بلغ عدد طلبات التطليق للشقاق التي تلقاها قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء 2000 طلب خلال شهري يناير وفبراير فقط من السنة الجارية، في مقابل 560 طلب زواج خلال نفس الفترة، وهو ما يعادل حوالي 33 طلب طلاق في اليوم، ، حسب ما أكدته مصادر شديدة الإطلاع لـ التجديد وهو ما يخالف بحسب محامين ونشطاء في جمعيات نسائية، المغزى الحقيقي من المدونة، والتي كانت تتغيا التخفيف من نزيف الطلاق. وفي اتصال مع التجديد اعتبر المحامي ورئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، الأستاذ عبد اللطيف الحاتمي، أن الرقم أكبر من هذا، مؤكدا أن عدد الطلبات التي تتوافد على قسم قضاء الأسرة بالدار البيضاء يفوق 300 طلب في اليوم، وأن 2000 طلب يمكن أن يكون مسجلا في سجل واحد فقط، مضيفا أن حالات الطلاق أكبر من هذه الأرقام، باعتبار أن الطلاق للشقاق هو جزء فقط من أنواع الطلاق، بالإضافة إلى الطلاق بالاتفاق، وغيره. وتأسف الحاتمي لإلغاء المقتضى الذي كان يتم فيه الطلاق بصفة نهائية بعد حكم المجلس الأعلى، في حين أن المدونة الحالية ألغته وقلصت مدة الحكم بالطلاق في ست أشهر، وجعلته نهائيا، وحتى مسطريا، حسب المتحدث، تم فرض الإستجابة الفورية للمقالات التي تقدم في موضوع الطلاق مما يشجع التفكك الأسري. وانتقد الحاتمي ما اعتبره مصادرة لحقوق الدفاع في جعل الحكم بالطلاق في مدة لا تتعدى ستة أشهر في المحكمة الابتدائية، ولا يعطي الحق في أن يكون الحكم في مرحلة الاستئناف، عوض التسرع، وقال الحاتمي أنه نادى منذ ثلاثين سنة في المهنة بأن يتم التروي في حالات الطلاق وطلب الخلع، من طرف الزوجة لمعرفة الأسباب، وإعطاء الفرصة لإمكانية الصلح، معتبرا أن التطليق للشقاق، جاءت بها المدونة في الأصل كمسطرة صلحية، وجدت من أجل التوفيق بين الزوجين من خلال إحضار حكم من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة، وتكون المدد بين جلسات المحكمة لا تنقص عن شهرين، غير أن كثرة الملفات المعروضة على القضاء ، يضيف الحاتمي، جعلت الأمور المسطرية شكلية، في ظل ضعف الاستيعاب من طرف الموارد البشرية التي تتوفر عليها محكمة الأسرة من قضاة وموظفين. وفي مقابل هذا النزيف الكبير في حالات طلبات الطلاق، يسجل رقم قليل جدا في طلبات الزواج، لا يتعدى العشرات، وهو ما يعني الاتجاه إلى نزيف متزايد في الانحلال الأسري، ويهدد النواة الرئيسية في المجتمع، خاصة وأن الحالات التي تقدم لقضاء الأسرة يكون المتضرر في أغلبها يتجاوز الزوجين ليصيب الأبناء ويهددهم بالتشرد. وتبقى مسطرة التطليق للشقاق مثارا للجدل، باعتبارها لا تلبي الحاجيات التي وجدت من أجلها، وهي محاولة التوفيق بين الزوجين، والصلح بينهما، فقد أفاد مصدر مطلع في قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، أن العديد من طلبات الطلاق للشقاق كان يمكن أن تتخذ منحى آخر، غير أن السرعة واليسر الذي توفره هذه المسطرة تغري الكثيرين في اتخاذ قرار قد يكون متسرعا في أبغض الحلال عند الله.