ما هو تقييمكم لحصيلة 10 سنوات من الناحية الاقتصادية؟ بعد وصول محمد السادس للحكم، بين تقرير الخمسينات المغرب لم يكن يتوفر على الرؤية الاقتصادية خلال الأربعين سنة الماضية، إذ كانت هناك مبادرات ولكن لا تتوفر على رؤية كاملة، وهذا شكل نقطة ضعف قوية، مما جعل المغرب يعيش تحت رحمة الظرفية، مما قوى ضعف الاقتصاد المغربي وهشاشته، والمشاكل الاجتماعية التي نعرفها، وتنامي الفقر. على ذكر المشاكل الاجتماعية، وعلى الرغم من أن العشر السنوات الماضية عرفت تطورا لنسبة النمو، إلا أن ذلك لم ينعكس على الجانب الاجتماعي، كيف تفسرون ذلك؟ قدمت المندوبية السامية للتخطيط مؤخرا دراسة حول المداخيل والمعيشة، وبينت أن 20 في المائة من الأسر تتحكم في 52 من المداخيل، مع العلم أن 20 في المائة من الأسر الفقيرة تتوفر على 5 في المائة من المداخيل، المغرب يعيش على وقع مشكل كبير، والمتمثل في الهوة الاجتماعية والتي لا يمكن أن تحارب من خلال محارية الفقر، فهي مشكل كبير، ففي الوقت الذي يعتمد المغرب على مشاريع اقتصادية نلاحظ أن هناك تراجع من الناحية الاجتماعية، فمثلا المدرسة التي كانت وسيلة للترقي لتسلق السلم الاجتماعي لم تعد قائمة، فالتعليم العمومي لم تعد له أي قيمة، والذين لهم إمكانيات مادية يوفرون لأولادهم التعليم الخصوصي، والبعض يدرس أبناءه في مدارس البعثات، والذين لا يتوفرون على الإمكانات يذهبون إلى التعليم العمومي، ومن تكون في هذا التعليم ماذا سيكون مصيره؟ البطالة، إذن المجتمع لم يعد يتوفر على الترقي الاجتماعي، فمن ولد فقيرا في المغرب سيبقى فقيرا، وهو ما يخالف مجتمعات أخرى، مثلا وصول أوباما إلى رئيس دولة الولاياتالمتحدةالأمريكية، على الرغم من أصوله، أما في المغرب فالذي ولد فقيرا يموت فقيرا، مع العلم أن في الخمسينات والستينات كان للتعليم قيمة، وقد كان يتيح للفقراء بأن يتطوروا ويرتقوا اجتماعيا. الاقتصاد المغربي يعتمد أساسا على القطاع الفلاحي، هل يمكن لاستمرار نفس المعادلة أن يعطي للاقتصاد دفعة قوية؟ القطاع الفلاحي يمثل 16 أو 17 في المائة من الإنتاج القومي ويشغل أكثر من 40 في المائة من المغاربة ولكن هذا القطاع الكل يعرفه يتطور بوتيرتين، هناك قطاع تقليدي حيث إن الفلاح يبحث فقط على البقاء والعيش، والقطاع العصري، وهو شكل آخر، والدولة تدعم هذا القطاع العصري أكثر من الآخر، بالإضافة إلى أن الدولة نسيت السياسة القروية والتنمية القروية بمعنى أن المغرب قدم أشواطا مهمة، ولكن لم يوفر الماء والكهرباء والمستشفيات في البادية مما جعل المغرب حكم على البادية في الأول بالفقر، ولما تعرض المغرب للجفاف، بدأ الكل ينتقل إلى الوسط الحضري. . بالنسبة للقطاع الفلاحي، اعتمد المغرب على المخطط الأخضر، ما هي حظوظ نجاح هذا المخطط، وبالتالي مساعدة الاقتصاد على التطور، خصوصا وأن القطاع الثاني والثالث بالمغرب يتميزان بالضعف؟ المخطط الأخضر يتوفر على استثمارات وتقوية الإنتاج، والذي لم يعجبني في هذا التصنيف هو أن هذا المخطط عبارة عن خطة عمل، ويقول مثلا إن إنتاج الحليب سيصل إلى أكثر من مليون طن، وسوف نحقق هذه الأرقام، ولكن لا يراعي مدخول الفلاح، ونتحدث على العرض ولا نتحدث عن الطلب، وهذا المخطط لم يضعه الاقتصاديون ولكن وضعه رجال التجارة، الذين يريدون أن يبيعون ويشترون، ولم يعطي أولوية للفلاح وكيفية تحسين دخله، ولو أنه كان يتحدث عن القطاع التقليدي، الذي يجب إعانته من أجل أن يتوفر الفلاح على منتوج آخر غير المنتوج التقليدي والذي يمكن أن يكون له قيمة مضافة قوية. ولكن خطة العمل هذه تقول إنه يجب أن أنتج عدد من الأشياء، فمن الذي سيشتري هذه الأشياء، إذن يجب أن تكون هناك سياسة للطلب، وهذا ما لا يتوفر لدى المخطط الأخضر الذي يعتمد على سياسة العرض. فالمغرب الكل تعلم خطة العمل، لكن هذه الخطة تنتهجها الشركة والمقاولة من أجل البيع والشراء، ولكن الدولة لا يجب أن تتبنى خطة عمل، ولكن يجب أن تنتهج خطة تنمية، وتصميم تنموي يأخذ بعين الاعتبار جميع الأوراش، وكيفية دعم الفلاح، ومن الناحية الاجتماعية ما هي الأشياء الضرورية للنهوض بالفلاحة، هذا القطاع الذي نسمع بالنهوض به منذ الاستقلال. ننتقل إلى الحديث عن القطاع الصناعي والتجاري، فهل عدم الاهتمام بهذا القطاع خلال العشر السنوات الماضية هو الذي أدى القطاع إلى عدم توفره على تنافسية، سواء عل الصعيد الداخلي أو الخارجي، وبالتالي فإن هذا القطاع مازال يراوح مكانه؟ الاهتمام بالمغرب منصب على المشاريع الكبرى مع العلم أن النسيج الصناعي المغرب يتكون من المقاولات الصغرى والمتوسطة، وفي الوقت الذي ينفتح المغرب على الخارج، وفي ظل العولمة، هذه المقاولات لا تتوفر على القدرة على مواجهة التنافسية العالمية، ولمواجهة هذه التنافسية يجب أن يكون هناك تأهيل، وسياسة التأهيل لم تعط أي نتيجة لحد الآن، ويكمن القول أن المغرب تفوق في المشاريع الكبرى خصوصا في البنية التحتية، والمغرب قام بمجهود لا بأس به في البنية التحتية خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن النسيج الاقتصادي والصناعي هو نسيج هش جدا، ولكي يرتفع إلى درجة معينة يجب أن تكون هناك سياسة تأهيلية، مبنية على تمويل قوي ومساند من لدن الدولة. وعندما يقولون إن سياسة التأهيل فشلت إذ أن النسيج الصناعي يراوح مكانه، فالقطاع الكيماوي يتوفر على إمكانات، والقطاع الغذائي في حالة متوسطة،وقطاع النسيج يندحر، وقطاع السيارات يعاني خصوصا في ظل الأزمة، لا أتحدث على قطاع الخدمات ولكن أتحدث عن القطاعات الصناعية، هذه القطاعات الكبرى تعاني، والقطاعات التي لا تعاني تتمثل في القطاعات غير موجهة إلى الخارج مثلا البناء، أما القطاعات الأخرى المصدرة فهي تعاني ومازالت ستعاني مستقبلا. حسب مؤشرات مكتب الصرف هناك تراجع في مداخيل الأسفار في الاستثمار وفي تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، هل هذا يؤشر على أن الأزمة مازلت تحصد الخسائر بالمغرب؟ بدأت تداعيات الأزمة الاقتصادية تظهر بالمغرب، ونتائجها بدأت تطفو عل السطح، ولحد الآن المغرب لم يعاني من الأزمة على اعتبار أن الأزمة كانت مالية والسنة الفلاحية ممتازة، ولكن المداخيل الكبرى المتأتية عن طرق السياحة والاستثمار والمهاجرين تراجعت، وهذا سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد المغربي، وخلال السنة المقبلة سيجد المغرب صعوبات كبيرة في هذا الميدان، لكن بوادر انعكاسات الأزمة بدأت تظهر في المغرب.