رفعت جلسة محاكمة المعتقلين السياسيين الستة للمداولة في منتصف نهار الاثنين 27 يوليوز 2009، وكان منتظرا أن يصدر الحكم ليلة اليوم ذاته. وعرفت ملحقة محكمة الاستئناف بسلا المختصة في قضايا الإرهاب منذ صبيحة الاثنين حضورا أمنيا مكثفا، كما تم وضع حواجز أمنية أمام باب المحكمة على غير العادة، مما استفز أسر المعتقلين وكذا بعض المحامين. وشهدت الجلسة حضورا مهما لوسائل الإعلام والحقوقين، إضافة إلى عائلات المعتقلين وزوجاتهم وأبنائهم، هذا ويفترض أن تكون العائلات والفعاليات الحقوقية قد نظمت وقفة بالشموع أمام باب المحكمة بعد مغرب الاثنين . وتم خلال الجلسة الصباحية الاستماع إلى الكلمة الأخيرة للمعتقلين السياسيين الستة التي استهلوها جميعهم بآيات قرآنية، وهكذا أكد مصطفى المعتصم الأمين العام لحزب البديل الحضاري المنحل على أن قضية بلعيرج ليست سوى خطة لتصفية أحزاب إسلامية، وأعلن أمام المحكمة والأسف باد على محياه إذا كان أمن المغرب واستقراره لا يستقيمان إلا بإعدامي أو سجني، فلا مانع أن أكون قربانا للمرحلة من أجل مغرب الحرية والعدالة والكرامة والتقدم، مضيفا: أسجن وأموت ويحيا الوطن، وأوضح المعتصم أن حزب البديل الحضاري ليس حزبا دينيا ويعارض قيام الدولة الدينية، بل هو حزب ذو مرجعية إسلامية، وخاطب هيئة المحكمة قائلا قريبا ستنطق المحكمة بالحكم، وقبل ذلك أؤكد أنني لست إرهابيا ولا متآمرا، بل أنا رجل بسيط أحببت بلادي إلى درجة العشق، ومن تاريخ بلادي تعلمت الكرامة والعزة ومن ديني تعلمت الشموخ والاعتدال، ووصف ما حدث ويحدث بكونه قتل للأمل في كل مغربي ونسف لكل المكتسبات فيهم، وجزم المعتصم بأن تاريخ صناعة هذا الملف يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، وأنه طبخ بمطبخ البصري، وأن وزير الداخلية الحالي شكيب بنموسى دخل المعمعة وهو غير فاهم للقصة، ثم أخرج الملف سنة 2008 في مسرحية جديدة وسيناريو جديد. ودليله في ذلك كما يقول أن المخابرات كانت تعلم بمصدر الأسلحة منذ التسعينات حسب تصريح بلعيرج، وأنها كانت تعرف لقاء طنجة لأنها كانت تتابع خطوات هذا الأخير. من جهته شدد محمد المرواني أمين عام الحركة من أجل الأمة على أن العقل السياسي الذي صنع هذا الملف ينتمي الى مرحلة انتهت (يقصد مرحلة البصري)، موضحا في معرض كلمته الأخيرة في المحكمة أن الحد الفاصل بين القانون وغير القانون هو الحجة والدليل، ومن لا دليل عليه فهو والعدم سواء، وقال نحن إزاء محاكمة بدون مستندات قانونية حيث يعوزها القصد الجنائي واستعرض المرواني سبعة موازين (أو أدلة) تقضي ببراءته، وأكد من خلالها على أن الملف لا يستند إلى مرجع قانوني وباطل في أساسه، مطالبا هيئة المحكمة بأن تعتمد على ما راج في المحاكمة لأن المحاضر تستند الى وقائع غير مضبوطة، وقال لا حجة مع انتفاء مواصفات الواقعة القانونية، ولا حجة مع الاحتمال ولا مع انعدام القصد الجنائي ومع انعدام وسائل الاثبات وانعدام شبهة السياق. موضحا قناعاته: نرفض العنف وننبذه فنحن من دعاة الوسطية ومنذ بدايتنا كحزب للأمة وضعنا حلولا لكيفية التعاطي مع الغلو والعنف. وفي السياق ذاته تساءل عبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار في كلمته الأخيرة عن السبب في تجريد المعتقلين على خلفية هذا الملف من المحاكمة العادلة، مؤكدا على أن هذا السؤال سيظل جرحا غائرا إلى أن تظهر الحقيقة، وأضاف أن لا شيئ يطمئن في هذه المحاكمة إلا إذا حصلت المعجزة، موجها رجاءه إلى رئيس المحكمة بأن تحصل المعجزة من خلاله، وإذا لم يحدث ذلك فسينصفهم التاريخ. وشدد على أنه سجن ظلما وعدوانا وأنه تعرض لعملية ممنهجة لتشويه سمعته، راجيا أن تنتصر العدالة لينتصر الجميع وإلا فبانتكاستها سيخسر الجميع. وذكر السريتي بخطاب ملكي للملك محمد السادس حول نزاهة القضاء الذي قال فيه: إلى العدالة وحدها ترجع الكلمة الفصل في إصدار البراءة.. والقضاء يظل الدرع القوي في دولة الحق والقانون. هذا ونبه العبادلة ماء العينين عضو حزب العدالة والتنمية رئيس المحكمة إلى أن قراره وحكمه سيظل شاهدا على العصر، وسيكون بمثابة إعلان عن بزوغ عهد قضائي جديد، واعتبر هذا الملف جريمة سياسية مرتكبة في حقه وفي حق باقي المعتقلين، آملا أن يعود إلى أهله وأطفاله الذين تكبدوا تداعيات هذه المحاكمة النفسية والمعنوية.