كيف تلقيتم خطاب أوباما وحديثه عن التوترات بين العالم الإسلامي وأمريكا، هل يعكس هذا الخطاب تغييرا في استراتيجية الولاياتالمتحدةالأمريكية اتجاه العالم الإسلامي؟ أم أنه مجرد حملة علاقات عامة يقصد من ورائها تحسين صورة أمريكا؟ بداية أقول أن يحتاج الرئيس الأمريكي لتوجيه خطاب للعالم الإسلامي أو أن يسعى لتحسين صورة بلده هو أمر جيد من حيث المبدأ، فالعالم الإسلامي لا يمكن تجاوزه أو تجاهله والعلاقة معه أساسية ومركزية، الأمر الثاني أن هذا الخطاب لا يمكن فصله عن مبدأ التغيير الذي كان كلمة السر في برنامج أوباما الانتخابي وهو من هذه الزاوية يدل على التغيير حتى إشعار آخر ضمن المقارنة بين أوباما وسلفه، بلا شك أوباما يبحث عن مصالح بلده، فهو رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي قيل ويقال ونقوله في العالم الإسلامي أننا يمكن أن نعيش في هذا العالم جميعا بكل تنوعنا واختلافنا بل و تناقضاتنا وفق علاقات مبنية على الاحترام المتبادل وحماية المصالح المشتركة كما يأمرنا ربنا سبحانه في قوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الممتحنة : 8) واستحسان كثير من المتتبعين مضامين الخطاب العامة يأتي من هذه الزاوية. حمل خطاب أوباما مواقف إيجابية من الإسلام وقضية الحجاب، بالإضافة إلى أنه أبعد عن خطابه مفهوم الحرب على الإرهاب وتحدث فقط عن عنف المتطرفين، ألا يمكن أن نعتبر ذلك مؤشرا على تغيير في نظرته؟ نعم كل الإشارات الإيجابية التي قالها لا يمكن أن تصنف إلا في خانة التغيير والذي نقدر أبعد من ذلك انه قد يساهم في دفع مواقف أطراف أخرى داخلية وخارجية أيضا للتغيير كما نشر مؤخرا عن الرئيس الفرنسي بأنه يوافق على كل ما قاله أوباما بشأن الاستيطان. لكن علينا ألا نفرط في التفاؤل أو أن تكون ثقتنا بما عندنا متوقفة على شهادة تزكية هذا الطرف أوذاك أو يكون غاية ما نطلب هو كلام مباح ، ولذلك فالعالم الإسلامي ينتظر ترجمة ما قيل من كلام جميل إلى مواقف عملية أجمل، والذي تفعله القوات الأمريكية في أفغانستان لا يدل على ذلك!! أضف إليه سلبيته المفرطة تجاه موضوع الحصار على الشعب الفلسطيني والتعامل مع حماس وترك الأمر للكيان الصهيوني ؟! وإن غدا لناظره لقريب!! في المقابل فإن العالم الإسلامي مطلوب منه الفعل وليس انتظار أن يغير الآخرون مواقفهم ، فهذا التغيير هو ثمرة لفعل وترجمته إلى أعمال أو القطع مع التراجع عنه يحتاج هو الآخر إلى فعل. وعلى الذين يقللون من أهمية كافة أشكال الاحتجاج السلمي المدني أن يراجعوا مواقفهم. بعض التنظيمات الإسلامية رأت أن مؤشر التغيير الحقيقي يكمن في موضوع القضية الفلسطينية وهو الموضوع الذي لم يحمل فيه خطاب أوباما أي جديد اللهم ما كان من عبارات ملطفة في حق حماس، إلى أي حد يمكن اعتبار الموضوع الفلسطيني معيارا للحكم على مدى تغير النظرة الأمريكية من عدمه؟ هذا السؤال تتمة لما سبق الملف الشائك والذي يمكن القول بأنه سبب توسع حالة العداء للولايات المتحدةالأمريكية في العالم الإسلامي هو الموقف من القضية الفلسطينية و الذي طبعه على الدوام الانحياز الكلي لإسرائيل وإشهار الفيتو الأمريكي في الأممالمتحدة تصريحا أو تلميحا كلما تعلق الأمر بإسرائيل مهما كانت الجرائم في فظاعتها وبشاعتها ... وهذا لا يرشح الولاياتالمتحدة لأن تكون راعية للسلام وقد وضعت على أعينها نظارات إسرائيلية!! أما العبارات الملطفة في حق حماس فلا تكفي ولا تغير من الأمر شيئا،لأن حماس لا تطلب شهادة تزكية من أوباما بل المطلوب منه ومن كل عقلاء العالم التحلي بالواقعية والتعامل مع حماس على أنها حقيقة فلسطينية وليست زائدة فلسطينية. عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح