أكد محمد برادة، ناشر مغربي، أن المجتمع المغربي مجتمع لا يقرأ، وكشف برادة في ندوة حول قراءة الصحف في المغرب بالمعرض الدولي للكتاب بالبيضاء، أن المغرب يتوفر على 13 جريدة لكل 1000 مواطن، معلقا على ذلك بأنه رقم ضعيف جدا، إذ إنه دون المعدل العام على المستوى العربي، باختلاف دوله ومستوى التنمية بها، حيث يصل الرقم نفسه إلى 42 جريدة لكل 1000 مواطن، في حين يصل المعدل في أوربا مثلا إلى 400 جردة لكل 1000 مواطن.وقال برادة إن المغرب يتوفر على 22 جريدة يومية، باللغتين العربية والفرنسية، كما يتوفر على 140 أسبوعية، و600 جريدة ومجلة في المغرب توزع بمختلف اللغات، وعلى المستوى الوطني والجهوي. لكن هل يعني ذلك أن المجتمع المغربي مجتمع يقرأ؟ يتساءل برادة، الذي أكد خلال مداخلته بأن هناك أزمة قراءة، كما أن هناك أزمة صحافة في المغرب.وفي حديثه عن عوامل تلك الأزمة، أوضح برادة بأنها عوامل متعددة، منها ما يرجع إلى المنافسة الأجنبية، حيث ثمة جرائد ومجلات أجنبية تدخل المغرب وتنافس الجرائد والمجلات المغربية. كما أن ارتفاع نسبة الأمية التي تصل نحو 40 في المائة، يشكل عاملا محددا في هذا الإطار، إضافة إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطن في ظل ارتفاع الأسعار وتكلفة العيش. واعتبر برادة أيضا أن الصناعة الصحافية لم ترق بدورها بعد إلى المستوى المطلوب. وبسبب ذلك، أكد المتحدث أن معدل القراء ظل نفسه منذ حوالي عقد من الزمن، إذ من أصل 30 مليون مواطن مغربي لا يقرأ الصحف سوى 300 ألف مواطن، مبرزا أن هذه الرقم ظل هو نفسه دون تغيير بالرغم من التعدد والتغير الذي عرفته الصحافة المغربية بمجيء عناوين كثيرة، وتطور ما يسمى بالصحافة المستقلة. وتساءل برادة في هذا السياق هل يعني ذلك أنه ليست لنا صحافة؟ مؤكدا أن ثمة انتظارات من القارئ لم تستطع الصحف أن تستجيب لها، وذلك بالرغم من دعم الدولة للصحف، وبالرغم من تطور تقنية الطباعة، حيث تتوفر الشركات المختصة على أحدث التقنيات العالمية، وبالرغم من ارتفاع مستوى المعيشة. وأوضح برادة بقوله: هناك تراكمات كثيرة، لكن هناك أزمة قراءة أيضا، ونبه إلى أن الصحافة المجانية لن تسهم في التربية على القراءة، لأنها صحف تجارية بحثة وتوزع حيث الربح فقط.لكن هل هناك أزمة قراءة أم أزمة مضمون؟ ذلك هو السؤال الذي تولى عبد الوهاب الرامي، أستاذ الصحافة المكتوبة بالمعد العالي للاعلام والاتصال، الإجابة عنه خلال الندوة، وأبرز الرامي أن الصحف في المغرب لا تعرف قراءها، لأنها لا تعرف انتظارات هذا القارئ بالضبط، مشيرا إلى أن الدراسات الميدانية حول انتظارات القارئ المغربي تبقى ضعيفة جدا، أو غير موجودة. وقال الرامي إن المقولة التي كانت منتشرة منذ عقود خلت، والتي مفادها أن مصر تنتج ولبنان تطبع والعراق يقرأ، نجدها مقلوبة اليوم في المغرب، الذي ينتج ويطبع ويوزع، لكن القارئ لا يقرأ. وأرجع الرامي هذا الضعف في القراءة، من جهته، إلى غياب حراك سياسي واجتماعي، وأوضح ذلك بالقول: حينما لا يكون هناك حراك سياسي واجتماعي فإن الصحافة وحدها لا يمكن أن تحرك المجتمع، وأضاف أن ضعف المشاركة الذي يعاني منه المغرب في الانتخابات مثلا هو نتاج ضعف الإقبال على الصحافة.من أجل معالجة هذه الوضعية فالمغرب، يقول الرامي، يحتاج المغرب إلى التربية على القراءة، وهي عملية يجب أن تتم في التعليم وتحتاج بحسب المتحدث إلى نحو 15 سنة لتكون هناك نتيجة، وليتم تغيير الكتلة القارئة التي تظل هي نفسها دون تغيير.