توقع محمد عبد الرحمن برادة، المدير العام لشركة التوزيع «سبريس»، المزيد من الانحسار للجرائد الحزبية، مشيرا إلى أن «الصحافة المستقلة» تمكنت من أخذ الريادة وأنها تسعى جاهدة إلى أن تكون عند أفق انتظار القراء، معربا عن اعتقاده بأن المستقبل يعد بالمزيد من المفاجآت بعد تدشين مطبعتين كبيرتين في غضون الأسابيع المقبلة. وقال مدير عام «سبريس»، الذي كان يتحدث مساء أول أمس الأربعاء في محاضرة ألقاها أمام طلبة المعهد العالي الخاص للصحافة والاتصال بالدار البيضاء حول موضوع «الصحافة المغربية واقعها وسبل تطويرها»، إن معدل مبيعات الصحف في المغرب لا يتجاوز 400 ألف نسخة، تشكل منها خمس يوميات فقط نسبة 80 في المائة من حجم المبيعات الإجمالي، معربا عن اعتقاده بأن الاستثمار في النشر والصحافة أصبح يستقطب رؤوس أموال جديدة في شكل مقاولات، مسجلا أنه في السابق كان يلتقي، كموزع، أغنياء لا رابط يشدهم إلى المهنة ومع ذلك كانوا يستشيرونه في إصدار صحف يعتزمون تحويلها إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية. وكال برادة المديح ل«الصحافة الحزبية»، وقال إن ظهورها ارتبط بتاريخ عرفه المغرب وأن مناضليها وصحفييها قدموا تضحيات تحسب لهم، ففي سنة 1977 كانت هناك 6 صحف يومية كلها تنتمي إلى المعارضة، أما اليوم فعدد الصحف اليومية الصادرة في المغرب يصل إلى21 عنوانا مطروحا في السوق، كما توجد 18 جريدة رياضية. وأشاد برادة بالأداء المهني للصحف المستقلة، وقال إنها تحاول جاهدة أن تستجيب لحاجات قرائها، مشيرا إلى أن اعتماد مقاولات صحفية مهيكلة ظهرت في سوق الإعلام المكتوب على نظام التسيير العصري والتدبير العقلاني للموارد البشرية ساهم في توسعها لتتجه إلى «الصحيفة المتكاملة» التي ينبغي أن تتوفر على طاقم تحرير وإدارة ومطبعة، كما هو متعارف عليه في الدول الأخرى. إلى ذلك، أشار برادة إلى وجود 600 عنوان يصدر بالمغرب، تضم جرائد ومجلات ومنشورات أخرى، مشددا على أن «البقاء للأصلح». وقال عن الصحف التي لا تستفيد من الإعلان إن مصيرها الاندثار، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر حاليا على إمكانيات هامة للتطور توفر للناشر المغربي مجالا للانتشار. وأعلن مدير عام «سبريس» أمام طلبة المعهد العالي للصحافة والاتصال عن افتتاح ثلاث مطابع جديدة في الآونة الأخيرة. وقرب افتتاح مطبعتين جديدتين، مما سيوفر إمكانية الطباعة الحديثة وربح المزيد من الوقت، معربا عن اعتقاده بأن إخراج القانون الجديد للصحافة سيعطي، بدوره، إمكانيات جديدة لتطوير الصحافة بالمغرب لأنه يوفر مجالا أكبر للحريات. وأشار المحاضر إلى أن ما يشهده المغرب من انفتاح وتطور في مجال الصحافة المكتوبة يظل محدودا بالنظر إلى تجارب تعيشها بلدان عربية مجاورة، وهي تجارب رائدة تجعل من أرقام مبيعات الصحف المغربية «مخجلة» مقارنة مع أرقام دول أعضاء في اتحاد الموزعين العرب الذي يرأسه برادة. وذكر برادة أن الصحف الحزبية، التي خاضت نضالات من أجل توسيع مجال حرية الرأي والتعبير، أصبحت تعيش، منذ نهاية القرن الماضي، تراجعا في مبيعاتها بسبب المنافسة التي تواجهها من لدن صحف جديدة قضمت نسبة عالية من قرائها. واستحضر المحاضر تجربة شخصية عاشها عندما زار قسم التوزيع في جريدة «الواشنطن بوست» الأمريكية، وقال إنه فوجئ بوجود عدد قليل من العاملين في القسم لجريدة تباع مسبقا وفق نظام «الاشتراكات»، وقال إن «الواشنطن بوست» تستهلك في العدد الواحد الصادر يوم31 دجنبر من كل سنة 20 ألف طن من الورق، وهو الرقم الذي يستهلكه المغرب في ظرف سنة. كما استحضر برادة مقولة للمهاتما غاندي في سياق حديثه إلى طلبة المعهد قائلا: «أنا مع فتح الأبواب والنوافذ، لكن حذار من البرد»، مشيرا إلى أن المغرب يعد أكبر سوق للصحافة الفرنسية بعد فرنسا نفسها، بحيث يمكن للقارئ الفرنسي اقتناء صحف فرنسية جهوية من كشف في البيضاء لا يمكنه أن يجدها في العاصمة باريس.