أي قيمة مضافة يمكن لتجربة الحركة الإسلامية بالمغرب أن تقدمها في سبيل بناء علاقات عادلة ومتوازنة بين العالم الإسلامي والغرب؟ يمكن القول إن الندوة الدولية للاتحاد العالمي للبرلمانيين الإسلاميين، والتي احتضنتها أكادير طيلة اليومين الماضيين في موضوع الحوار بين الغرب والحركات الإسلامية، كانت مناسبة للكشف عن إمكانات مقدرة لتيار المشاركة السياسية في الحركة الإسلامية بالمغرب في هذا المجال، وهي إمكانات نتجت من جهة عن تطور وضعية الاندماج السياسي لتيار المشاركة السياسية، برغم ما عرفه من تعثرات جزئية، إلا أنه في المحصلة أبرز دور هذا التيار في دعم الاستقرار وتقوية خط الاعتدال، والدفع في مسار الإصلاح السياسي والاجتماعي في إطار من احترام قواعد المنافسة الشريفة، كما أنها- أي الإمكانات- تعززت بإرادة السعي لتقوية موقع المغرب في ساحة العلاقات الدولية، واعتبار تجربته بما لها وما عليها أرضية لنزع فتيل توتر استحكم في علاقة الغرب بالعالم الإسلامي، خاصة بعد أن أصبح عنوان الإرهاب هو المؤطر لهذه العلاقة وما جلبه من تدخلات غربية في المنطقة وتواطؤ مع العدو الصهيوني، مما كان له ثمن فادح من استقرار العالم وأمنه. اليوم ثمة مؤشرات متصاعدة عن الرغبة في بناء مرحلة جديدة مع العالم الإسلامي، وتم اختيار تركيا للتعبير عن هذه الإرادة التي لم تسندها بعد أفعال قوية، إلا بعض الاستثناءات كالجدولة الجزئية للانسحاب من العراق أو إغلاق معتقل غوانتانامو أو ما عبر عنه مؤخرا المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل في مؤتمر عبر الهاتف؛ بعد جولته الأخيرة في المنطقة، حيث قال بأن مسألة التعامل مع حماس أمر لا مفر منه، فضلا عن خطاب رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، والذي وجه إلى مجلس العموم البريطاني، لكن في المقابل كانت كلمة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في الكونغريس حول القضية الفلسطينية شاردة ومكررة لأخطاء الإرادة الأمريكية السابقة، وهو ما يفرض من ناحية تفاؤلا حذرا، ومن ناحية أخرى عملا استباقيا للحيلولة دون إفشال التراكمات الإيجابية. لقد خلصت الندوة الدولية إلى ضرورة إطلاق مبادرة للحوار الصريح الهادف إلى إسماع صوت المجتمعات في دفاعها عن مصالحها وسيادتها، بما يتيح أولا تحقيق التراكم والبناء المؤسساتي للحوار، وتجاوز جعله مجرد لقاءات تخدم سياسات الديبلوماسية العامة أكثر منها تشكيل فرص لحوار حقيقي يؤسس لعلاقات قائمة على الاحترام والاعتماد المتبادل بين الغرب والعالم الإسلامي، ويمكن ثانيا من التأثير على مسار السياسات المتبعة من قبل الدول الغربية تجاه العالم الإسلامي، ويساعد ثالثا على مواجهة التيار المعادي لأي علاقات عادلة مع العالم الإسلامي. أين المغرب من كل هذا؟ الواقع أن رصيد الحركة الإسلامية المغربية من الخبرة المتراكمة في مجال الديبلوماسية الشعبية وخصوصية الموقع الجغرافي للمغرب توفر فرصا مهمة لذلك، تتعزز معها سمات النموذج المغربي في التعامل مع الحركة الإسلامية المعتدلة.