بنخضراء: إصلاح مدونة الأسرة خطوة حاسمة لتعزيز الحقوق وتحقيق التوازن الأسري    قناة ريال مدريد تنتقد التحكيم بعد ديربي العاصمة أمام أتلتيكو    الإعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام    نفاق دبلوماسية النظام الجزائري في تحركاته تجاه دمشق.. للتاريخ ذاكرة لا تنسى أبدا !    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة 20).. المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه اتحاد تواركة (1-1)    البطولة الوطنية.. أولمبيك آسفي يتعادل مع ضيفه الدفاع الحسني الجديدي (0-0)    إطلاق نار في مواجهة الأمن.. تفكيك شبكة إجرامية وحجز أسلحة ومخدرات    مؤسسة مغربية تفوز بجائزة حمدان – الإيسيسكو للتطوع في تطوير المنشآت التربوية في العالم الإسلامي    موظفو وزارة العدل يتهمون مسؤولين إداريين بممارسة التهديد والتخويف ضد المضربين    المغرب يقرر الاستعانة بممرضات مصريات للعمل في مستشفيات المملكة    نقابة تستنكر "تزييف أرقام الإضراب"    عبد الكريم.. قصة شاب توفي بالسرطان بسبب الإهمال في مستشفى مليلية تشعل غضب مسلمي الثغر المحتل    الزمالك يتعاقد رسميا مع المغربي صلاح الدين مصدق    رجاء بني ملال يستعيد صدارة القسم الثاني بانتصار ثمين على أولمبيك الدشيرة    مجموعة أكديطال توضح: لا اتفاقيات لاستقدام ممرضين أجانب وأولوية التوظيف للكفاءات المغربية    الوكالة الوطنية للمياه والغابات توضح: حجز ببغاوات بشفشاون تم وفق القانون وبإشراف النيابة العامة    طنجة تستعد لمونديال 2030: تنظيم جديد لمواقف السيارات مع إلغاء "الصابو" واعتماد تعريفة رمزية    انعقادالجلسة الأولى من دورة فبراير لمجلس جماعة العرائش    طنجة..كتاب جديد يعيد ملف الاختفاء القسري إلى الواجهة بالمغرب بعد عقدين من تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة    أطباق شهية في السينما والمسرح والأدب والموسيقى والإقامة الفنية ومحترفات الرقص والسيرك    مولاي رشيد يترأس حفل تسليم جوائز الحسن الثاني وكأس للا مريم للغولف    أسبوع إيجابي في بورصة البيضاء    العثور على جثة شابة مقيدة في مجرى مائي في ليلستاد الهولندية    أكادير: تدشين وحدات الدراجات الهوائية لتعزيز الأمن السياحي وتأمين الشريط الساحلي    أفراح ترافق تحرر معتقلين فلسطينيين    مظاهرات بألمانيا ضد أحزاب اليمين    قناة "إم بي سي 5" تميط اللثام عن خريطة برامج متنوعة خلال رمضان    مزاد علني ينجح في بيع كمان نادر ب11,3 ملايين دولار    العشابي يستبدل "فاصل ونواصل"    السفير الصيني في زيارة إلى تارودانت وأكادير.. لتعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي بين الصين والمغرب    المغرب والعراق يؤكدان رفض مخطط تهجير الفلسطينيين وتجديد دعم وحدة المملكة    "فحوص بوحمرون" تسجل إصابات مؤكدة في 11 مؤسسة تعليمية بطنجة    القوات المسلحة الملكية تشارك في معرض أليوتيس 2025 تعزيزًا للابتكار والاستدامة في قطاع الصيد    مدينة طنجة تسجل أعلى مقاييس التساقطات المطرية    العراق تشيد بجهود الملك محمد السادس في دعم القضية الفلسطينية    دي بروين ينقذ مانشستر سيتي من "مفاجأة كبيرة"    فرنسا ترحل المهاجرين المغاربة غير الشرعيين    مبادرة تشريعية تروم اعتماد أسماء الأدوية العلمية بدل التجارية لإنهاء أزمة انقطاعها    هيئة النزاهة تدعو إلى ملاءمة قانون المسطرة الجنائية مع المتطلبات الإجرائية لمكافحة جرائم الفساد    خبراء يحذرون من مخاطر سوء استخدام الأدوية والمكملات الغذائية    باريس سان جيرمان يمدد عقده مدربه إنريكي إلى غاية 2027    الإنفلونزا الشتوية تودي بحياة 13 ألف شخص وتغلق المدارس بأمريكا    أزيد من 55 ألف منصب شغل مرتقب في جهة سوس باستثمار يبلغ 44 مليار درهم    انتشال ثاني جثة بسبتة خلال فبراير الجاري والسابعة منذ مطلع سنة 2025    فاس: لحسن السعدي يزور عددا من المشاريع المنجزة في مجال الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني    الصين: انطلاق دورة الألعاب الآسيوية الشتوية بهاربين    أحلام ترامب بنقل سكان غزة إلى المغرب    لقاء بالبيضاء يتناول كفاح آيت إيدر    موريتانيا تمنح للسائقين المغاربة تأشيرة دخول متعددة صالحة لثلاثة أشهر    قمة عربية أو عربية إسلامية عاجلة!    انتفاضة الثقافة    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    وزارة الصحة تؤكد تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحافة بمداد أبيض- بقم يحيى اليحياوي
نشر في التجديد يوم 23 - 07 - 2009


استنكفت العديد من المنابر الصحافية المكتوبة بالمغرب, استنكفت يوم العاشر من يوليوز الحالي, يوليوز العام 2009, عن ملء بياض ركن افتتاحياتها, وكتبت مكانه بالبنض العريض والكبير: حذفته الأحكام الجائرة , أو حذفته الأحكام المجنونة , أو تم حذفه بسبب أحكام القضاء , وما سوى ذلك. هي شكل من أشكال الاحتجاج من لدن العديد من رؤساء تحرير هذه المنابر, تنديدا بما اعتبروه مضايقات مستمرة على حرية التعبير, و فبركة لقضايا أمام المحاكم , غالبا ما تترتب عليها أحكام قاسية وغرامات مالية كبيرة, من شأنها ليس فقط تضييق الخناق على هذه الصحف, بل ودفعها دفعا بجهة الإفلاس بالجملة والتفصيل. وهي شكل من أشكال التنديد بسلوك يبدو لهؤلاء الصحفيين من قبيل إقحام مستوى القضاء, لتصفية حسابات محددة مع صحافة تدعي الجرأة والصدق, ولا تخفي نيتها في تعويض أدوار أحزاب سياسية ترهلت, لم تعد ذات فاعلية وجدوى, في لعب دور القوى المضادة لتغول السلطة, وتضخم أجهزتها على الفرد وعلى المجتمع. وهي, إلى جانب كل ذلك, تستنفر الرأي العام كما سلطات البلاد العليا, لإيقاف هذه المتابعات, والنأي بالقضاء عن حسابات السياسة والمال, وتصارع مستويات النفوذ من بين ظهراني مغرب هذا القرن, حيث بات للفساد أنياب ومخالب, وأضحى للدافعين به, المستفيدين منه, أجهزة ومؤسسات...وممثلين هنا وهناك. إن الرسالة, بالحالات كلها, إنما هي موجهة للقضاء تحديدا لا لسواه, وصكوك الاتهام مصاغة لإدانته, لا لإدانة من لجأ إليه بغرض الإنصاف , أو بنية تصفية حساب مع هذا الطرف أو ذاك, سيما وقد ولى زمن إعمال العقوبات السالبة للحريات, والتي لم تؤت أكلها في الثني والردع, فما بالك في الإسكات. ثم إن الرسالة المتضمنة في فراغ الافتتاحيات ليوم العاشر من يوليوز, إنما مفادها أن قضاء تحول إلى خصم وحكم, لا يمكن أن يكون منصفا ولا عادلا, لا بل وسيتحول من تلقاء نفسه, إلى آلة عمياء تقضم كل من لا يتماهى مع قيم المنظومة القائمة, في شكلها كما في منطوقها, كما في طبيعة قواعد اللعبة المتكئة عليها. إن قضاء يحكم بمئات الملايين على منبر, على خلفية من تجاوز هذا الأخير لحميمية الأفراد, أو تعرضه لأعراضهم, أو استهدافه لمكانتهم الاعتبارية, إن قضاء من هذا النوع لا يتقصد ردع المنبر, أو إنصاف المتضرر, إنه بهذه النازلة إنما يرتب لتصفية المنبر, وتنفيذ حكم الإعدام في مالكيه, أفرادا كانوا أم جماعات, تماما كمن يتبرم عن معالجة عضو مريض, فيبتره بترا, أو يعمد إلى قتل المريض جملة وتفصيلا, في تعذر مداواة الأطراف المصابة بعلة. ثم إن قضاء يجتهد في تأويل النص ولي عنق القانون, ليتماهى مع المطلوب, لا يعمد فقط إلى تعميم مسالك الخوف من بين ظهراني الصحفيين, بل ويلجم أفواههم, يجمد المداد من بين أصابعهم, ويروج لثقافة في الرقابة الذاتية, إن أدمن الإعلامي على امتطاء ناصيتها, سيفقد حتما الملكة النقدية, التي لا قيمة لأي مادة إعلامية بدونها. إن الإعلام بالمغرب, أو لنقل بعضا من روافده المستقلة , لا يتطلع لأن يكون سلطة رابعة, كما هو الحال بالعديد من الدول المتقدمة, ولا يدفع بمبدأ ضرورة خروجه عن منطق القوانين واللوائح التنظيمية. إنه إنما يتغيأ تكريس وضعه كسلطة مضادة, بدت له مبررة في ظل وضع ارتهنت من بين أضلعه الأحزاب, وتراجع مد النقابات, وانصراف المتنورين من بيننا عن قضايا الشأن العام, تسييرا وتدبيرا وتفكيرا. ولما كان الأمر كذلك, فإنه سيصطدم حتما بسماكة المصالح المكرسة, وصلابة اللوبيات القائمة, وقوة مالكي الثروة والسلطة, الماسكين بتلابيب المال العام, الراهنين للقرارات الكبرى, التي تحدد حاضر البلاد ومآلها, والتي لا تعدم السبل في تحييد هذا الصوت, أو إسكات ذاك, بالترغيب المباشر, كما بالترهيب, والذي بات القضاء منصته الأولى بامتياز. ليس القضاء هنا مؤسسة مستقلة الدور والوظيفة, بل هو جزء من المنظومة, يسايرها, يماشيها, ويتماهى معها, لا بل ويأتمر بأوامرها, مادام عنصرا من عناصرها, مصلحتها من مصلحته, ومستقبله من مستقبلها. الاستقلالية هنا لا تقاس بالحدود المقامة بين المستويات, بل يجب أن تقاس بالقدرة على تجاوز الضغط والإكراه, وإعمال روح القانون بما لا يترك مجالا للاجتهاد أو للتأويل. بالبناء على ذلك, فإن المزايدة على استقلالية القضاء بالمغرب هي مزايدة مسوغة وإلى حد بعيد, إذا لم يكن بالنظر إلى طبيعة الأحكام الغير منطقية التي تم النطق بها ضد منابر في الإعلام غير متحزبة, فعلى الأقل بزاوية بعض من الثأر الذي لدى بعض القضاة على بعض من المنابر, فضحت من ذي قبل سلوكات لبعض من هؤلاء مشينة, لاأخلاقية, ويعاقب عليها القانون. إننا هنا لا نريد أن نجتر معزوفة أخلاقيات المهنة التي لطالما سمعناها هنا وهناك. ولا نريد أن نزايد على منابر صحافية بنبرتها بعض من التجاوز, أو لنقل بعض من غياب اللباقة في تمرير الرسالة. إننا نريد أن يكون القضاء عامل توجيه لحرية الرأي والتعبير, لا أداة للجمها تحت هذا المسوغ أو ذاك, أو نتاج ضغط من هنا أو هناك. والقصد هنا إنما القول بأنه إذا كانت وظيفة القضاء (والقانون عموما) أن يضمن للأفراد والجماعات حقوقها, ويعمل على امتثالها لواجباتها, فإن من وظيفته أيضا أن يصون بصلب كل ذلك الحريات الأساس, ويعتبرها الأصل الذي بالاحتكام إلى قدسيتها يتخذ القرار. بالتالي, فعلى محك ذات القدسية يجب أن تصاغ الأحكام, لا بنفيها أو بتقويضها, أو بالدوس عليها لهذا الاعتبار أو ذاك. إننا هنا لا ننكر أن من المنابر من يذهب بعيدا في التطاول على حياة الأفراد والجماعات, ومن يذهب لحد مس الناس في كرامتها وخصوصيتها. لكننا, بالوقت ذاته, لا نستسيغ أن تلجم الأفواه وتكبل الأقلام, ولكأن المرء قد ارتكب أمرا جللا لا سبيل لإصلاحه. القضاء هنا, كما بكل الحالات, يجب أن يكون أداة إصلاح وتهذيب, لا وسيلة اغتيال وإعدام. إن في ذلك هيبته ومصداقيته, عوض أن يشار إليه بالأصبع, ويشكك في مستواه, وتوجه له صكوك الاتهام بالحبر الأبيض.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.