ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير أمريكي يرسـم عالـم 2025
نشر في التجديد يوم 21 - 01 - 2009


أكد مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي، التابع لوكالة الاستخبارات المركزية سي. آي. إيه في تقرير له ، تراجع نفوذ الولايات المتحدة في العالم حتى تصبح قوة ضمن عدة قوى فى عالم متعدد الأقطاب بحلول عام .2025 وأشار مجلس المخابرات القومي في تقريره إلى أن الأزمة الحالية التي تعصف بالعالم مؤكدا على أنها هيبداية لنظام عالمي جديد، متعدد الأقطاب، تكون فيه الولايات المتحدة مجرد قوى من ضمن مجموعة قوى، منها الهند والبرازيل والصين، وأن واشنطن سيكون عليها انتظار رأى أقرانها هؤلاء قبل اتخاذ قرار مصيري يخص العالم. وقال التقرير، والذي يصدر كل أربعة أعوام مع بداية الفترة الرئاسية الجديدة في أمريكا: إن تراجع قوة الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي لن يقف عند حد النفوذ السياسي، بل سيمتد إلى النواحي الاقتصادية والثقافية. كما أن العلمانية الغربية ورأسمالية الاقتصاد الليبرالي اللتين كافح الغرب عقودا من أجل تعميمهما على العالم باعتبارهما الحل الوحيد لأزماته الاقتصادية لن تحتفظا بنفس جاذبيتهما بحلول ذلك التاريخ. وقال مسئولون إن التقرير صدر فى هذا الوقت، ليكون جاهزا أمام الإدارة القادمة للرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما، الذي سيتولى المنصب رسميا فى العشرين من يناير(تم تنصيبه رسميا أمس الثلاثاء)، مشيرين إلى أن التعامل مع التحديات الواردة فى التقرير سيتوقف فى جانب منه على تصرفات القيادة الجديدة. وفيما يخص منطقة الشرق الأوسط، حذر التقرير من أن الإرهاب قد يكون عاملا مؤثرا عام ,2025 غير أن تنظيم القاعدة سيضعف، وربما ينتهي بحلول ذلك التاريخ، ولكن ليس بسبب القوة الأمريكية، بل بسبب الفشل فى تحقيق الاستراتيجيات، وعدم القدرة على جذب الدعم الخارجي وبسبب أفعاله الذاتية المدمرة. ولم ترد فى التقرير أي إشارة إلى انتصار أمريكي فى الحروب الجارية فى العراق وأفغانستان وعلى الحدود الباكستانية الشمالية، واقتصر على القول بأن الحكومة العراقية قد تكون عام 2025 موضع منافسة من قبل أحزاب مختلفة، بينما قد تبقى أفغانستان تواجه بعض الصراعات القبلية، فى حين يعتمد مستقبل باكستان على مسار جارتها أفغانستان. وحذر التقرير من أن المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ستعجز عن ملء الفراغ الذي سيتركه تضاؤل النفوذ الأمريكي، فى وقت سيواجه فيه العالم العديد من الأزمات: أزمة مناخية، وشح المصادر، كالنفط والغذاء والماء. هذا التقرير يجب أن يقرأه بعناية وتأمل كل المسئولين العرب من صناع السياسة ومتخذي القرار، وأيضا كل المعنيين بأمر المستقبل العربي. إنه تقرير أمريكي تم إعداده بالأساس لمخاطبة القادة الأمريكيين، لكنه في جوهره تقرير يهم كل دول العالم بلا استثناء، ويخاطب في واقع الأمر كل صناع السياسة في العالم. نقصد هنا بالطبع تقرير الاتجاهات العالمية 2025 (ٌفقٌُه َّلَمُّْ 2025)، الذي صدر عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية منذ نحو شهر. بداية، يجب أن ننبه إلى أن التقرير ليس مجرد تقديرات للاستخبارات الأمريكية والعاملين فيها كما قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة. بل هو عمل فكري بحثي استراتيجي ضخم، تمت الاستعانة في إعداده، كما جاء في مقدمته، بمئات من الخبراء والباحثين المختصين، والمراكز والمؤسسات البحثية، في أمريكا وخارجها. ومن الملاحظ أن أغلب التحليلات التي ناقشت التقرير حتى الآن، في العالم كله، ركزت أساسا على نقطة واحدة أثارها، وهي تلك المتعلقة بتراجع القوة الأمريكية وتوقع انتهاء عهد الهيمنة الأمريكية. لكن التقرير الموسع، الواقع في 120 صفحة، يناقش قضايا عالمية أشمل وأبعد من هذا الجانب وحده بكثير. هو يقدم صورة شاملة لمستقبل العالم كله حتى عام 2025 قواه الفاعلة والمؤثرة، قضاياه وصراعاته، التحديات التي يفرضها على مختلف دول العالم... وهذه أهم الاستنتاجات التي توصل إليها التقرير. الاستنتاجات الكبرى كما ذكرنا تقرير الاتجاهات العالمية 2025 يعرض للتصورات المختلفة المتوقعة لمستقبل العالم وقضاياه وصراعاته حتى ذلك الوقت 2025 . ومن الصعب جدا تلخيص كل الأفكار والتصورات والتوقعات التي تضمنها التقرير في جميع المجالات. لكن الاستنتاجات الأساسية الكبرى التي توصل إليها التقرير فيما يتعلق بالقضايا والتطورات الجوهرية، هي على النحو التالي: أولا: على الرغم من أن الولايات المتحدة سوف تبقى على الأرجح أكبر قوة عالمية، فإن قوتها النسبية، حتى في المجال العسكري، سوف تنهار وتتراجع. سوف تكون الولايات المتحدة قوة كبرى بين قوى كبرى أخرى. وبعبارة أخرى، سوف ينتهي عصر الهيمنة الأمريكية، وسوف يتقلص دورها، ولن يكون بمقدورها منفردة أن تقرر في الشئون العالمية. ثانيا: الثروة العالمية والقوة الاقتصادية، سوف تنتقل من الغرب إلى الشرق. هذا التحول سيحدث نتاجا لعاملين كبيرين، هما، أسعار البترول والسلع، وانخفاض التكلفة وطبيعة السياسات الحكومية، الأمر الذي سوف يؤدي إلى انتقال مركز الثقل في التصنيع إلى آسيا. الثا: القوى العالمية الصاعدة والتي سوف تصبح قوى عالمية كبرى، هي الصين والهند وروسيا وأيضا البرازيل. الصين سوف تمتلك بحلول عام ,2025 ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وستكون قد أصبحت قوة عسكرية كبرى، وأكبر دولة مستوردة للموارد الطبيعية. والصين مؤهلة لأن يصبح تأثيرها على العالم في السنوات العشرين القادمة، أكبر من تأثير أي بلد آخر. والهند ستصبح ثاني أو ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وسوف تسعى لأن تصبح واحدة من أكبر أقطاب العالم الجديد. وروسيا أيضا سوف تصبح ضمن هذه القوى العالمية، إذا وسعت اقتصادها ونوعته ودمجته في الاقتصاد العالمي. ومن الملاحظات المهمة التي يسجلها التقرير أن الصين والهند وروسيا هي دول لا تتبع النموذج الليبرالي الغربي في التنمية، وإنما نموذج رأسمالية الدولة حيث تقوم الدولة بدور محوري أساسي في عملية التنمية. رابعا: هناك دول كثيرة في العالم سوف تزداد تخلفا اقتصاديا، وخصوصا إفريقيا جنوب الصحراء. خامسا: التنافس الاستراتيجي بين الدول سوف يدور حول التجارة، والاستثمارات، وحيازة وتطوير التكنولوجيا. هذا من دون استبعاد سباق التسلح، والتوسع الإقليمي، والصراعات العسكرية. سادسا: الاقتصاد العالمي سوف يشهد انتقالا من الاعتماد على النفط بحلول عام 2025 إلى الغاز الطبيعي والفحم. ويشير التقرير إلى أن التقنيات الجديدة والاختراعات يمكن أن تؤمن حلولا، لكن التقنيات المتوفرة حاليا ليست ملائمة لتحل محل الطاقة التقليدية على النطاق الواسع المطلوب. سابعا: الصراعات الإيديولوجية التي كانت سمة سائدة طوال حقبة الحرب الباردة، وحتى الآن، سوف تتراجع في مقابل الرؤى البرجماتية في عصر العولمة. ويتوقع التقرير أن الإيدولوجيا سوف تلعب دورا أقوى ما يكون في العالم الإسلامي، وخصوصا في القلب منه، أي في العالم العربي. ويتوقع التقرير هنا في بعض الدول العربية الأكثر تخلفا اقتصاديا أن يكتسب التيار السلفي أرضية أكبر. ثامنا: المؤسسات الدولية القائمة حاليا مثل الأمم المتحدة، والمنظمات الاقتصادية العالمية، لن تكون قادرة على التأقلم مع هذا العالم الجديد، وبالتالي على حفظ الأمن والاستقرار في العالم. ويؤكد الخبراء أن النمو الديمغرافي يمكن أن يكون منحة عندما توفر الدول تعليما جيدا للأجيال الصاعدة وتأهيلا للإسهام في سوق العمل والإبداع. ويضع التقرير المغرب من بين المأهلين للاستفادة من هذه المنحة الديمغرافية والاستثمارية من بين دول كتركيا ولبنان وإيران والجزائر وتونس والشيلي. المسلمون في أوروبا الغربية يؤكد التقرير على أنه إذا ما استمرت نسب الخصوبة بين مسلمي أوروبا الغربية في نفس تسارعها فإن أوروبا الغربية سوف يكون لديها ما بين خمس وعشرين إلى ثلاثين مليون مسلم من سكانها في سنة 2025 عوض العدد الحالي الذي يتراوح ما بين خمسة عشر مليون إلى ثمان عشر مليون مسلم. والدول التي لها اليوم أكبر عدد من المسلمين سوف تشهد - مع ارتفاع نسبة الخصوبة بينهم- تحولا مهما في تركيبتها العرقية وبالخصوص في ضواحي المدن الكبرى مما سوف يعقد الجهود الرامية إلى تسهيل الاستيعاب والإدماج. فالفرص الاقتصادية هي أكثر توفرا في المناطق الحضرية ولكن في غياب تنامي مناصب الشغل المناسبة فإن تزايد التمركز والاكتظاظ في الضواحي قد يؤدي إلى مزيد من التوتر وعدم استقرار الأوضاع كما حدث سنة 2005 في ضواحي باريس من أعمال شغب. فتباطؤ المعدلات الإجمالية للنمو، والتنظيم العالي الصرامة لأسواق العمل، والسياسات المحلية، كلها عوامل إذا ما استمرت سوف تجعل من زيادة خلق فرص للشغل أمرا صعبا للغاية وذلك على الرغم من حاجة أوروبا إلى فئة أكثر شبابا تعوض الشيخوخة المتصاعدة وخصوصا في مجال اليد العاملة. وإذا ما اقترن كل هذا مع مظاهر التمييز في نوعيات العمل والتعليم فإنها عوامل من شأنها أن تحصر العديد من المسلمين في وضعيات دنيا، ووظائف دنيا، وأن تعمق من النزاعات العرقية في أوروبا الغربية. وعلى الرغم من وجود فئة من المسلمين تمكنت من الاندماج فإن أعدادا متصاعدة في صلب القوى الحية لهؤلاء المواطنين يتزايد شعورها بتهميش واغتراب مظلم. وقد يتزايد الانفصام بين الانتماء الثقافي والممارسات التعبدية الإسلاميَّيْن. ومن غير المحتمل أن تكتسب الجاليات المسلمة في أوروبا تمثيلية برلمانية كافية تمكنها من التأثير برأيها سواء في السياسات الخارجية أو الداخلية من هنا إلى .2025 مع أن أهم القضايا التي سوف ينصب عليها تركيز المسلمين في أوروبا سوف تتعلق أكثر بما يهم الساحة السياسية الأوروبية الداخلية. ومن شأن التوترات الاجتماعية والسياسية التي تتم حاليا حول مسألة إدماج المسلمين الأوروبيين أن تدفع بصانعي القرار السياسي الأوروبيين إلى أن يوجهوا اهتمامهم أكثر إلى التداعيات المحتملة لأي سياسة تهم قضايا الشرق الأوسط خصوصا وأن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر منحازة بشكل سافر إلى (إسرائيل). هذه باختصار شديد جدا هي أهم الاستنتاجات التي توصل إليها التقرير على الصعيد العالمي ككل. فماذا عن وضع الدول العربية بالذات؟ العرب في التقرير التقرير يتعرض إلى وضع الدول العربية والتوقعات المتعلقة بها في أجزاء متفرقة بحسب القضايا التي يناقشها. لكن يمكن إجمال الصورة التي يقدمها عن الدول العربية على النحو التالي: التقرير يتوقع بداية أن منطقة الشرق الأوسط سوف تبقى منطقة لها أهمية استراتيجية كبيرة في ,2025 بحكم أهمية النفط للاقتصاد العالمي، وبحكم تهديدات عدم الاستقرار. ويعتبر أن مستقبل الدول العربية سوف يعتمد على عدة أمور في مقدمتها: 1 ـ كيف سيدير قادة دول المنطقة العوائد النفطية. 2 ـ التغيرات الديمغرافية. 3 ـ الضغوط من أجل التغيير السياسي 4 ـ مستقبل الصراعات الإقليمية. على ضوء هذه العوامل، يطرح التقرير سيناريوهين للمنطقة، أحدهما إيجابي، والثاني سلبي. فأما السيناريو الإيجابي، فهو أن تشهد الدول العربية نموا اقتصاديا دائما وملموسا. وهذا السيناريو يمكن أن يتحقق إذا اختار قادة الدول العربية أن يركزوا الاستثمارات في المنطقة، وأن يطبقوا سياسات اقتصادية وتعليمية واجتماعية تشجع مزيدا من النمو، وإذا اختاروا تنفيذ الإصلاحات السياسية التي تدمج القوى السياسية المعتدلة، بما فيها القوى الإسلامية، وإذا عملوا من أجل تسوية الصراعات الإقليمية، وطبقوا اتفاقيات أمنية تمنع عدم الاستقرار مستقبلا. وأما السيناريو السلبي، فسوف يحدث إذا فشل القادة في إعداد السكان للمشاركة بشكل منتج في الاقتصاد العالمي، وإذا ظلت الأنظمة السلطوية ممسكة بزمام السلطة وأصبحت أكثر قمعية، وإذا بقيت الصراعات الإقليمية بدون حل. ويعتبر التقرير أن الاستثمارات الأجنبية، والتي يأتي أغلبها من داخل العالم العربي، من الممكن أن تزيد التكامل والاندماج بين الاقتصاديات العربية، وتسهم في تنمية القطاع الخاص. ويعتبر التقرير أن أكثر الصناعات الواعدة في العالم العربي وخصوصا من زاوية جذب وتنمية العمالة، هي الصناعات الخدماتية، وهو ما من شأنه أن يضع المنطقة في طريق تنموي مختلف عن شرق آسيا. ويؤكد التقرير أنه إذا أرادت دول المنطقة أن تزيد من احتمالات تقدمها ونموها الاقتصادي، فإن الحكومات يجب أن تسعى إلى تطوير نظمها التعليمية، بهدف أن يصبح الخريجون قوة عمل ماهرة ومؤهلة تقنيا، ويجب أن تشجع المواطنين على التوجه إلى القطاع الخاص. وينبه التقرير هنا إلى أن اقتصاديات دول شرق آسيا ازدهرت بسبب الجهود الحكومية الناجحة والمستمرة لتطور نوعية قوة العمل وبسرعة عن طريق نظم تعليم عالمية، وعن طريق تطوير الصناعات التصديرية. مرة أخرى، هذه فقط بعض الأفكار التي يطرحها التقرير فيما يتعلق بالعالم العربي. ماذا يعني هذا؟ ما الذي يعنيه ما طرحه التقرير إجمالا بالنسبة لنا في العالم العربي؟ ما الذي من المفروض أن يترتب على ما جاء فيه بالنسبة إلينا؟ بداية، هذه الأفكار والتصورات التي يطرحها التقرير لمستقبل العالم حتى ,2025 قد نتفق أو نختلف حول قليل أو كثير من التقديرات التي ذهب إليها. لكن الأمر الذي لا شك فيه، هو أنه أيا كانت تقديراتنا نحن، فإن ما يطرحه التقرير يستحق أخذه بمنتهى الجدية وتأمل ما يوصي به والتفكير فيما يترتب على ذلك. وكما نرى، فإن التقرير إجمالا يرسم صورة لعالم الصراع فيه الآن ومستقبلا صراع ضارٍ بين الدول والأمم. وهو صراع من أجل التقدم والقوة وإحراز المكانة الدولية. هو عالم ليس فيه أي مكان لمتخلِّفٍ اقتصاديا وسياسيا وعلى كل الجبهات. عالم سوف تصعد فيه دول إلى مكانة عالمية متقدمة، وتنحط فيه دول إلى مكانة متدنية. السؤال هو: إذا أردنا الاستفادة عربيا مما يطرحه التقرير، فما الذي يتوجب علينا عمله بالضبط؟. بعبارة أخرى، إذا أردنا أن يكون لنا كدول عربية مكانة في عالم المستقبل هذا، ماذا علينا أن نفعل؟ الحقيقة أن هذا التقرير، يطرح على الدول العربية، وعلى القادة بوجه خاص بالطبع، تحديات على ثلاثة مستويات كبرى: ـ على مستوى التفكير ـ وعلى مستوى السياسات الداخلية المتبعة ـ وعلى مستوى علاقاتنا الخارجية مع العالم. على مستوى التفكير، من المهم بداية أن ننبه إلى الهدف من إصدار هذا التقرير في أمريكا. هذا هو التقرير الرابع من هذا النوع. ومنذ بدء إصداره، يتم إصداره مرة كل أربع سنوات، قبيل تولي الإدارة الأمريكية الجديدة السلطة. والهدف الأساسي منه هو أن يضع أمام الإدارة الجديدة صورة للمستقبل المتوقع للعالم، وخصوصا لموقع أمريكا منه، وأن يحدد للإدارة أوجه القصور والسلبيات التي يجب أن تعالج، والأوجه الإيجابية أيضا التي يجب التأكيد عليها. المقصود من هذا طبعا مساعدة الإدارة الأمريكية الجديدة على رسم استراتيجياتها للمستقبل، وصياغة سياساتها ومواقفها من مختلف القضايا، بحيث تخدم الهدف الأسمى وهو الدفاع عن المصالح الأمريكية وتعزيز مكانة أمريكا في العالم. والفكرة الجوهرية في كل هذا هي أنه أيا كانت السيناريوهات المتوقعة للمستقبل، فإنها ليست قدرا محتوما. بعبارة أخرى، الفكرة الجوهرية أن أي دولة أو أمة بيدها هي، أولا، أو بالأدق بيد قادتها تحديد أي مستقبل ينتظرها، إن سلبا أو إيجابا. والأمر بالطبع متوقف على أي سياسات سوف تتبع، وأي إصلاحات سوف تقدم عليها. في هذا الإطار، فإن كل الاحتمالات التي يطرحها التقرير ليست بالضرورة هي ما سوف يحدث في العالم. فذلك سيتوقف على ما سوف تفعله قيادة كل دولة. ليس بالضرورة مثلا أن الهيمنة الأمريكية سوف تنتهي، فقد تنجح قيادة أوباما في إعادة الهيبة والقوة العالمية إلى أمريكا... والتقرير نفسه يؤكد هذا المعنى، إذ يذكر أن >العنصر البشري سوف يكون عنصرا حاسما في تقرير المستقبل. القادة وأفكارهم، سواء كانت إيجابية أم سلبية، عنصر حاسم في تقرير كيف ستتطور الأمور في بلادهم وفي العالم<. وإذن، هذا هو الدرس الأول الذي من المفروض أن نتعلمه من التقرير. بمعنى أن يدرك قادتنا وصناع السياسة في بلادنا العربية، أن المستقبل في نهاية المطاف بيدنا نحن نقرره، إما تقدما وإما استمرارا في التخلف. وينقلنا هذا مباشرة إلى التحديات التي يفرضها التقرير على مستوى السياسات الداخلية. بقيت ملاحظة مهمة لا بد من الإشارة إليها. كما أشرنا، مثل هذه الدراسات المستقبلية من نوع هذا التقرير، ليست ترفا فكريا ولا سياسيا. بالعكس لها دور أساسي في ترشيد السياسات ورسم معالم المستقبل. وتقرير مثل هذا تم إعداده بالطبع من منظور أمريكي ولخدمة أهداف استراتيجية أمريكية بالأساس. وفي أوروبا، وغيرها من القوى والتكتلات الكبرى، لديهم أيضا دراسات شبيهة تطرح تصورات وتحديات المستقبل من منظور هذه القوى وعلى ضوء مصالحها. والمرء لا يملك إلا ان يتساءل: أين دراسات المستقبل هذه في الوطن العربي؟. لا توجد لدينا مثل هذه الدراسات التي تحاول أن ترسم صورة للمستقبل وتنبه إلى تحدياته، من منظور الوطن العربي ومصالحه وقضاياه. غياب هذه الدراسات أمر محير لأول وهلة، ولكن له تفسير وهو تفسير مؤسف. نحن لدينا مراكز أبحاث عربية. ولدينا خبراء أكفاء في كل المجالات بمقدورهم إعداد تقارير مثل هذه. لكن يبدو أن الوعي بالمستقبل هو في أحسن الأحوال وعي ضعيف في وطننا العربي بشكل عام. والأهم من هذا، فإن نظم الحكم العربية لا تشجع كما هو واضح مثل هذه الدراسات ولا تريدها أساسا. والسبب فيما يبدو أنها تعلم أن أي دراسة مستقبلية أمينة وموضوعية ونزيهة تطرح توصيات بما يجب أن تفعله دولنا وحكوماتنا، سوف تطالب حتما بأمور لا تريد الحكومات حتى أن تسمعها.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.