شكل انعقاد ندوة بنك المغرب الدولية حول الأزمة العالمية ودور البنوك المركزية، الجمعة بمدينة مراكش مناسبة لإطلاق إشارات مهمة حول أهمية الاندماج الاقتصادي سواء في البلدان المغاربة، أو في إفريقيا، إذ أشار توفيق بكار محافظ البنك المركزي التونسي في كلمته الرسمية خلال الجلسة الأولى إلى أن شعورا متناقضا ينتابه عند زيارته إلى المغرب، ففي الوقت الذي يحس بانشراح لما يتذكر الدور الذي يلعبه أحد البنوك المغربية في جنوبتونس، يشعر بالأسى وهو يضطر في المغرب إلى صرف الدينار العملة التونسية إلى الأورو، ثم صرف الأورو إلى الدرهم المغربي، وذلك في إشارة عميقة إلى الصعوبات التي يطرحها تعثر الاندماج الاقتصادي المغاربي. إشارة التقطها عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، ورد في ختام أشغال هذه الندوة الدولية حول دور البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي في رصد الأزمات المالية وتدبيرها، بأن الاندماج الاقتصادي الجهوي في بلدان المغرب العربي ضرورة محلة، من أجل تنمية الاقتصاد، ولمواجهة الأخطار الاقتصادية والإسهام في تجاوز الأزمة المالية العالمية. وأوضح أنه في انتظار ذلك، وجب الاستمرار في تفعيل العلاقات الثنائية التي يشكل فيها المغرب وتونس نموذجا، لكن سيبقى حتما دون الأمل المنشود في تقوية اقتصاديات المنطقة والتخفيف من آثار الأزمة إلا إذا انخرطت فيه باقي الدول المغاربية. وفي السياق ذاته أشار دونالد كابيروكا رئيس البنك الإفريقي للتنمية في الكلمة الختامية للمؤتمر أن على الدول الإفريقية السعي إلى تحقيق الاندماج الاقتصادي الجهوي بالسرعة الممكنة، وتعتبره أولوية في استراتيجيها الاقتصادية وسياستها المالية، وألا تعول كثيرا على المجموعة الدولية في التخفيف من آثار الأزمة المالية العالمية. وانتقد في الكلمة الختامية للندوة صندوق النقد الدولي بترجيحه للتدخلات القصيرة الأمد التي وضعت الدول الفقيرة في تنافس مع البلدان الغنية، وأعاقت سبل ولوجها للموارد، موضحا أن التركيز على التدخلات البعيدة المدى وحده القادر على تقوية الاقتصاديات الإفريقية وإحداث مناصب الشغل وتحفيز النمو والتقليص من ظاهرة الفقر. من جهته لم يفوت جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي الفرصة للتأكيد على أهمية التبادل الاقتصادي بين المغرب وأوروبا، مشيرا أن أزيد من 50 في المائة من صادرات المغرب ووارداته تتم مع منطقة اليورو، وهذا دليل آخر على أن الطرفين مرتبطان بعلاقات متينة، وأضاف أن المغرب وباقي الاقتصاديات الناشئة تأثر بالأزمة الاقتصادية، لكنه قادر في الأمد البعيد على النهوض من جديد.