في تداع مأساوي للمواجهات بين الجيش الباكستاني ومسلحي حركة طالبان، أشارت تقارير الأممالمتحدة إلى أن عدد النازحين الفارين من أتون الحرب بلغ 8,1 مليون لاجئ، وهو أكبر رقم من نوعه منذ استقلال البلاد عام .1947 وشكا كثير من النازحين من سوء أوضاعهم، حيث اعتبروا أن الطعام الذي يأكلونه في مخيماتهم لا يصلح للحيوانات. وأظهرت تقارير دولية وجود تنامي عدد المخيمات، منها على سبيل المثال مخيم جالوزي، بالقرب من مدينة بيشاور، حيث بلغ عدد النازحين فيه 93 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال. وتبدو الصورة قاتمة بحسب المشاهدات في هذا المخيم، حيث يشكو اللاجئون من ضيق ذات اليد، والعجز عن شراء المواد الضرورية للاستمرار في الحياة. ورغم المساعدات التي تأتيهم من الأممالمتحدة، مثل الطحين الذي يصنعون منه خبزهم، فإن النازحين يشتكون من قلة جودته، حيث ورد على لسان بعضهم أن الحيوانات تترفع عن أكله. من جهته أكد وزير الداخلية الباكستاني، عبد الرحمن مالك، أن الوضع أسوأ من كارثة نازحي زلزال عام 2005 في بيشاور، مبيناً أن اللاجئين كانوا قد أتوا من مناطق أكثر برودة من الأماكن التي نصبوا عليها خيامهم، مما يجعلهم عرضة للأمراض وتقلبات الطقس، خصوصاً وأنهم غير معتادين على سخونة الجو التي يشهدونها حالياً. يُذكر أن القوات الباكستانية كانت قد كثفت عملياتها العسكرية خلال الأيام الماضية، ضد مسلحي طالبان في شمال غربي البلاد، لاستعادة السيطرة على تلك المناطق، مع تركيز عملياتها في مدينة منغورا كبرى مدن وادي سوات. واشتبكت القوات الحكومية مع المسلحين في شوارع منغورا، التي بقي من سكانها بين 15 و20 ألف، بعد نزوح بقية السكان بسبب المعارك الدائرة هناك، لكن هذا الاقتتال لم يوقع إصابات بين المدنيين، وفق ما أعلن الناطق باسم الجيش الباكستاني، الجنرال أطهر عباس. في سياق متصل، دعا الإخوان المسلمون في مصر إلى حقن دماء مسلمي إقليم سوات بباكستان، مؤكدين أن ما يجري هناك من عدوان وقتل ودماء جزءٌ من مخطط إضعاف الأمة واستنزاف طاقاتها ودماء أبنائها، بتخطيط ومكر ودهاء وضغط أمريكي صهيوني. وأضاف الإخوان في بيان لهم أول أمس أنهم لا يرون في قتل الرجال والتنكيل بالنساء وتشريد الأطفال والإتيان على الأخضر واليابس منعًا للإرهاب كما يزعمون، بل هو الإرهاب الصهيوني الأمريكي بعينه. وربط البيان بين ما يحدث وبين اللقاء الذي تمَّ في واشنطن يوم 7 مايو الماضي بين الرئيس الأمريكي أوباما وكلٍّ من رئيس باكستان آصف زرداري ورئيس الوزراء الأفغاني حامد قرضاي. وأكدوا أنه على الرغم من محاولات الإدارة الأمريكيةالجديدة إظهار سياساتها وكأنها مختلفة عن نهج وسياسة من سبقها؛ إلا أن الوقائع العملية تُثبت عكس ذلك، فالسياسة الأمريكية لم تتغيَّر، وأمريكا هي التي تمارس الإرهاب الحقيقي، وهذا ما تؤكده الأحداث الجارية في وادي سوات بباكستان، والمتابع للتطورات التي تحيط بها يلمس أنها حرب أمريكية جديدة في دولة مسلمة؛ حيث يقتل المسلمون المسلمين. وطالب البيان الحكومة الباكستانية بأن تتخذ المواقف الفورية بما يحفظ الدماء الزكية للشعب الباكستاني، ودعوا جميع الشعوب الإسلامية وخصوصًا الشعب الباكستاني بكافة فصائله وجماعاته ومؤسساته إلى أن يعلن رفضه، وأن يرفع صوته لمنع إراقة دماء الباكستانيين بأيدٍ باكستانية وبدعم صهيوأمريكي.