من المهام الأسرية الأساسية متابعة تمدرس الأبناء بشكل جيد وممنهج خلال مراحل تمدرسهم الأولى والمتوسطة؛ حتى يكتسبوا المنهجية والنضج المطلوب الذي يمكنهم من التمدرس الذاتي الفعال. ويحتاج هذا الأمر إلى تعاون وتخطيط واهتمام أسري، لأن هذا ليس شأن الأم وحدها أو الأب وحده، ولا حتى الإلقاء بأمر في غاية الأهمية في حياة أبنائنا للمدارس الخصوصية لوحدها. تعيش الأسر المغربية مشاكل متعددة في هذا المجال بسبب غياب التعاون بين الأب والأم في تحمل هذه المسؤولية، والتي غالبا ما تلقى على عاتق الأم لوحدها، وبحكم اشتغالي في سلك التعليم، تشتكي الكثير من الأمهات من ثقل المسؤولية، خاصة إذا كانت الأم موظفة أو ذات انشغالات أو لا تتوفر على مساعدة، هذا إضافة إلى أن الأم تتحمل في الغالب مشاغل البيت بكاملها، وحتى حينما يقع أي تراجع للأبناء يحمل الأب المسؤولية للأم، بيد أن أمر التربية بشكل عام في جميع أبعاده يتحمله الطرفان، ولذلك قال عز وجل: وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا، لنقف عن الفعل ربياني الذي يشمل الأب والأم، ثم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، ونقف عند كلمة أبواه، ومن هذا المنبر أنادي جميع الآباء لتحمل مسؤولياتهم وترتيب أولوياتهم، فالأسرة أولوية والأبناء أولوية وتربيتهم وتعليمهم أولوية، وأي تفريط في هذا الأمر تكون عواقبه وخيمة على الأبوين والأسرة والمجتمع. أما في ما يخص الساعات الإضافية، فأنا شخصيا لست ضدها مائة في المائة ولست معها مائة في المائة، فقد تكون ضرورية في حالة انشغال قاهر للوالدين أو أو عدم تخصصهما في مادة معينة يكون فيها الابن ضعيفا، أو لضعف مستواهما العلمي، فأن يستفيد الابن من دروس خصوصية في مواد علمية أو لغات أو تخصصات جديدة مراجعها قليلة فهذا أمر مطلوب، أما أن تصبح الدروس الخصوصية في كل المواد فهذا أمر مرفوض وغير صحي تعليميا وبيداغوجيا، ويحول دون إعطاء الابن فرصة للتعليم الذاتي وللبحث وإعمال العقل وبذل الجهد، ومن ثم الإبداع والتألق، كما أن تحول الدروس الخصوصية إلى مورد للاسترزاق غير المشروع وللجشع يرهق جيوب الآباء، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية للمجتمع. ولا يفوتني في الأخير أن أذكر بأن عملية تمدرس الأبناء تحتاج إلى منهجية تقتضي من الأب والأم التعرف على كيفية المراجعة مع الأبناء، إذ إن إنجاز التمارين لهم يعتبر خطأ تربويا وتعليميا، وأقول للآباء: دعوا أبناءكم يبذلوا مجهودا ويحاولوا إنجاز تمارينهم بأنفسهم حتى إذا عجزوا، آنذاك يمكن تقديم المساعدة وشرح المنهجية، ودعوهم يكملوا لوحدهم؛ مع مراقبتهم في نهاية الإنجاز دون الجلوس معهم طيلة فترة عملهم. ولابد كذلك من التواصل بين الأسرة والمدرسة لمتابعة الوضع التربوي والتعليمي والأخلاقي للأبناء. مؤطرة في العلاقات الأسرية