الاقتصاد التضامني يملك مفاتيح مساعدة 8 ملايين مغربي في وضعية فقر أو هشاشة، على اعتبار أنه يشتغل على طرف نقيض من النظام الرأسمالي، ويختلف عليه من حيث الوسائل أو الأهداف، وتتمثل أهمية هذا الاقتصاد في استهدافه لشرائح مجتمعية ضعيفة، حيث يعطي فرصا أكثر للاندماج في الدورة الإنتاجية، وبالتالي الإسهام في الدخل الوطني ومساعدة أسر على الخروج من دائرة الفقر. الاقتصاد التضامني الذي يهم أساسا التعاونيات والجمعيات والتعاضديات يرتكز على المنفعة الاجتماعية في مقابل الربح السريع للرأسمالية، ويعتمد على المعيار الاجتماعي والموارد البشرية. الاقتصاد التضامني مازال الاقتصاد التضامني بالمغرب في مراحله الأولى، ولم يستفد من دعم الدولة، أو المؤسسات المالية التي اختارت أن تنخرط في خيارات أخرى من قبيل القروض الصغرى التي بقدر ما ساهمت في تعميق أزمة المستفيدين منها بقدر ما ساهمت في رفع المديونية الكبيرة للعديد من الأسر المغربية. وعلى الرغم من محدودية نتائج التجارب الاستثمارية التي تستهدف أساسا شرائح مجتمعية ذات دخل محدود، إلا أن الجهات الوصية لم تمد للاقتصاد التضامني يد المساعدة، ليبقى مقتصرا على تجارب جمعيات المجتمع المدني وبعض الأفراد الذي أسهموا بقدر كبير في إنقاذ أسر مغربية من براثين الفقر، بالإضافة إلى التعاونيات التي قطعت أشواطا مهمة في مساعدة كم هائل من الأسر من الحصول على أعمال مدرة للدخل. فلسفة الاقتصاد التضامني التي تهم أساسا التعاونيات والجمعيات والتعاضديات، حيث تقوم على مساعدة أسر ذات دخل محدود عبر مساعدتها لإنشاء وحدات إنتاجية صغيرة والتضامن معها، وبالتالي مساعدتها في الإسهام في الدورة الإنتاجية للمجتمع، وفي التقليص من معدلات الفقر الكبيرة التي تبلغ حسب الإحصاءات الرسمية 8 ملايين في وضعية فقر أو هشاشة. ويرى عدد من المتتبعين أنه بدل الاعتماد على صيغ معقدة من أجل مساعدة شريحة كبيرة من المجتمع في الحصول على مورد رزق، وهو ما يتجلى أحيانا في قروض بنكية ذات نسب فائدة كبيرة تدخل المستفيدين منها في دوامة مفرغة، إذ يعملون أساسا على كيفية تسديد هذه القروض فقط، ويمكن مساعدة أسر وشباب ونساء في إطار جمعيات أو تعاونيات في الانخراط في أعمال مدرة للدخل عبر مساعدته في مرحلة أولى في رأس المال، ومتابعتهم عبر اقتسام الأرباح إلى أن يجدوا لهم موطأ قدم في النسيج الاقتصادي، وهو ما يندرج في إطار المشاركة، أو مساعدتهم في إحداث تعاونيات أو جمعيات ذات صبغة اقتصادية. ويعتبر الاقتصاد التضامني بمثابة وحدات اقتصادية ذات بعد اجتماعي تهم كل الميادين وتستهدف الفئات الضعيفة، إذ إن طرق تمويلها تعتمد إما على الأفراد المسهمين الذين يقتسمون الأرباح في آخر المطاف، أو على إسهام البعض بالأموال والبعض الآخر بالعمل. مواجهة الأزمة أشار بعض الفاعلين في قطاع الاقتصاد التضامني أنه يملك مفاتيح إنقاذ العديد من الأسر التي تقبع في مستنقع الفقر والتهميش من جهة، ويتوفر على فعالية كبيرة في الحد من الأزمة الاقتصادية العالمية، على اعتبار اعتماده على التدبير الجماعي وارتكازه على الشق الاجتماعي. ويمكن للاقتصاد التضامني أن يحيد عن أهدافه الرئيسية ويدخل في اتجاهات مغايرة، وفي هذا الإطار اعتبر زهير الخيار أستاذ الاقتصاد الجامعي أنه لا يمكن اعتبار الاقتصاد التضامني يشكل بديلا في ظل هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة، على اعتبار أنه لا يعطي نتائج كبيرة، ولأن الإشكال الاقتصاد المغربي إشكال بنيوي، وليس هناك بنية اقتصادية جيدة. وأكد أن المغرب يفتقد إلى نسيج اقتصادي يسمح بتنزيل هذا القطاع، إذ إن الصناديق تختلس، وهناك سوء تدبير، بالإضافة إلى تمركز الثروة في يد قلة. وأشار إلى أن الاقتصاد التعاوني الذي يمثل التعاضديات والجمعيات، يعتبر من أسهل البنيات التي يمكن أن تختلس. وعلى الرغم من تطور التعاونيات على المستوى العددي، إلا أن التساؤل يبقى هو مدة استفادة المسهمين من نفس حصص المداخيل، حسب الخيار، الذي أضاف أن الإشكال الكبير في الاقتصاد التضامني هو أنه غير محصن من الاختلاسات، إذ إنه يمثل بديلا للاقتصاد الريعي على المستوى النظري، ويعطي بديلا للأسر ذات الدخل المحدود، إلا أنه على مستوى التنزيل يعرف العديد من الصعوبات. من جهته قال أحمد آيت حدوث رئيس الجمعية المغربية لدعم وتنمية المقاولة الصغرى والمتوسطة إن هناك فرقا بين الاقتصاد الاجتماعي والاقتصاد التضامني، فالأول يوجد ما بين الاقتصاد العام والخاص، فهو على الرغم من أنه اقتصاد إلا أنه يعطي الأولية لما هو اجتماعي ولا يهدف إلى الربح، ويقسم الأرباح بطريقة منصفة، والمكون الأساسي للاقتصاد الاجتماعي هي التعاونيات، في حين أن الاقتصاد التضامني، يتمثل في أن الناس يشترون منتوجاته من أجل التضامن ومساعدة الواقفين وراءه، الذين غالبا ما ينتمون إلى الطبقات ذات الدخل المحدود، وهو يقوم على التكافل والوعي، إذ إن الجمعيات التي تهتم بهذا الاقتصاد تهدف إلى التضامن، وهذا الاقتصاد بالمغرب مازال في بدايته. يعرف القطاع العديد من الإكراهات، سواء تعلق الأمر بالشق التنظيمي والقانوني المنظم للقطاع أو إسهام البحث في هذا القطاع، وتأهيل القائمين على القطاع، بالإضافة إلى منافسة القطاعات والمقاولات الأخرى التي تتوفر على الإمكانات المالية واللوجستيكية.