات البديلة ستسهم في التنمية الاقتصادية من خلال إخراج الثروات العاطلة وإنعاش الاستثمار، فالأموال العاطلة، أي التي لا تدخل الدورة المالية عبر البنوك ومؤسسات الادخار، تقدر في العالم الإسلامي بعشرات ملايير الدولارات. وهذه الأموال المجمدة والمعطلة يحتفظ بها في البيوت والمخازن تحفظا من إيداعها لدى البنوك، وكمقياس على مقاطعة المواطنين للأبناك نجد أن نسبة الأفراد العاملين في المغرب الذين يتوفرون على حساب بنكي لا يتجاوز 15 في المائة أو 20 في المائة. ومعالجة هذا الضعف في هذه النسبة يمكن أن تحققه التمويلات البديلة. وذلك من خلال تطور كمي، وهو دخول أموال كثيرة إلى الدورة الاستثمارية بعد أن كانت مجمدة وتشكل مصدرا ورافدا من روافد التمويل، بالإضافة إلى تطور نوعي، إذ ستشهد تحول قسم كبير من الحسابات يصعب توظيفها على البنوك إلى حسابات استثمار. وأبرز فاتيحي أن المغرب في أمس الحاجة إلى إنعاش الاستثمار من أجل التغلب على كثير من المشاكل والمعضلات الاجتماعية والاقتصادية، ومن ثم يتوجب على المسؤولين وصناع القرار الاستفادة من تجربة البنوك الإسلامية حتى تنجح المنتوجات البديلة في تحقيق الأهداف المرسومة والآمال المعلقة عليها؛ فالبنك الإسلامي صلة وصل بين الادخار والاستثمار، وهو يعتبر بنكا للتنمية أكثر منه بنكا تجاريا، نظرا لأن مقياس المردودية في هذه المؤسسة يعتبر البعد الجماعي بدلا من العنصر الفردي المحدد. كما يمكن أن تشكل المنتوجات البديلة نقطة تحول لدى المقاولات الصغرى التي تضطلع بدور فعال في مجتمعاتنا، فهي تشغل أكثر من نصف اليد العاملة، وهي توجد في جهات مختلفة عكس الشركات الكبرى التي تتمركز في المدن. ويمكن للمنتجات البديلة أن تسهم بفعالية في التنمية الجهوية، وذلك أن اعتماد سياسة المشاركة في الربح والخسارة تجعل البنك قريبا من العميل من أجل المراقبة والإرشاد والإشراف؛ حرصا على نجاح المشروع، عكس البنك التقليدي الذي يأخذ الضمانات، ومن ثم لا تهمه النتائج. وشدد منصف بن الطيبي، خبير في المحاسبة واستشاري في المالية الاسلامية، أن العديد من الأفراد ينتظرون هذه الخطوة، مما سيكون له أثر على ارتفاع نسبة مبيعات السكن، وامتلاك العديد من الأسر التي كانت محرومة في السابق من السكن.