وسط حصار أمني مشدد وتحت غطاء إعلامي وطني وأجنبي وإلى جانب تظاهرات احتجاجية انطلقت أمس بسلا محاكمة خلية بليرج والسياسيين الستة المتابعين بتهم ثقيلة تبتدئ بحيازة السلاح وتنتهي بالتخطيط لزعزعة الاستقرار. هذا ورفض عبد القادر بليرج، المتابع مقتضى قانون الإرهاب، الحضور إلى المحكمة التي ترأس جلستها القاضي محمد شقرون. وعزا بليرج، الذي حضر إلى الجلسة، حسب دفاعه، «رغما عن أنفه»، ذلك إلى «استمرار الحصار المفروض عليه داخل السجن على الرغم من انتهاء التحقيق». وقال بليرج، الذي تحدث إلى القاضي بنشقرون بلغة عربية فصيحة: «لم أر أولادي ولم أتصل بهم منذ تسعة أشهر»، مضيفا أنه لا يتمكن أيضا من لقاء محاميه «حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه»، وأضاف، موضحا أسباب رفضه الحضور إلى الجلسة: «أنتم لم تنصفوني حتى في أبسط الأشياء فما بالكم بالمحاكمة». ويذكر أن جميع المتابعين ضمن قضية بليرج حضروا إلى المحكمة في تمام الساعة التاسعة صباحا، باستثناء عبد القادر بليرج، المتابع الرئيسي في القضية، والذي حضر ساعة بعد ذلك بعد مفاوضات مكثفة أرغمته على الحضور. وردا على تدخل الدفاع، الذي احتج على إحضار بليرج رغما عنه، ودعا القاضي إلى تبيان الأسباب، اعتبر ممثل النيابة العامة أن الأمر لا يتعلق باستدعاء للمتهم وإنما بإحضار، لأن المتهم يوجد رهن الاعتقال. إلى ذلك، أجلت ملحقة استئنافية سلا النظر في قضية بليرج إلى 11 من نونبر المقبل. وعرفت أطوار الجلسة الأولى من المحاكمة إنزالا مكثفا لعائلات المتابعين، وخاصة المعتقلين السياسيين الستة، حيث نظمت اللجنة الوطنية لمساندة المعتقلين السياسيين الستة وقفة احتجاجية أمام ملحقة استئنافية سلا قبيل انطلاق المحاكمة، وهي الوقفة التي رفعت فيها شعارات مطالبة بمحاكمة عادلة لجميع المتابعين بعيدا عن التعليمات. وردد المحتجون عدة شعارات من قبيل: «الجلادين حميتوهم والأبرياء سجنتوهم... بنموسى سير فحالك القضاء ماشي ديالك...». وفي سياق آخر، بدا المعتقلون السياسيون بمعنويات مرتفعة خلال الجلسة، حيث ظلوا رافعين لإشارة النصر. وجلس كل من مصطفى المعتصم ومحمد المرواني جنبا إلى جنب، فيما تم عزل عبد القادر بليرج في مقعد بالصف الأخير يحرسه أربعة من رجال الأمن. وظل بليرج، الذي حضر بلباس عادي وقبعة على رأسه، يطالع القاعة بابتسامة خفيفة، واضعا يديه على خده. وفرض حصار أمني مشدد على المكان الذي اجتمع فيه جميع المتابعين، حيث طوقت عناصر القوات المساعدة ورجال الأمن الحاجز الزجاجي الذي تابع من ورائه المعتقلون أطوار الجلسة. وعرفت الجلسة الأولى حضورا مكثفا لمحاميي المتابعين، وخاصة المعتقلين السياسيين الذين آزرهم ما يفوق 50 محاميا، بالإضافة إلى هيثم مناع، الذي حضر كملاحظ دولي، بتنسيق مع اللجنة العربية لحقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمرصد الفرنسي لحقوق الإنسان. كما حضرت الجلسة المحامية البلجيكية ميشيل إيريش، التي حضرت كطرف مدني للدفاع عن أرملة اليهودي جوزيف أبرون، الذي توفي في بلجيكا. وقالت ميشيل إريش: «إنها وضعت طلبا لدى وزير العدل المغربي منذ ثلاثة أشهر من أجل الانتصاب كطرف مدني للدفاع عن أرملة اليهودي، الذي قتل على يد بليرج إلى جانب خمسة ضحايا آخرين، يؤازرها في ذلك المحامي المغربي حسن السملالي». إلى ذلك، علا صوت عائلات المتابعين في القضية داخل القاعة أكثر من مرة، حيث ظلوا رافعين إشارة النصر، وصاحت الجموع التي غصت بها القاعة رقم واحد: «الله أكبر... الله أكبر»، فيما صاحت النساء أمام القاضي «حسبنا الله ونعم الوكيل». إلى ذلك، رفضت هيئة المحكمة طلبات الدفاع تمتيع جميع المتابعين في الملف بالسراح المؤقت. وعلى الرغم من تدهور الحالة الصحية لصلاح بليرج، شقيق المتابع الرئيسي في القضية، حيث بدا منهارا منهك القوى، بعد توقيف العلاجات التي كان يتلقاها ضد مرض السرطان الذي يعاني منه، رفضت المحكمة تمتيعه بالسراح المؤقت.