خولت المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية لقاضي التحقيق إصدار الأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية دونما حاجة إلى ملتمس الوكيل العام بشأنها، ودون التقيد بأنواع الجرائم المنصوص عليها في المادة المذكورة مادامت قد ثبتت للقاضي حالة الضرورة انطلاقا من وقائع وظروف القضية، والطريقة التي ارتكبت بها الأفعال موضوع التحقيق، وانطلاقا من قضية اليوم، والتي حاول من خلالها المتهم الطعن في القرار، الذي قضى بالحكم عليه بـ 8 أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 50 ألف درهم، والحرمان من حق الترشح للانتخابات لمدة سنتين انتدابيتين متتاليتين بسبب قيامه خلال الحملة الانتخابية بتقديم هدايا وتبرعات.. ومن ثم فإن المشرع خول للوكيل العام للملك في حالة الاستعجال القصوى بصفة استثنائية الأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية متى اقتضت ذلك المصلحة، فما هي حيثيات هذه القضية وما تعليل المجلس الأعلى الذي رفض الطلب. حملة وهدايا بدأت الحملة الانتخابية، وبدأ بعض المرشحين في تقديم هدايا وتبرعات، وقدم آخرون وعودا لمجموعة من المواطنين بقصد التأثير عليهم للتصويت عليهم. وبسبب الحملة التي انتهجتها الجهات المسؤولة، والتي خصت بعض المنتخبين فقط حسب ما أكده الملاحظون، تم القبض على الطاعن في حالة تلبس بعد أن التقطت مكالمات هاتفية له من قبل. أدين أحمد بالحصول على أصوات عدة ناخبين بفضل هبات وتبرعات نقدية والوعد بها بقصد التأثير على تصويتهم، وذلك بطريقة مباشرة وبواسطة الغير، إلا أن الطاعن أنكر المنسوب إليه. إلا أن إنكاره فندته تصريحات المتهم أثناء الاستماع إليه كشاهد في مرحلة التحقيق بعد أدائه اليمين القانونية، إذ أكد بأنه جلب مجموعة من الأشخاص ليصوتوا لفائدة محمد مقابل مبلغ من المال قدره 5000 درهم، تكلف المتهم حميد بتسديدها لهم، وبأن حميد هو من مكنه بواسطة هاتفه المحمول من الاتصال بأخيه محمد، حيث أجرى معه ركاني المكالمة الهاتفية التي تضمنها الشريط الصوتي، وتفنده أيضا تصريحات الشاهد بوغابة بعد الاستماع إليه خلال مرحلة التحقيق بعد أدائه اليمين القانونية، إذ أفاد بأنه رفقة ركاني ومجموعة من أعضاء المجلس القروي لسيدي الطيبي بإحدى المقاهي حينما التحق بهم المتهم حميد، طلب منهم مساندة أخيه خلال الحملة الانتخابية مقابل مبلغ 5000 درهم، وتم الاتفاق على عدم الإقدام على أي خطوة قبل التشاور في ما بينهم، وتكذب إنكاره أيضا تصريحات المتهم منصور الذي استمعت إليه في مرحلة التحقيق، إذ أكد بأنه توصل بمبلغ 5000 درهم من المتهم حميد شخصيا مقابل التصويت على أخيه محمد. إدانة وحكم ثبت للمحكمة بأن المتهم حميد قام خلال الحملة الانتخابية بتقديم هدايا وتبرعات(لفائدة منصور)، ووعد بها لمجموعة من المواطنين بقصد حملهم على التصويت لفائدة أخيه محمد، وبأنه ساعد هذا الأخير في الحصول على أصوات عدة ناخبين بفضل هبات وتبرعات نقدية بقصد التأثير على تصويتهم، وذلك بطريقة مباشرة وبواسطة الغير، وكذلك شارك أخاه في القيام خلال الحملة الانتخابية بتقديم تبرعات نقدية والوعد بها بقصد التأثير في تصويت هيئة من الناخبين أو بعض منهم. ومن ثم أصدر المجلس الأعلى في الغرفة الجنائية (بالقسم الثالث)القرار عدد 1817/3 وتاريخ 11/07/2007 قرارا برفض طلب النقض المرفوع من الطاعن ضد القرار القاضي بإلغاء الحكم الابتدائي المحكوم بواسطته ببراءة الطاعن من القيام خلال الحملة الانتخابية بتقديم هدايا وتبرعات والوعد لمجموعة من المواطنين بقصد التأثير على تصويت هيئة من الناخبين أو البعض منهم، والتوسط والمشاركة في الحصول على أصوات عدة ناخبين بفضل هبات وتبرعات نقدية والوعد بها بقصد التأثير على تصويتهم، وذلك بطريقة مباشرة أو بواسطة الغير كذلك، والمشاركة في القيام خلال الحملة الانتخابية بتقديم تبرعات نقدية والوعد بها بقصد التأثير في تصويت هيئة من الناخبين أو بعض منهم، والحكم تصديا بإدانته من أجل ذلك ومعاقبته بثمانية أشهر حبسا موقوفة التنفيذ، وغرامة قدرها خمسون ألف درهم، والحرمان من حق الترشيح للانتخابات لمدة سنتين انتدابيتين متتاليتين. طعن تقدم المتهم بالطعن في قرار المحكمة بالنقض، موضحا أن الحكم تخللته اختلالات وخروقات جوهرية، ذلك أن قاضي التحقيق أصدر أمرا بالتقاط المكالمات دون بيان لحالة الضرورة التي اقتضاها البحث، وأن المسطرة الواجب اتباعها لم تحترم، إذ لم يلجأ الوكيل العام للملك إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف لاتخاد هذا الإجراء، وأن محكمة الاستئناف قررت عدم قبول هذا الدفع، وخرق المادة ,86 ذلك أن قاضي التحقيق أصدر أمرا بالإنابة القضائية كلف بمقتضاه أحد ضباط الشرطة القضائية بأن يقوم بإجراءات البحث دون بيان لسبب ذلك، والمانع الذي حال دون قيامه شخصيا بإجراءات البحث، كما أنه قام باستنطاق الطاعن تفصيليا في اليوم الموالي لاستنطاقه ابتدائيا دون احترام للآجال القانونية المنصوص عليها في المادة ,139 الأمر الذي يشكل خرقا للمادة .135 ثم إن المحكمة قررت عدم قبول الدفوع الشكلية المثارة أمامها خرقا لمقتضيات المادة 324 ، وأن الطاعن لم يتم إشعاره بقرار الإحالة. وفي شأن الوسيلة الثانية المتخذة من خرق حقوق الدفاع تقدم الطاعن بواسطة دفاعه أمام محكمة الاستئناف بطلب وفق المادة 325 من قانون المسطرة الجنائية يلتمس بموجبه استدعاء الشهود الواردة أسماؤهم بالطلب. وبعد دراسة القضية من قبل محكمة الاستئناف عللت موقفها أنه استنادا إلى كل ما سبق بيانه، وما ثبت من أفعال في حق المتهمين التي صرحت المحكمة بإدانتهم من أجلها يبقى طلب استدعاء الشهود غير ذي جدوى، ويتعين بالتالي عدم الاستجابة له، هذا فضلا عن الاستماع إلى الشهود من قبل محكمة الاستئناف أمر استثنائي إذ نصت الفقرة الرابعة من المادة 407 من قانون المسطرة الجنائية على أنه يستمع إلى الشهود إن كانت الغرفة قد أمرت استثنائيا بالاستماع إليهم، مما يبقى معه ما أثير في هذا الشأن على غير أساس.