ما شهدته مدينة مراكش هذه الأيام والمتعلق بقضية احتضانها لأكبر تظاهرة قمار عالمية، وذلك لأول مرة على الصعيد الإفريقي، والإعلان عن التعهد بأن يتم تحويل المدينة قبلة للمقامرين على الصعيد العالمي، يطرح أكثر من سؤال، فهذه التظاهرة يجري الحديث عنها منذ أشهر، ولم تتم في خفاء، بل صدرت ردود فعل متعددة عنها، لكن لم يقع أي تحرك لمنعها أو الحيلولة دون إجراءها. وقبل ذلك لم تراع المغربية للرياضات والألعاب حرمة لشهر رمضان، وأصرت على الإعلان في العشر الأواخر، وفي ندوة صحفية على منتوجها الجديد كوت آند فوت برو معلنة في الوقت نفسه خوفها من مافيا القمار الدولي في حال فتح المجال للاستثمارات الخارجية، وللعلم، فإن أرقام هذه المؤسسة المتخصصة في القمار، والتي سبق لعلماء المغرب أن أفتوا بحرمة ألعابها كشفت أن وباء القمار يشمل ما لا يقل عن ثلاثة ملايين مغربي، ضمنهم 1,5 مليوين شخص أسبوعيا، فضلا عن أن أرقام معاملات هذه الشركة ارتفعت ثمان مرات في السنوات السبع الماضية، وارتفعت مبيعاتها في السنة الماضية ب80 في المائة، حيث كانت حصيلة 2008 هي 704 مليون درهم مقارنة مع حصيلة 2007 التي لم تتجاوز 412 مليون درهم يرعاه أخطبوط من 1700 محل، وذلك في ظل الإعلان عن هدف بلوغ المليار درهم في سنة 2012. كل ذلك يدفعنا للقول لماذا يغيب القمار عن ساحة أولويات المقاومة المدنية والسياسية والاجتماعية، رغم أنه لا يقل درجة من حيث التحريم عن الخمر والمخدرات، هل لأن الأمر له علاقة باعتبارات صحية لا ينظر معها للاعتبارات الاجتماعية المتمثلة في ما يجلبه الإدمان على القمار من تفكك اجتماعي، وخراب أسري، تشهده أسر ضحايا الكازينوهات الست الموجودة في المغرب، وعلى رأسها كازينو طنجة ذي القصص المشهورة في هذا الباب، أم أن الاعتبارات الدينية لم تعد تشكل باعثا كافيا في هذا البلد المسلم الذي ينص دستوره على الإسلام، كدين رسمي للدولة، ومعني بالدفاع عن أمنه الروحي، من أجل إعلان رفض بعض القرارات والسياسات المتعارضة مع ذلك. في كل ذلك ثمة سؤال كبير، حول موقف العلماء والدعاة والهيئات المعنية بالأسرة مما يجري؟ فهناك من يعلن دوليا عن تحويل مدينة لتصبح عاصمة قمار، وهناك من يعلن محليا عن هدف المليار درهم في سنة 2012, لكن من يعلن عن هدف حماية المغرب والمغاربة من هذا الطوفان؟ الجواب سلبي، لأن تظاهرة مراكش مرت في ظل احتجاجات ضعيفة، أمام الجرأة عن الإعلان عن منتوج جديد للقمار، رغم وجود فتوى رسمية معلن عنها في موقع وزارة الأوقاف والتي قررت فيها صراحة أن اللوطو نوع من القمار الذي هو الميسر، والميسر حرام لكن من ينقل الموقف من التصريح إلى الفعل المدني والسياسي، هذا هو السؤال؟