كيف تقيمون لعبة الشد والجدب بين الدولة وجماعة العدل والإحسان في ضوء هذا التقرير؟ يأتي التقرير الذي أصدرته الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان بمناسبة انعقاد الدورة 14 لمجلسها القطري ضمن سياق سياسي شبه سلطوي حكم العلاقة بين الدولة وجماعة العدل والإحسان منذ ثلاث عقود. سياق يتميز بتغاضي الدولة على بعض ممارسات جماعة العدل والإحسان لمنع وصول الصراع السياسي إلى مرحلة تجفيف الينابيع. وفي نفس الوقت تحجيم النفوذ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإعلامي للجماعة إلى أقصى حد ممكن مادامت هذه الجماعة لم تبدي أي قبول بطبيعة النظام السياسي القائم والقواعد السياسية المعمول بها. ما هي قراءتك الأولية لمضمون هذا التقرير؟ جاء هذا التقرير انعكاسا لطبيعة هذه العلاقة ومشحونا بعدد كبير من القضايا الخلافية بين الجماعة والدولة سواء ما تعلق بالملكية الموسومة في نظر الجماعة بالاستبداد والهيمنة أو بضعف الفاعل الحزبي خصوصا مع ظهور حزب صديق الملك الذي أتى على البقية الباقية من قيادات وقواعد ومواقف جل الأحزاب. أو ما تعلق بالسياسات العمومية التي طبعها الفشل في نظر الجماعة. فمثلا السياسة الدينية التي مارستها كانت بهدف الضبط واستعماله في تأييد الطغيان واحتكار السلطان، وشرعنة نهم الحكام، والسياسة التعليمية ما فتئت تتدحرج من السيئ إلى الأسوء. هل يؤشر هذا التقرير على أي تحول في خط الجماعة ومنهجية؟ عموما ليس هناك من جديد في خط الجماعة السياسي، فقط التقرير أعاد التأكيد على مطالب الجماعة السياسية الحقوقية التقليدية، سواء ما ارتبط بوضعيتها القانونية والحقوقية، ومع ذلك يبقى مطلب رفع الحيف على جماعة العدل والإحسان منذ تأسيسها ولا يزال، أهم شرط داخل خطابها وحراكها السياسيين. فهذا التقرير، لا يتوانى بالتذكير بما تعيشه الجماعة من إقصاء وتهميش على كافة المستويات وبالتالي مطالبة السلطات برفع قيودها على الجماعة والسماح لها بممارسة نشاطاتها، وإطلاق سراح معتقليها وإلغاء المتابعات في حق أعضائها. أو ما ارتبط بمداخيل الاصلاح السياسي، فالمدخل الانتخابي بنظر الجماعة يبقى دون جدوى في ظل الشروط الدستورية القائمة التي تتعارض بشكل جذري مع رؤيتهم وموقفهم للتغيير السياسي ، فلا معنى الانتخابات من داخل المؤسسات القائمة في ظل دستور يكرس احتكار السلطة بمختلف أصنافها. ومن تمة تبدو مشروعية الإصلاح الدستوري المبني على الميثاق الجامع المدخل الحقيقي للاصلاح في نظر الجماعة.