أطلقت إسرائيل عملياتها العسكرية والتي أصبحت تبدو بلا نهاية وفي الوقت نفسه تدور حالياً معركة دبلوماسية أكدت كل التسريبات بأن نتائجها ستلعب الدور الرئيسي في تشكيل آخر المشاهد الختامية لسيناريو معركة غزة. * لعبة معبر رفح: من قواعد اللعبة العسكرية إلى قواعد اللعبة الدبلوماسية : يقع معبر رفح على خط حدود مصر – قطاع غزة، وهو يربط بين شطري مدينة رفح المصرية – مدينة رفح الفلسطينية، اللتين فصلهما خط حدود قطاع غزة – مصر الحالي، والذي تم تحديده وفقاً لبنود اتفاق الحدود المصرية – الإسرائيلية كما وردت في اتفاق كامب ديفيد التي أسست للسلام المصري – الإسرائيلي. • أهمية معبر رفح الجيو-ستراتيجية: السيطرة على معبر رفح تؤمن القدرة على التعامل العسكري بين شطري مدينة رفح. • أهمية معبر رفح الجيو-بوليتيكية: السيطرة على معبر رفح تؤمن القدرة على ضبط العلاقات بين أراضي قطاع غزة والأراضي المصرية. نلاحظ أن أهمية معبر رفح الجيو-ستراتيجية والجيو-بوليتيكية تتضمن المزيد من الخصائص والمزايا الإضافية وذلك لجهة أن السيطرة على كل منطقة الشريط الحدودي البالغ طوله 11 كيلومتراًَ والممتد على الخط الفاصل بين أراضي غزة والأراضي المصرية. تقول المعلومات والتسريبات أن القاهرة تشهد حالياً صراعاً دبلوماسياً يمكن توصيفه على النحو الآتي: • موضوع المواجهة: السيطرة على معبر رفح وفرض الرقابة على الحدود بين مصر ومعبر رفح. • أطراف الصراع: يدور الصراع بين تل أبيب والقاهرة ويمثلان الطرفان الرئيسيان أما الأطراف الثانية فهي واشنطن وباريس. • مسار المواجهة: تطالب إسرائيل بفرض السيطرة الكاملة على معبر رفح وخط حدود مصر – قطاع غزة بواسطة بعض الأطراف الدولية وتشترط إسرائيل بأن تتمركز الأطراف الدولية على الجانب المصري، بالمقابل ترفض مصر أي وجود لأطراف دولية على أراضيها. الأطراف الثانوية تمارس المزيد من الضغوط على القاهرة لكي تقبل بالوجود الدولي على أراضيها. أطلقت القاهرة على خلفية المواجهة الدبلوماسية المزيد من التصريحات التي صدرت بشكل متصاعد صباح اليوم ومن خلال هذه التصريحات حاولت القاهرة التأكيد على الآتي: • إن الصراع الدائر حالياً هو داخل قطاع غزة وليس داخل الأراضي المصرية. • إن عمليات التهريب إلى القطاع لا تتم عبر معبر رفح ولا عبر الأراضي المصرية وإنما عن طريق البحر. • إن القوات المصرية قادرة على فرض سيطرتها الكاملة وتحتاج إلى المساعدات المالية والمادية لكي تقوم بإنجاز مهامها. أما تل أبيب فقد أكدت على ضرورة أن توافق القاهرة على تمركز الأطراف الدولية على الجانب المصري وذلك للأسباب الآتية: • إن وجود الأطراف الدولية يهدف إلى منع تهريب السلاح وبالتالي فهو وجود وقائي وبالتالي فإن العملية الوقائية يجب أن تتم على الجانب المصري بما يحقق الوقاية لإسرائيل بشكل مبكر قبل دخول السلاح فعلاً إلى الجانب الفلسطيني. • إن وجود الأطراف الدولية على الجانب الفلسطيني سيعرضها إلى احتمالات الاستهداف بواسطة المسلحين الفلسطينيين. • إن اتفاقيات كامب ديفيد تلزم القاهرة بضرورة التعاون في أمن الحدود مع إسرائيل وبذل الجهود في حماية الأمن الإسرائيلي. وعلى خلفية خلافات خط تل أبيب – القاهرة تقوم الأطراف الدولية بممارسة الضغوط على القاهرة لكي توافق على الشروط الإسرائيلية المتعلقة بموافقة القاهرة على استضافة العناصر الدولية وتطرح الأطراف الثالثة الممثلة في واشنطن وباري والمفوضية الأوروبية الحجج الآتية: • إن وجود الأطراف الدولية على الجانب المصري يتيح لها الأمن من مخاطر استهدافات المسلحين الفلسطينيين. • إن وجود الأطراف الدولية على الجانب المصري يتيح لها التعاون مع سلطات الأمن المصرية. • إن مصر ستحصل على المزيد من المساعدات العسكرية والأمنية والمالية. إضافة لذلك، تقول الأطراف الثالثة بأن موافقة القاهرة على استضافة الأطراف الدولية تمثل الشرط الحاسم الذي سيعجل بإنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية حالياً في قطاع غزة. * الأبعاد غير المعلنة في دبلوماسية لعبة معبر رفح : من الواضح أن الرفض المصري لوجود الأطراف الأجنبية على أراضيها هو رفض يتضمن الآتي: • المخاوف من مواجهة القاهرة للمزيد من الالتزامات الدولية الإضافية. • إضعاف قدرة القاهرة في المناورة بما يفقدها ميزة استخدام ورقة قطاع غزة في الضغط على تل أبيب. • المخاوف من استغلال محور تل أبيب – واشنطن لوجود الأطراف الدولية بما سيؤدي إلى إخراج القاهرة نهائياً من دبلوماسية الأزمة الفلسطينية. إضافة لذالك، فمن الواضح أن تل أبيب ترفض وجود الأطراف الثالثة على الجانب الفلسطيني لعدة أسباب: • عدم التأسيس لأي سابقة تتضمن موافقة تل أبيب لوجود طرف دولي في مناطق نفوذها. • وجود الأطراف الدولية على الجانب الفلسطيني معناه وجود رقابة دولية لن تستطيع إسرائيل تجاوزها وهو أمر سيحد من انفلات القوات الإسرائيلية في التنكيل بسكان القطاع. هذا، وتقول المعلومات الميدانية الجارية بأن مجلس الوزراء الإسرائيلي قد قرر استمرار العملية العسكرية بما يؤدي إلى فرض المزيد من الضغوط على القاهرة لكي توافق على وجود الأطراف الدولية على الجانب المصري إضافة إلى محاولة القيام خلال أقصر وقت ممكن بإضعاف قدرات حركة حماس والجهاد الإسلامي إلى أدنى حد ممكن وأيضاً ترويع السكان الفلسطينيين بما يجعلهم يتلقون الرسالة القائلة بأن تأييدهم لحماس سيجلب لهم الدمار والخراب. عموماً، تقول سخرية القدر بأن دبلوماسية القاهرة قد وافقت لتل أبيب من أجل تنفيذ العملية العسكرية الإسرائيلية سعياً وراء القضاء على حماس وإخراجها من المسرح وبعد أن شنت إسرائيل عمليتها التي لم تنجح حتى الآن في القضاء على الحركة فقد شنت إسرائيل عمليتها الدبلوماسية التي على ما يبدو ستهدف إلى القضاء على دبلوماسية القاهرة وإخراجها من المسرح الفلسطيني.