على الرغم من مرور 53 عامًا على ذكرى المجازر الدموية التي اقترفتها قوات الاحتلال الصهيوني، لا تزال تفاصيلها الوحشية محفورة في ذاكرة أحفاد الشهداء والجرحى الذين جرى استهدافهم بشكل جماعي في واحدة من أبشع المجازر في العصر الحديث. ومع حلول الذكرى التي نكأت جرحًا غائرًا في الألم والمعاناة الممتدة عبر أكثر من خمسة قرون، يطلق أهالي خان يونس جنوب قطاع غزة تحركًا على قاعدة "لن نغفر ولن ننسى"، من أجل التحضير لملاحقة قادة الكيان الصهيوني الإرهابي على مجازره البشعة. لجنة لإحياء المجزرة وتوثيقها وأكد المحامي سليم السقا رئيس لجنة إحياء المجزرة الصهيونية وتوثيقها التي تصادف هذه الأيام ذكراها الثالثة والخمسون؛ أن ما قامت به قوات الاحتلال بحق المدنيين الآمنين من خلال هذه المجازر يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة إبادة جماعية طبقًا لقواعد القانون الدولي ومبادئ القانون الدولي الإنساني، وطبقًا لاتفاقيات "جنيف" الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب. وقال السقا أمام قلعة خان يونس، وبحضور عشرات المواطنين من أحفاد ضحايا المذبحة: "هذه الجريمة والمجزرة مهما طال عليها الزمن تبقى في عرف القانون الدولي جرائم مستمرة، ولا تسقط بالتقادم". وأكد أن "لجنة إحياء وتوثيق مجزرة خان يونس" التي أنشئت بعد اجتماعٍ دعت إليه بلدية خان يونس، تم تكليفها من قِبَل أهالي شهداء المجزرة بإجراء اتصالات مع محامين وحقوقيين لدراسة إقامة دعاوى جزائية ضد الكيان الصهيوني وقادته المتورِّطين، ودعاوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن مسؤوليتهم عن تلك المجازر. مطالبة بلجنة تحقيق دولية وطالب السقا "المجلس العالمي لحقوق الإنسان" التابع ل"الأممالمتحدة" بإجراء التحقيق والتوثيق من خلال إرسال لجنة تحقيق دولية للتحقيق في مجازر الاحتلال وجرائمه التي ارتكبها بحق المدنيين في مدينة خان يونس ومخيمها وقراها أثناء اجتياح قطاع غزة سنة 1956م. وأهاب رئيس اللجنة بمنظمات حقوق الإنسان الدولية فتح ملف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، سيما ملف مجزرة خان يونس، وإعطاءه أولوية خاصة؛ من أجل ردع قوات الاحتلال عن ارتكاب المزيد من المجازر. ودعا جميع مؤسَّسات حقوق الإنسان المحلية والعربية، بتوثيق جميع جرائم الاحتلال والتحقيق فيها، وإعداد ملفات كاملة عنها؛ لوضعها تحت تصرُّف لجان التحقيق الدولية، أو التوجُّه بها إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية. دعوة للإعلام وحثَّ السقا جميع المؤسَّسات الإعلامية والصحفية والفضائيات على تغطية ذكرى المجزرة، وإعداد ونشر أفلام وثائقية وتقارير صحفية تظهر هول المجزرة؛ ليعلم العالم أجمع ما ارتكبته "الدولة العبرية" من مجازر، مؤكدًا استمرار فعاليات اللجنة لتشمل جميع المدارس والجامعات والمساجد والمؤسَّسات حتى الثاني عشر من الشهر الجاري. ذوو الضحايا: يموت الكبار ولن ينسى الصغار بدورها تلت الفتاة ندى عبد الناصر الفرا حفيدة الشهيد قاسم سعيد الفرا (أحد ضحايا المجزرة التي خلفت أكثر من 500 شهيد) رسالة باللغتين العربية والإنجليزية؛ أكدت فيها أن "شعبنا لن يغفر ولن ينسى". وقالت الفرا بنبرة قوية: "إننا شعب لا ينسى شهداءه؛ لأنهم محفورون في الذاكرة وخالدون في القلب؛ يموت الكبار ولن ينسى الصغار، وسيحملون الأمانة في أعناقهم وفاءً لدماء الشهداء، وعهدًا أن نستمرَّ على الطريق الذي قضوا من أجله". وناشدت الجهات الحقوقية المحلية والدولية إجراء التحقيق ومحاكمة مرتكبي هذه المجزرة، وتقديمهم أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب؛ حتى يشعر الشعب الفلسطيني أن العدالة وإن تأخرت لا بد أن تصل في النهاية إلى الجميع. وأضافت أن "هذه الجرائم لا يسري عليها نظام التقادم طبقًا لقواعد القانون الدولي، ونحن لن ننساها ما حيينا، وسيذكرها أبناؤنا جيلاً بعد جيل". وقائع المجزرة الجدير بالذكر أن قوات الاحتلال الصهيونية أقدمت خلال الفترة (3 : 12-11-1956) -وبعد أن نجحت في اجتياح خان يونس أثناء اجتياحها قطاع غزة خلال العدوان الثلاثي؛ وذلك بعد أيام من المقاومة الضارية- على جمع مئات المواطنين في الساحات والمدارس وإطلاق النار المباشر؛ حيث ارتكبت عدة مجازر متفرقة استشهد من جرَّائها أكثر من 525 شهيدًا وإصابة العشرات الذين نجوا بأعجوبة بعد أن ظن المحتلون أنهم استشهدوا. ولم تحْظَ المجزرة -رغم بشاعتها- بأي اهتمام إعلامي بارز يوازي حجم الإرهاب والدموية التي نفذتها قوات الاحتلال، والتي تمثلت في اقتحام البيوت والطلب من الشباب والرجال التجمُّع في الساحات وإطلاق النار المباشر عليهم واغتيالهم بشكل جماعي في واحدة من أبشع مجازر التاريخ المعاصر.