رغم أنها تعلمت ووصلت إلى مراكز عليا واقتحمت مراكز القرار، ما تزال تستغل للتسويق والإثارة، وما يزال جسد المرأة يستغل عامل إغراء لشد الانتباه، وتحريك نزعة الاستهلاك من يتتبع بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة يظهر له بجلاء كيف يتم استغلال صورة المرأة استغلالا سيئا وسلبيا؛ لا يرقى إلى المستوى العلمي والثقافي والاجتماعي الذي اجتهدت المرأة منذ سنوات لتصل إليه، إذ ما تزال العديد من المجلات، لاسيما منها الموجهة للمرأة، أو ما يطلق عليها بالمجلات النسائية، العربية منها والفرنكفونية، لا ترى في المرأة سوى موضوع لإثارة الغرائز، وعرض المنتوجات والتسويق لدور الأزياء ومواد التجميل، لهثا وراء الانتشار وجلب الإشهارات وتحقيق المكاسب المادية، ولا يختلف الحال بالنسبة للقنوات التلفزية والفضائية والإذاعية كذلك. فالمرأة حسب جل هاته الوسائل الإعلامية، تعرض سلعة رخيصة من أجل الأزياء وأدوات التجميل، وجسدا مثيرا في الإعلان عن السيارات، والمواد الخاصة بالرجال، والأدوات الرياضية، وغيرها. إذ يسعى المعلنون عادة إلى رسم صورة ذهنية للمنتوج مقرونة بصور الإغراء التي تنبعث من الأنثى المصاحبة للمنتوج. الجرعة الزائدة عشرات النسخ من مختلف المجلات الغربية والعربية والوطنية النسائية تتوزع بإتقان فوق الرصيف عند جل باعة الجرائد والمجلات وأصحاب الأكشاك، تختلف في الشكل والمضمون والهوية، لكن قاسمها المشترك وضع صور النساء على أغلفتها بأشكال وأوضاع تختلف حسب الخط التحريري للمجلة ودرجة جرأتها حتى ليخيل إلى المتصفح أنها من طينة واحدة، فوجوه الفنانات تكاد لا تغيب في مجلة منها، ومن كثرة التشابه فيما بينها يقضي المرء وقتا أطول لمعرفة الجهة والبلد المصدر لتلك المجلة. أسماء وبديعة طالبتان جامعيتان، ظلت عيناهما تنتقل من مجلة إلى أخرى، يتصفحن وجوه نساء الأغلفة.. وقبل أن تتسمر عيناهما على صورة لارغيت، تأكدن أولا أن المجلة مغربية، قبل أن تصدر إحداهما صرخة مكتومة عبرت من خلالها عن عدم تصديقها لما وصفته إحدى الجرائد الوطنية ب الجرعة الزائدة للجرأة. واش هادشي في المغرب؟، تتساءل صديقتها التي تناولت المجلة واتجهت رأسا إلى موضوع الغلاف واستغرقت مشدوهة في تصفح ما كتب فيه، ثم وضعت المجلة وحركتا رأسيهما استغرابا ودهشة. زوق تبيع صراحة.. إنها تتشابه، جميعها تركز على عرض الصور الجميلة للنساء.. زوق تبيع، هكذا فسرت أسماء تهافت المجلات على استغلال صور النساء على الأغلفة..، وحتى إذا اختارت رجلا موضوعا لغلافها، تختار صورة تجمعه بزوجته أو ابنته في أبهى حللها، مشيرة إلى إحدى المجلات العربية التي تتحدث عن فنان وبجانبه ابنته على الغلاف. صاحب كشك آخرر استعرض بطريقة فنية خليطا من المجلات الأجنبية منها والعربية.. العربية ركزت على صور الفنانات بصفة خاصة، فهذه استعانت بفنانة، وتلك بممثلة وأخرى بمذيعة.. يجمع بينهن التركيز على جميعهن في أبهى حللهن.. وفي أوضاع تجذب فضول المتصفحين.. وبعناوين تركز على جانب خاص في حياتهن يثير اهتمام عشاقهن ومتتبعي أخبارهن. صورة نمطية هند طالبة باحثة، ترى أن استغلال صور النساء في الإعلام ما يزال يكرس الصورة النمطية للمرأة، فرغم أنها تعلمت ووصلت إلى مراكز عليا واقتحمت مراكز القرار، ما تزال تستغل للتسويق والإثارة، وما يزال جسد المرأة يستغل عامل إغراء لشد الانتباه، وتحريك نزعة الاستهلاك لدى المرأة الأخرى المتلقية، موضحة أن النساء اللواتي يتم اختيارهن لغلاف المجلة، لاسيما في بعض المجلات العربية، أصبحن موديلا لتسويق الأزياء والاكسسوارات وأدوات الزينة، فبعض المجلات تخصص صفحات عديدة لضيفة المجلة، وتظهر صورها في أزياء متعددة؛ مع ذكر دار الأزياء ومحلات الأكسسوارات وغيرها، وهي بذلك تمرر مادة إعلامية بهدف استهلاكي تجاري خدماتي لدور الأزياء وغيرها.. رأي هند، جرنا إلى الحديث عن صورة المرأة في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والتفاعلية كالأنترنيت.. فخلصت إلى أن صورة المرأة في جل هاته الوسائل الإعلامية لم يتغير، موضحة أن دور المرأة ما يزال رهن إشارة الإعلانات التجارية، وخدمة الرأسمال، موضحة أن الإعلانات التي تهيج بها وسائل الإعلام باختلاف مشاربها، أسهمت في قولبة صورة المرأة، واعتبارها وسيلة دعاية تجارية، تستغل جسدها وصورتها وصوتها، وتفرض عليها أنماط معينة من السلوكات والحركات لشد الآخر إلى منتوجاتها التجارية كمواد النظافة، والمواد الغذائية، ومواد التجميل، وآخر صيحات الموضة.. وبالرغم من أن المرأة تضيف استطاعت الرقي بمستواها العلمي والمعرفي، ما تزال بعض وسائل الإعلام تقدمها على أنها لعوب، تخطف أفئدة الرجال وعقولهم بغنجها وزينتها، ولا هم لديها إلا العناية بجمالها وزينتها وأزيائها.. جسد للإغراء بدوره يرى الإعلامي الخلافة أن المسح البصري العابر لمجموعة الوسائط الإعلامية، خاصة المتصلة بالإعلام المكتوب والمرئي (صحف، مجلات، وفضائيات..)، يبرز استثمار الأنثى مؤثثا أساسا لجلب قراء أو مشاهدين كثر من مختلف الفئات الاجتماعية، خاصة فئة الشباب. مضيفا أنه ما زالت صورة المرأة بمواصفات خاصة هي أساس الصورة أو الغلاف، سواء في الفضائيات العربية أو بعض الصحف اليومية، التي لا تراعي مشاعر القارئ بالإصرار على تضمين الصفحة الأخيرة أو الأولى بصور تخل أحيانا بالحياء العام. وإذا كان من تحرك لتفادي هذا التوظيف السيء لصورة المرأة في الإعلام، فهو موكول حسب المتحدث نفسه للمنظمات المدافعة عن قضايا المرأة أولا، إذ نحت بعض هذه المنظمات مهاجمة الثوابت الأخلاقية والدينية كعوائق لتحصر وتقدم المرأة، غاضين الطرف عن هذا التوظيف برغم الوعي به. ويأتي في المرحلة الثانية تحرك المجتمع المدني لتفعيل القوانين المجرمة للإخلال بالأخلاق العامة وما يضمنه قانون الصحافة في هذا الشأن. أما الصحفي أشرف فيرى أن صورة المرأة المغربية في وسائل الإعلام من صحف ومجلات وفضائيات وإذاعات خاصة ما تزال بعيدة عن جوهر ومضمون الأدوار التي تؤديها المرأة المغربية الحقيقية التي تنتمي إلى عمق هذا المجتمع المسلم، فهي إما امرأة تبرز مفاتنها الجسدية وتكون محور إغراء جنسي أحيانا كثيرة في بعض المجلات المخملية ذات الأوراق الصقيلة والملونة، والتي صارت معروفة بتوجهاتها الحداثية المثيرة للجدل. نظرة دونية كثيرون ممن التقتهم التجديد أكدوا أن المرأة المغربية تبرز في مثل هذه المطبوعات في صورة كائن لا يعرف سوى اللباس والموضة وتزيين الوجه والبحث عن الحمية والرشاقة لإغراء الرجل، وهذه نظرة ولا شك دونية لكائن رقيق رفعه الله تعالى وكرمه على أن يكون عبدا لأغلال الجسد ومتطلباته الظاهرة التي لا تستحق كل ذلك الاهتمام، وإلا أين مشاكل المرأة العاملة والموظفة وماتعانيه في شغلها، وأين هموم وحقوق المرأة ربة البيت وباقي الفئات التي همشتها بعض وسائل الإعلام بالمغرب؟ ويرى هؤلاء أن أكثر الوصلات الإشهارية على سبيل المثال تركز على الطابع الاستهلاكي للمرأة، فكأنها هي المستهلك الوحيد دون الرجل، وتظهر فيها بصورة البدوية الأمية والجاهلة، أو تلك التي يدور عالمها كليا حول الصابون ومواد التنظيف، تفرح لنظافة لباس زوجها وتحزن لأوساخ ثياب أبنائها.. ويقدم الإشهار أيضا المرأة المغربية على أنها معمل لتفريخ الطلبات الاستهلاكية، فهي تحلم بالهاتف المحمول والحاسوب المحمول، كما أنها تركض خلف العلك ومشتقات الحليب، ولا تصبر على فراق قارورة الزيت المفضل لديها.. **** صورة لارغيت خلال الأيام الماضية أثارت صورة مذيعة القناة الثانية السابقة لارغيت على غلاف العدد الأخير من مجلة نساء المغربجدلا كبيرا وسط رجال الإعلام والثقافة، أحد الذين شغلتهم الصورة هو صاحب كشك وسط العاصمة الرباط اختار من جهته إبراز موقفه بوضع كتب على الصورة بشكل يبرز الرأس فقط، وشرح سبب إقدامه على ذلك لالتجديد بأن أزاح تلك الكتب، مشيرا بيده إلى الجسد العاري في الصورة، وقال بلهجة تهكمية أخفي هاته الفضيحة، ليضيف؛ لقد فكرت في أن أزيل جميع النسخ.