أصدرت محكمة القنيطرة منذ يومين حكما بعدم قانونية قرار باشا المدينة الذي أُغلقت على إثره دار القرآن التابعة لجمعية السبيل الثقافية بالقنيطرة في سياق حملة إغلاق دور القرآن خلال العشر الأواخر من شهر رمضان الماضي وهو القرار الذي جاء في تحدٍّ لمشاعر المستفيدين من خدمات الدار المعنية اساسا بتعليم القرآن وتلقين قواعد تلاوته. والمثير في الأمر ان من وقف منتقدا عدم احترام القانون في ما قمت به السلطات تعرض هو الآخر للتشهير والهجوم رغم أن الأمر كان واضحا في مخالفته لقواعد دولة الحق والقانون. وكما أن قرار الباشا لم يكن معزولا بل جاء في إطار حملة شنتها وزارة الداخلية مهتبلة إعادة نشر رأي فقهي للشيخ محمد المغراوي لتغلق العديد من هذه الدور والجمعيات المتخصصة في تحفيظ القرآن وتعليمه للتجاوز الستين دارا فإن الحكم الصادر عن محكمة القنيطرة لا يجب أن يكون معزولا، وخاصا بمدينة القنيطرة وحدها. فنفس الحيثيات التي رافقت إغلاق دور القرآن هي التي جرت على القنيطرة وعلى غيرها من المدن لأن قرار الإغلاق كان مركزيا بلغ حد الدفاع عنه في البرلمان، فإن حكم محكمة القنيطرة يجب أن يسري على جميع الدور المغلقة. ويبقى مع صدور هذا الحكم سؤالان يُطرحان بقوة: 1) هل ستلتزم السلطات بحكم المحكمة؟ وتحترم القضاء والقانون، أم أناها سوف تتمادى في تفعيل قراراتها التعسفية الخارجة عن القانون؟ 2) ثانيا ما رأي أولائك الذين خرجوا على إجماع المغاربة ومجتمعهم المدني والسياسي والحقوقي وساندوا وزارة الداخلية في قراراتها القاضية بإغلاق دور القرآن؟ ما موقف أولائك الذين وقفوا في البرلمان يعلنون على لسان نائب برلماني، من فريق التجمع والمعاصرة، في جلسة يوم الأربعاء 29 أكتوبر 2008 بمجلس النواب أن: قرار الإغلاق قرار موافِق للصواب لأنه يصحح وضعاً يتميز بالشطط في استعمال الحريات من أجل إنتاج فكر أقل ما يمكن أن نقول عنه إنه بعيد عن المعاصرة. مع أن دور القرآن لا تنتج فكرا وإنما تعلم القرآن؟ فهل القرآن بعيد عن المعاصرة؟ ما رأي أولئك الذين هيؤوا بتعقيبهم ذاك لوزير الداخلية أن يتلقف الكلمة نفسها مضيفا أن إغلاق دور القرآن جاء من أجل: حماية المواطنين من التشويش والحفاظ على أمنهم الروحي والأخلاقي. ومن غريب الصدف أن التطوع لـحماية المواطنين من التشويش والحفاظ على أمنهم الروحي والأخلاقي، هو نفس الخطاب الذي كررته الوثيقة التي تريد أن تكون مذهبية للوافد الجديد في مؤتمره الأخير. حكم محكمة القنيطرة يعيد الأمور إلى نصابها، ويقول بما لا يدع مجالا للمزايدة أن الذين وقفوا بجانب دور القرآن المغلقة وطالبوا الدولة بالرجوع إلى الصواب وإلغاء قرارات الإغلاق التعسفية كانوا على حق. وأن الذين صفقوا للقرار كانوا على باطل وأن قرار الإغلاق كان جائراً. وعلى السلطات أن تبرهن على حسن احترامها للعدالة وللقانون.