تعد الفنانة عائشة ساجد زوجة الفنان عبد الرزاق البدوي من الممثلات المغربيات الرائدات في المسرح المغربي الاجتماعي الهادف. اقترن اسمها بفرقة البدوي التي ابتدأت معها المشوار منذ سنة ,1965 إذ كان من الصعب على المرأة آنذاك أن تطلع إلى الخشبة. في هذه الدردشة تفصح لنا عن بداياتها في المسرح وعن رأيها في الإنتاجات المغربية في رمضان وفي السينما المغربية وعن جانب من حياتها فنانة وامرأة مغربية تتطلع إلى ما هو أفضل. كيف قضت الفنانة عائشة ساجد هذا الشهر المبارك؟ الحمد لله مر بخير وعلى خير، سواء على المستوى الروحي من صلاة وقيام وقراءة للقرآن الكريم، أو على المستوى العائلي، وذلك من خلال إعداد المائدة التي تحضرها العائلة كلها. والحقيقة أن رمضان شهر جميل ومبارك وما تيسخاش به الإنسان، تمنينا لو كان مرتين في السنة. ما جديد رمضان لهذه السنة؟ الجديد هو تواجد الأبناء معنا على مائدة الإفطار، فقد رجعوا بنا إلى الوراء عندما كانوا معنا في المنزل. وكما نقول بدارجتنا عمروا علينا الدار، ولذلك كان جوا عائليا حميميا هائلا. واستثناء هذه السنة هو أننا قدمنا عرضا مسرحيا حصلة وفيها امرأة في إطار مهرجان بيضاوة. وإلا ففي رمضان لا نشتغل فيه حتى نتمكن من التفرغ لهذا الشهر الكريم. ونصل الرحم مع العائلة وخصوصا الأبناء. الملاحظ أن التلفزة المغربية في رمضان تركز على المسلسلات والأفلام وتهمش المسرح، لماذا؟ هم الذين لا يريدون أن يبرز المسرح بشكل إيجابي، لاسيما وأن المسرح له رسالة، ولذلك يتم تهميشه، أو تقديمه بشكل ضعيف. هذا في الوقت الذي تمر فيه الفكاهة بشكل قوي، يضحكون مع بعضهم البعض، بمعنى أنه يغيب المضمون والمواضيع الجادة، مما يدفعنا إلى البحث عن القنوات العربية التي تقدم دراما هادفة نستفيد منها فنيا رغم أنها ليست من بيئتنا. لكن يبقى المجتمع عربيا. وأغلبية الناس يفضلون هذه القنوات. وأنا أتأسف كثيرا على تلفزتنا التي تقدم أعمالا رديئة يسخرون من منها. إضافة إلى أن نفس الوجوه تمثل في القناتين، إذ تجد ممثلة في مسلسل تؤدي دور الخادمة، وفي مسلسل آخر مديرة. وبقية من الفنانين في عطلة. ولو أن هناك من الفناننين من يرفض الاشتغال في مثل تلك الأعمال. في نظرك هل الوضع سيظل على ما هو عليه؟ كل سنة نفس الوجوه ونفس المواضيع ونفس التشخيص للنكتة. والحقيقة أن شركات الدعاية هي التي تريد أن يظل هذا المستوى الفني الرديء...لأنها هي التي تمول التلفزيون بالملايير... لكن الجمهور مل من هذا كله خاصة وأنه هو الذي يؤدي الضرائب. فهو الخاسر. لكنه مازال لم يستنكر ذلك. للأسف المرأة هي الأخرى أقحمت في التهريج؟ صحيح لأنهم لا يريدون أن تبدي الممثلة قدراتها، أو لنقل إنهم لا يريدون أداء جيدا. ولذلك لا يبحثون إلا على من يهرج، شخص فاقد لأسنانه أو ضخم الجسم لإضحاك الجمهور. من هنا نفهم إقصاءهم للدراما لأن الدراما هي التي تأتي بالممثل أو الممثلة الجيدة. وهذا لا يشرف الفن المغربي. أضف إلى ذلك أن شركات الدعاية تستهدف الأطفال؛ باعتبار أن الأطفال إذا رأوا الفكاهة سيجبرون آباؤهم على رؤيتها أيضا. لكن هذا غير صحيح لأننا عندما نلتقي بالآباء أو رب الأسرة ونسأله عن ذلك يجيب أنا حارك في داري، بمعنى أن له شاشة أخرى يرى من خلالها الفضائيات الأخرى. ألا تعتقدين أنه على الفناننين الجادين التكتل من أجل الاحتجاج؟ النقابة هي المسؤولة الأولى، يجب عليها أن تعبئ الفنانين للوقوف والاحتجاج أمام التلفزة المغربية. للأسف النقابة غائبة. أنت امتهنت التمثيل في مرحلة كان من الصعب على المرأة أن تصعد على الخشبة؟ أرجعتني إلى الوراء كثيرا وذكرتني بذكريات الماضي. هي مرحلة عزيزة على نفسي. أنا ابتدأت سنة 1965، وآنذاك كان من الصعب على المرأة أن تمثل، سواء على مستوى العائلة أو الحي الذي تعيش فيه. الغريب أنني لم ألق صعوبة كبيرة مع أبي رحمة الله عليه لأنه تفهم المسألة، لكنني صادفت المشاكل مع حيي، فأنا كبرت في الحي المحمدي بالدارالبيضاء، والناس كانوا يعتقدون أن الفتاة التي تتعاطى للتمثيل منحرفة. لكن الحمد لله وجدت أبا ناضل من أجلي. على ذكر ذلك هل تتذكرين حدثا طريفا تعرضت له؟ (تضحك) في الثمانينات وخلال رمضان كنا ننظم مهرجان رمضان لمسرح البدوي، في المسرح البلدي، كل ليلة كانت لنا مسرحية، كنا نعيش ازدهار المسرح المغربي. ذات ليلة أردت أن آخذ معي ابنتي الصغرى وكان عمرها آنذاك تقريبا سنتين، وكانت لي فتاة ترعاها. فتركتهما في اللوج. وبينما أنا أمثل مشهدا حزينا ومؤثرا، لاحظت أن الجمهور يضحك، فأربكت وحاولت معرفة السبب، فإذا بي أرى الفتاة في مؤخرة الخشبة تشير بالأصبع وتقول لابنتي را ماماك وصافي سكتي. الحاجة هل كنت شقية مشاكسة في طفولتك؟ كنت شقية في التمثيل فقط، بحيث كان أبي يرسلني إلى المخيم تحت إشراف عمال الكهرباء الذين كانوا يقدمونني لتقديم أدوار مسرحية. كان عمري 8 أو 9 سنوات. كنت أعشق التمثيل. غير أنني فلم أكن مشاكسة. كيف جاء التحاقك بفرقة البدوي؟ أنا كنت في مرحلة الثانوي، وفي ذلك الوقت 1964/1965، كانت الفرقة تمنح بطاقة لمشاهدة العروض المسرحية ب10 دراهم لمدة شهر. فاقتنيت البطاقة وكنت كل صباح أحد أذهب لرؤية مسرحية بقاعة عبد الصمد كنفاوي. فاقترحت علينا الفرقة الحضور إلى التداريب. فبدأت أحضر. إلى أن شاركت في بعض المسرحيات بعد أن اختبرتني الفرقة ونجحت في الاختبار. والتحقت بالفرقة. زواجك من فنان(عبد الرزاق البدوي) ألم يكن يطرح مشكلا لكثرة المعجبين والمعجبات؟ طبيعي، لكنني باعتباري فنانة أيضا، فقد كنت أقدر إعجاب الجمهور به. مسموع عنك أنك امرأة التضحية، هل زوجك يستحق ذلك؟ نعم يستحق كل التضحية، لأنه إنسان مثقف وفنان ورجل يقدر المرأة... وعندما يقلقك ماذا تفعلين؟ أنا أولا هادئة. لا أغضب. وهو أيضا إنسان سموح، فعندما يغضب يتراجع بسرعة عن غضبه. وهذه ميزة فيه. شخصية تودين أداءها؟ كل الشخصيات أديتها(تضحك). شخصية تاريخية؟ نحن ليست لدينا مسلسلات تاريخية لكي أقدم شخصية تاريخية... مارأيك في السينما المغربية والأفلام التي أثارت زوبعات...؟ لابد من الأخذ بعين الاعتبار بأننا في دولة إسلامية، بمعنى أن السينما المغربية يجب أن تراعي بيئتنا الاجتماعية والثقافية المغربية، وعلى المخرجين ألا يستوردوا النموذج الغربي بحجة التطرق للمسكوت عنه. نحن لنا قيمنا ومشاكلنا الخاصة بنا وعلى السينما أن ترتبط بذلك. بمعنى أن تكون محافظة. ما الذي يقلقك في الحياة؟ النفاق وعدم الاعتراف بالجميل، خصوصا بعض عشرة طويلة مثلا. هل تعرضت لموقف من هذا القبيل؟ كثيرا، فقد كنت في خدمة مجموعة من الناس وهذا من طبيعتي، لكن تنكروا للجميل. وأنا أتحدث عن ميدان الفن. من هي أعز ممثلة مغربية عندك؟ كلهن(تضحك)، أنا أعز كل الممثلات صاحبات اللائي لهن مبدأ، ويحترمن بعضهن البعض. إذا رجعنا بك إلى الوراء هل تغيرين مهنة التمثيل؟ لن أغيره ولن أقدر لأنه حلم الطفولة، لأنني لو كنت أريد ذلك لفعلت ولاشتغلت في وظائف مربحة ماديا. هل لكم تأثير على أبناؤكم في اختيار الجانب الفني مثلا؟ نحن عانينا كثيرا في هذا الميدان وإلى اليوم، وكنا نأمل أن تتحسن الأحوال، فأبعدناهم عن الميدان الفني إلا ابن واحد اختار دراسة السينما وتخرج تقنيا. كيف عشت الصراع بين الأخوين البدوي؟ أنا لم أعش أي صراع نهائيا. لأنني كنت أرى في الأستاذ عبد القادر البدوي أستاذا لي، وكذلك الأستاذ عبد الرزاق. بمعنى كنت تلميذتهما. كيف تنظرين إلى وضعية المرأة اليوم؟ الحمد لله في تحسن، فهي اليوم في أعلى المناصب، وزيرة و برلمانية وغيرها، في جميع الميادين، ونتمنى الأفضل. وشباب اليوم؟ حسب تربية العائلة، إذا كانت التربية حسنة وفيها مراقبة لأخلاق الأبناء فالنتيجة ستكون طيبة، لأنه كما يقولون كل شي راجع الوالدين، وأنا هذه تجربة عشتها. أهم متمنياتك؟ أن يزدهر المسرح وأن يرتقي الدعم المسرحي حتى نرى المسرح كما نريده.