لأول مرة تصدر الصحافة بالمغرب بافتتاحيات بيضاء كتب فيها معظم الناشرين عبارة من ثلاث كلمات هي : حذفته الأحكام الجائرة! اثلاث كلمات بوقع كبير، وذلك لعدة اعتبارات أهمها الظرفية السياسية للبلد ووقعها الإعلامي على سمعة المغرب، وهي حركة احتجاجية لن تمر مرور الكرام، كما يعتقد البعض، وعلى رأسهم وزير الاتصال خالد الناصري الذي قال عقب هذه الحركة الاحتجاجية إنه لا يتفق مع أصحابها، لأنه يعتبر بأن من حق القذافي أن يلجأ إلى القضاء إذا اعتبر أنه تعرض للقذف، وهنا لا بأس أن ننبه السيد الوزير بأنه يخلط الأمور عن قصد أو عن غير قصد، فالله وحده مطلع بالنوايا، فالحركة الاحتجاجية لا تهم قضية «العقيد» لوحده وإنما كل القضايا التي تعرضت فيها الصحف لأحكام جائرة وفي زمن قياسي وبمبالغ غير مسبوقة في العالم العربي. هكذا أصبح من حق المغرب أن يدخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية في نسبة مبالغ التعويضات التي تحكم بها المحاكم المغربية ضد الصحافة، أو يزاحم روسياالبيضاء وإيران وسوريا والهندوراس وميامار... في قمع الصحافة. بئس الإنجاز! ولا بأس أن نذكر السيد الوزير بأنه على عهد الحكومة الحالية التي لم تكمل بعد عامها الثاني، أصدرت المحاكم أحكاما ضد «المساء» بستمائة مليون وضد إيكونومي إي أنتروبريز بخمسمائة وتسعين مليونا وضد كل من «المساء» والجريدة الأولى والأحداث المغربية بمائة مليون لكل جريدة لصالح «العقيد» وعشرات الأحكام الأخرى التي لم نتطرق لها وأدتها الجرائد، كما أدت «المساء» الأسبوع الفارط عشرة ملايين في قضية أخرى خسرتها «المساء» وآثرنا عدم الحديث عنها لأننا لا نعتبر أنفسنا فوق العدالة، وهو نفس موقف كل الزملاء الذين تعرضوا لأحكام قضائية، كما هو موقف الآخرين الذين ينتظرون، ك«المساء» التي يطالبها عمر الجزولي بأربعمائة مليون والمشعل التي تطالبها عائلة أمحزون، خالة الملك، بثلاثمائة مليون في ثلاث دعاوى حول نفس الموضوع، وهي القضايا التي جعلت المجتمع المدني، وعلى رأسه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تنظم بالأمس قافلة لخنيفرة لفضح محاولة آل أمحزون ممارسة الضغط على الصحافة من خلال تكثيف الدعاوى. لا بأس في أن نذكر السيد الوزير بأن مثل هذه الحركة الاحتجاجية الراقية هي الأولى من نوعها في تاريخ المغرب، وكما سجل على المغرب، وللأبد، بأنه أوقف ثلاث صحف دفعة واحدة على عهد اليوسفي، فإنه سجل لأول مرة في تاريخ المغرب بأن جل الناشرين امتنعوا عن كتابة افتتاحياتهم وتركوا مكانها للفراغ وحدث هذا على عهد عباس الفاسي، لكن سواء تعلق الأمر باليوسفي أو الفاسي فللمرحلة عنوان كانوا يطلقون عليه «العهد الجديد»، فأصبح بعد عشر سنوات مرحلة ككل المراحل ولنقل وبكل صراحة إنه في ظل أحكام بالملايير ضد مقاولات صحافية تكاد، بالكاد، تؤدي أجور العاملين بها، أصبحت هذه المرحلة، وفي هذا الملف بالذات، بدون عنوان!