عرضت وزارتي الداخلية والإسكان وثيقة أسمتها الإطار التوجيهي للاستراتيجية الوطنية للتنمية الحضرية في ملتق وطني انتهت أشغاله مساء الجمعة الماضي بالصخيرات، وتتضمن الوثيقة اعترافاً ضمنياً بفشل السياسات المتعاقبة لتدبير المدن المغربية، والذي كانت نتيجته الماثلة انعدام جودة إطار العيش فيها وتردي الخدمات والمرافق الأساسية وتراكم المشاكل المتعلقة بالتعليم والصحة والتلوث والنقل...وحددت الوثيقة مظاهر المنطق السائد في تدبير المدن في الاقتصار على تصحيح الاختلالات القائمة كبرنامج مدن دون صفيح والتطهير السائل، مع التركيز على ملاحقة النمو الديمغرافي بإنشاء المزيد من الوحدات السكنية دون سياسة منسجمة من لدن الأطراف الفاعلة في المدن (السلطات الحكومية والمحلية والمنتخبة)، كما أن من مظاهر غياب سياسة للتنمية الحضرية محاولة الهروب إلى الأمام من المشاكل المعقدة للمدن الموجودة بإحداث مدن جديدة (تامنصورت، تامسنا...).وحتى المشاريع الكبرى المهيكلة التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة كمشروع أبي رقراق وطنجة المتوسط تتضمن في طياتها العديد من المجازفات حسب تعبير الوثيقة، وذكر منها 3 هي: إحداث دينامية بسرعتين، بحيث إن المشروع يسير في انفصام تام عن بقية المدينة التي يقام فيها، وثانيا تفاقم المنافسة بين المدن من خلال تكثيف المشاريع المماثلة دون بحث عن تكاملية المدن، وثالثا أن تلك المشاريع ذات الطبيعة الاستثنائية (بحكم إنشاء وكالات خاصة بها) تهمش الجماعات المحلية والمنتخبين، فهي مشاريع تدبرها مؤسسات مستقلة ومنفصلة عن الجماعات ولا تفيد الفاعلين المحليين على المستوى المهني، وسياسياً سترث هذه الجماعات تلك المشاريع وتدبرها وهي التي أنجزت خارج أي مراقبة ديمقراطية.وشددت الوثيقة على ضرورة تجاوز منطق التأهيل إلى التخطيط الاستراتيجي الذي ينطلق من مشاريع ومبادرات محددة على مستوى المدن، بحيث تمتلك كل جماعة حضرية رؤية مستقبلية لنموها، يتم دعمها مركزياً من لدن المصالح الحكومية بواسطة مؤسسات وآليات تنسيق منسجمة، بحيث تنطلق سيرورة تشكل قطيعة مع الممارسة السائدة، بحيث أن الجماعات المحلية تسير فقط الشأن اليومي دون بعد نظر، فيما المصالح الخارجية للحكومة لا تمتلك اختصاصات كافية مالياً وإدارياً للمشاركة في التنمية الحضرية. وخلصت توصيات المنتدى، الذي دارت كل أطواره باللغة الفرنسية، إلى ضرورة تقوية دور القطاع الخاص في التنمية الحضرية، وتجميع تجريبي للمصالح الخارجية للحكومة في أقطاب جهوية للكفاءات من أجل تنفيذ استراتيجية التنمية الحضرية، ووضع إطار محدد خاص بالحاضرة الوطنية (الدارالبيضاء/الرباط)، وتوقيع اتفاقيات لإضفاء مصداقية على استراتيجية التنمية التي وضعتها كل من سلطات مدينتي الجديدة وسطات وتستند على تركيبة مالية محددة...