من الضروري ونحن نتعامل مع النداء الثاني الذي أطلقته حركة التوحيد والإصلاح في مجال الدفاع عن القيم والأخلاق، والذي حمل شعار من أجل سمعة المغرب وكرامة المرأة المغربية، أن نتوقف عند ثلاثة عناصر، تكشف الحاجة الملحة لمبادرة من هذا النوع، وتفرض على باقي الفاعلين إنهاء مؤامرة الصمت على ظاهرة تنخر مجتمعنا طيلة سنوات، حتى أصبح المغرب قبلة شبكات المتاجرة في الاستغلال الجنسي للمرأة المغربية في الخارج. 1 أنه في الوقت الذي تتالت التقارير العلمية المحلية والدولية عن ظاهرة الاستعباد الجنسي للمرأة المغربية في الخارج، مما أسهم وبشكل كبير في تدهور سمعة المغرب، وما نجم عن ذلك من بروز الوعي الوطني بأهمية الحفاظ على سمعة المجتمع المغربي، ومحاصرة كل الظواهر التي تطعن في كرامة المجتمع وتشوه هويته وتهدد نسيجه المجتمعي، فإن المبادرات الصادرة لمواجهة ذلك تبقى محدودة إن لم نقل منعدمة، بالرغم من أن المرجعية الإسلامية للمغرب تفرض التوفر على مخطط متكامل لذلك، خاصة وأنه مع مقدم كل صيف تنشط حركة مشبوهة لهذه الشبكات التي تصطاد فتيات المغرب لمصلحة مافيا الدعارة والبغاء العالمي. 2 تزامن إطلاق النداء مع اليوم العالمي للأسرة ثم انطلاق الحملة العالمية لإلغاء تجريم الشذوذ الجنسي في 08 دولة من بينها المغرب، وذلك من أجل رفع العقوبات عن ممارسة الشذوذ الجنسي، وتقديم أوربا كنموذج بسبب انتقالها في عشرين سنة من تجريم الشذوذ إلى تجريم معاديه، ولعل انطلاق هذه الحملة يكشف بوضوح حجم التحدي القيمي الذي سيواجهه المغرب في هذا المجال، والذي يؤكد الدلالة الاستراتيجية للتدافع الجاري حول الهوية والقيم بالمغرب، والذي يعتبر في استراتيجيات القوى الدولية محطة رخوة يمثل كسبها مقدمة لكسب المعركة في باقي الدول العربية والإسلامية، وغني عن الذكر أن منطق إلغاء التجريم القانوني للشذوذ الجنسي لا يمثل سوى الوجه الآخر لإلغاء ثقافة الحلال والحرام المؤطرة لحياة المسلمين، ومحاولة الالتفاف عليها باعتبارها عقبة أمام سياسية استهداف الهوية الإسلامية للمغرب وباقي الدول العربية والإسلامية. 3 أن البيان وضع الفاعلين أمام مسؤولياتهم اتجاه خطورة هذا التردي الأخلاقي الذي يشوه سمعة المغرب، وفي نفس الوقت، تحرر في تفسيره للظاهرة من اللغة الأخلاقية، واعتبر أن معالجتها تحتاج إلى مقاربة شمولية، تحضر فيها الأبعاد التربوية والثقافية والتنموية والإعلامية والأمنية والقانونية، طبعا بعد فهم حقيقتها والمحددات التي تسببت في إنتاجها. وهو ما يعني أن الحركة تجاوزت مفردات الخطاب الاحتجاجي في طرحها لقضايا الهوية والقيم، وأسست لمنطق جديد في التعامل معها؛ يضع المصلحة الوطنية سقفا للنقاش في الموضوع، ويبتعد عن اللغة السياسوية التي تحمل المسؤولية لطرف دون طرف، ويحدد الظاهرة من خلال الاستناد على المعطيات العلمية، ويتجاوز الخطاب الأخلاقي في التفسير؛ ليضع الظاهرة بجميع تفاصيلها على مشرحة التحليل، ويقترح مقاربة شمولية تحضر فيها كل الأبعاد، ويضع في المحصلة كل الفاعلين في الحقل المدني والسياسي أمام مسؤوليتهم في الحفاظ على سمعة المجتمع المغربي وكرامته وهويته الأخلاقية، وينتهي إلى التعبير عن الاستعداد الكامل للانخراط والتعاون مع مختلف الفاعلين والغيورين، لوقف النزيف الخطير المهدد للنسيج الثقافي والاجتماعي المغربي، وهي مقاربة جديدة في التعاطي مع قضايا الهوية والقيم تعكس تحولا كبيرا في أسلوب اشتغال الحركة، يقوم على مبدأ الاستيعاب والانفتاح باعتباره مدخل للإصلاح وشرط في التدافع.