«يشهد المغرب عودة بعض ممارسات انتهاك حقوق الإنسان، كالتعذيب والاحتجاز التعسفي، فضلا على توظيف القضاء غير المستقل في إرهاب الصحافة المستقلة من خلال إصدار أحكام جائرة، الأمر الذي يثير قلقا مشروعا حول احتمال ترسخ هذه الممارسات ونحولها إلى أنماط ثابتة مرة أخرى». تشكل هذه الفقرة جزءا من التقرير السنوي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الصادر قبيل عيد الأضحى. واتهم التقرير، الصادر بعنوان «من تصدير الإرهاب إلى تصدير القمع» الحكومات العربية بممارسة الضغوط على هذه المنظمات بهدف لجم أصوات المنظمات غير الحكومية أو إقصائها تماما من المنابر الدولية. وألمح إلى «تزايد وتائر القمع بحق دعاة الإصلاح والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافة المستقلة ووسائط الإعلام الإلكتروني وقادة حركات الاحتجاج الاجتماعي». وأشار التقرير الصادر في 231 صفحة إلى أن أغلبية الأنظمة العربية باتت تنظر إلى الإعلام الإلكتروني، وخاصة المدونين، باعتبارهم يمثلونه خطرا جسيما، بحيث انتقل إلى رأس جدول أعمال الأجهزة الأمنية، والمؤسسات التشريعية «لاعتماد تعديلات قانونية لقمع الإعلام الإلكتروني. وتطرق التقرير السنوي إلى «حقيقة التراجع» في مكانة أغلبية الأحزاب الشرعية في العالم العربي، مستشهدا بما «كشفت عنه الانتخابات المغربية الأخيرة من انفضاض كبير عن أحزاب كان لها وزن تاريخي»، وهي إشارة تعكس «عدم الثقة في قدرة الأحزاب السياسية أو البرلمان على معالجة تردي الأوضاع المعيشية للسكان، طالما أن سلطة القرار الفعلي هي في يد المؤسسة الملكية». وندد التقرير السنوي باستعمال القوة بقوة في مدينة سيدي إيفني، وما رافقها من «مداهمات وملاحقات وتجاوزات خطيرة، وصلت حد تجريد المعتقلين والمعتقلات من ملابسهن والتحرش الجنسي بالنساء»،يقول التقرير. وحسبه فإن مظاهر عديدة من التعذيب أو المعاملة القاسية تم تسجيلها في المغرب، حيث «بات واضحا استمرار تكريس سياسة الإفلات من العقاب عن جرائم التعذيب، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة». وفي ما يخص المجال الإعلامي، استنكر التقرير السنوي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الضغوطات المتزايدة على وسائل البث الفضائي، في الوقت الذي ظل فيه الإعلام الرسمي خاضعا لسيطرة الدولة. وفي الصفحة 120 في فصلها المتعلق بالمغرب، ذكر التقرير أنه على الرغم من أن المغرب يحتل مكانة أفضل «نسبيا» في مجال حقوق الإنسان، مقارنة مع غيره من الدول العربية، فإنه «يشهد تراجعا عن بعض المكتسبات التي تم تحقيقها»، حيث تم اعتقال عدد من نشطاء حقوق الإنسان، وجرت متابعة عدد من الصحفيين قضائيا بدعوى المساس بالمقدسات، وعادت ممارسات الاحتجاز التعسفي والتعذيب، وانتهاك حرمة المنازل دون أوامر قضائية، «وظل القضاء المغربي مفتقرا لضمانات الاستقلال». وفي البند المتعلق بحرية التعبير والإعلام، أشار التقرير الحقوقي السنوي إلى أن نصيب هذه المنابر كان «وافرا» من المتابعات القضائية والأحكام القاسية، سواء بالغرامات الخيالية كحالة يومية «المساء» أو بالمنع من الصدور، أو غيرهما من الأحكام المجحفة، سواء بسبب ما يسمى ب«المس بالمقدسات» ما أدى إلى تراجعه للرتبة 122 هذه السنة بخصوص حرية الصحافة، وفق تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود. كما استشهد التقرير بحالة عدد من الصحافيين المغاربة المتابعين وبحالة المهندس فؤاد مرتضى والمدون محمد الراجي. وسجل التقرير 48 حالة منع لتجمعات وتظاهرات سلمية هذه السنة، 30 منها عرفت استخدام العنف في مواجهة المتظاهرين، ما أدى حسبها إلى وقوع حالات إجهاض لبعض النساء، وإصابات بليغة في صفوف المواطنات والمواطنين في مناطق عديدة. ولم يفت التقرير الحقوقي السنوي أن يخصص فصلا حول «مشكلات القضاء والحق في المحاكمة العادلة»، حيث ذكر أنه رغم أن مجلس النواب المغربي صوت هذه السنة على القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة العليا المختصة بمتابعة أعضاء الحكومة، فيما يرتكبونه من جنح وجنايات أثناء ممارستهم لمهامهم فإن الشروط التي تم وضعها لتحريك المتابعة متشددة، بما يتعارض مع مبدأ المساواة، ويشجع على الإفلات من العقاب عن جرائم خطيرة، «ما يعيق بناء دولة الحق»، حيث تتخذ السلطات موقفا متشددا اتجاه الآراء التي تنتقد القضاء. وختم التقرير السنوي في فصله المتعلق بالمغرب انه على الرغم من الخطوات الحثيثة باتجاه الإصلاح والتعددية، فإن هناك تناقصا واضحا في الاهتمام الشعبي بالانتخابات. «إذا لم تعمل المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية، على الوصول لإجماع في ما يتعلق بدعم سلطة مجلس النواب والحكومة بالإضافة إلى الحد التدريجي من تكريس السلطة في يد الملك، فإنه من المحتمل أن يزداد تفاقم ظاهرتي العزوف وعدم الاكتراث لدى الناخبين».