يتوجه هذه الأيام نحو 87 ألف طالب جديد حاصل على شهادة البكالوريا إلى الجامعات والمعاهد والمدارس العليا، من أجل الظفر بمقعد دراسي بها، وسط انتقادات متزايدة للجامعة المغربية، بعد الفشل الحكومي في إصلاحها، وإعلان مخطط استعجالي جديد لتدارك أسباب الفشل وما أدى إليه من اختلالات توصف بأنها بنيوية. بالرغم من ذلك، فإن السنة الجامعية المقبلة لا تحمل أي تكوينات جديدة ذات بال، وقال أحد أطر الوزارة بإحدى الجامعات، طلب عدم ذكر اسمه، إن الطالب الجديد لا يجد الكثير من الاختيارات أمامه، وأكد لالتجديد أن غياب هذه التكوينات يعني أن ثمة قصورا في استيعاب المخطط الاستعجالي، على الأقل. واعتبر المصدر أن غياب تعدد في الاختيارات، يعني الحفاظ على نمط التكوين السابق باختياراتها التي أدت إلى فشل الإصلاح، مما يعني أن بوادر فشل المخطط قائمة أيضا. غير أن الخبير في التعليم، خالد الصمدي، قال لالتجديد إن الجامعات قدّمت الكثير من مشاريع للتكوين والبحث، غير أنها لم تتوصل باعتمادات مالية بعد من الوزارة الوصية، أما السبب في ذلك، فيرجع، حسب الصمدي، إلى خلاف في الرؤية بين الوزارة والجامعات، هذه الأخيرة ترى في المخطط الاستعجالي مكمّلا لما سبق وليس لاغيا له، وبالتالي فهي كانت تنتظر الدعم من الوزارة قصد تسريع التكوينات التي انطلقت، لكن الوزارة من جهاتها تقول إن التكوينات السابقة لا تتماشى مع فلسفة المخطط الاستعجالي القائمة على فلسفة التكوين بالمشروع. ولهذا طلبت تكوينات جديدة بفلسفة المخطط الاستعجالي. فصار الأستاذ مطلوبا منه، يقول الصمدي، الإتيان بتكوينات جديدة، في حين أن السنة الجامعية قد بدأت، مما يعني أن تنزيل المخطط سيتأخر سنة أخرى، مما سيجعله تحت ضغط الزمن. من أجل تجاوز هذا الخلل بين الجامعات والوزارة، قامت هذه الأخيرة بإطلاق دبلوم جديد، تحت اسم الدبلوم الجامعي التقني بفلسفة جديدة، باعتباره يؤهل للمعاهد والمدارس العليا، وهو دبلوم اختياري، وكل جامعة أخذت به تتلقى دعما ماليا من الوزارة، كما أن للجامعات الحق في عدم تبنّيه. ويقول الصمدي إن هذا الدبلوم له إيجابياته كما له انعكاسات سلبية، خاصة على كليات العلوم والتقنيات ومدارس الأقسام التحضيرية، بينما يتوقع أن لا يزيد الإقبال على المعاهد التقنية وكليات العلوم 6% هذه السنة، بالرغم من ارتفاع عدد الناجحين من العلميين في البكالوريا. وقال أحد أطر الجامعات إن الإقبال الذي تمت ملاحظته خلال الأيام الأولى من التسجيل في الجامعات ضعيف جدا، خاصة بالنسبة لكليات العلوم والتقنيات، ففي جامعة مولاي سلميان ببني ملال مثلا، والتي يتم التسجيل فيها بالانتقاء، اضطرت إدارة الكلية إلى تخفيض معدل القبول من 12/20 إلى 10/20 دون جدوى. كما أن التسجيل في كليات الآداب سيعرف انخفاضا متواصلا، لأنه لا جديد يغري في هذه الكليات بعد. ويتوقع أن يحدّ مشكل التمويل من طموحات الحكومة في إصلاح الجامعة المغربية، فتوفير 46 مليار درهم، هي تكلفة المخطط، مرهقة بشكل كبير للحكومة، خاصة في ظل تأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وتعدد المشاريع التي أعلن عنها من لدن الملك محمد السادس. ويقول الصمدي إن مشكل التمويل هو السبب في عدم تقديم اعتمادات مالية من الوزارة للجامعات، مبرزا أن عددا معتبرا من مشاريع مختبرات وتكوينات علمية بجامعة عبد الملك السعدي على سبيل المثال قدّمت للوزارة، ولم تتلق لحد الآن أي اعتماد منها. نظرا لضعف الاعتمادات المخصصة للبحث العلمي، والتي لا تتعدى لحدّ الآن 8,0 في المائة من الناتج الداخلي الخام. هذا الوضع يدفع الأساتذة الباحثين في الجامعات إلى البحث عن تمويل لمشاريعهم، وبذلك يسقط البحث العلمي في المغرب في خدمة أحضان مراكز البحث العلمي الأجنبي، خاصة في العلوم التقنية الدقيقة، ذلك أن 75% من نتائج هذه البحوث والمشاريع تستفيد منها جهات أجنبية ولا تعود على المغرب بأي شيء.