نريد في هذا المحور استجلاء مرتكزات أساسية تنتظم داخل بوصلة تحدد وجهة التدافع و ترسم إطار التفكير و نحصرها في ستة عناصر.. *** 2 محددات في التدافع الدبلوماسي : نريد في هذا المحور استجلاء مرتكزات أساسية تنتظم داخل بوصلة تحدد وجهة التدافع و ترسم إطار التفكير و نحصرها في ستة عناصر: أولا : تقتضي معادلة النجاح في معالجة ملف الصحراء استحضار الأساس الديمقراطي و الأفق التنموي المنشود و لعل الجهوية الموسعة المطروحة للنقاش اليوم و التي لطالما طالب بها فاعلون و حقوقيون مند تسعينيات القرن الماضي، تعطي ترجمة لهذه الثلاثية المتلازمة في الحال و المآل: الصحراء، الديمقراطية و التنمية، و المنطلق، كما أكدنا غير ما مرة مسيرة بيضاء، يناط بها إصلاح و ترميم و إتمام ما بنته و أرسته المسيرة الخضراء، ويؤطرها البعد الإنساني في تجلياته الحقوقية و الاجتماعية . ثانيا: النزاع في الصحراء، صراع إقليمي - النظام الجزائري فيه أصل و مركز و الجبهة الانفصالية فرع و هامش و قد سبق للمغرب في مذكرة مرفوعة عام 2004 إلى الأمين العام السابق كوفي عنان، أن أشار إلى أن التدخلات الرسمية الجزائريةبالأممالمتحدة تكشف أن هذا البلد تارة كطرف معني وأخرى كطرف فاعل ومهم، وثالثة كطرف أساسي في النزاع و الحقيقة أن هذه الأمور مجتمعة كلها صحيحة عكس ما صرح به رئيس الكوركاس في أحد البرامج التلفزية الحوارية قبل سنتين و لعل في تصريحات أقطاب النظام الجزائري أمثال مراد مدلسي وزير الخارجية و عبد العزيز بلخادم وزير الدولة و غيرهم عقب الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء ما يكفي من الدليل لمن أراد البرهان و التعليل. ثالثا: أن الإستراتيجية الجزائرية الحالية تتمحور حول ثلاث قضايا -الاستماتة في إضعاف المكاسب المغربية على المستوى الدولي خصوصا مقترح الحكم الذاتي من خلال الإصرار على إعطاء تفسير أحادي ووحيد لمفهوم تقرير المصير وحصره في الاستفتاء رغم أن المنتظم الدولي تجاوز هذه المقاربة منذ أكد على الحل التفاوضي و التوافقي ولعلها من المفارقات أن شعار حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي يشهره النظام الجزائري في واجهته الدبلوماسية سرعان ما تبدى زيفه في قضية كوسوفا حيث لم تدعم الجزائر شعب هذا الإقليم في تقرير مصيره بله الاعتراف باستقلاله. -توسيع رقعة الاعتراف و التضامن بالجبهة الانفصالية و الجمهورية الوهمية لدى الأمم و الشعوب، أقصد الحكومات و المنظمات الأهلية، و لإن تمت محاصرة هذا التوجه في الفضاء الأول بفضل الجهود الإستثنائية التي قامت بها الخارجية المغربية و استثمارها للقرارات الأممية الأخيرة فإنه على المستوى الثاني لا يزال تيار الإنفصال يتمتع بنفوذ جلي لدى الكثير من نخب المجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية خصوصا في أوربا و بثقل أكبر في اسبانيا و بالطبع فإن أحد الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة هو من جهة تغييب الدبلوماسية الشعبية حينا من الدهر باعتبارها كانت من المحرمات السياسية ومن جانب آخر ضعف حصيلتها منذ رفع الحظر عنها في تسعينيات القرن الماضي . -الرهان على انفصاليي الداخل في تأزيم الوضع الحقوقي بالمنطقة و بالتالي توظيفه في تحجيم العائد السياسي للنجاح الدبلوماسي المغربي وفي المطالبة بالحماية الدولية لساكنة المنطقة و لعل المقترح الأخير الذي حمله تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش بين طياته ومن قبله مقترح منظمة فرونت لاين الايرلندية في سبتمبر 2008 و توصيات الدورة الرابعة و الثلاثين للمؤتمر الأوربي لتنسيقيات دعم الشعب الصحراوي المنعقدة في مدينة فالنسيا الإسبانية نونبر الماضي ما يؤكد صحة هذا المسعى و خطورة هذا المنحى. رابعا: إن مما يضعف الدبلوماسية الشعبية الموازية هو ما نلمسه من عجز ديمقراطي ابتلي به نظامنا السياسي و ما نلحظه من أوضاع متذبذبة لحقوق الإنسان و حرية الصحافة مصحوبة أحيانا بتوترات اجتماعية و هو ما يغذي مظاهر الاحتجاج في المناطق الصحراوية. و المؤسف حقا أن غالب الأحداث تبدأ بسيطة و محدودة، ولكن الحساسية الزائدة لدى جهازنا الأمني و إعلامنا الرسمي تعطيها أبعادا أقل خسائرها أن نكون في وضعية الحرج و موقع الدفاع، و هكذا أضحت كل نازلة حقوقية في المنطقة محطة إحراج وابتزاز من طرف الآخر. ولو أننا سمحنا للقضاء العادل و النزيه بالتمكين، وللصحافة المستقلة بمنتهى البيان والتبيين وألجمنا جهازنا الأمني بلجام القانون المبين، لكنا اليوم في موقع الهجوم لفك طوق الحصار المشين عن أهلنا في مخيمات لحمادة حيث المعاناة بلغت حد الإسترقاق . لقد أضحى ملف حقوق الإنسان في الصحراء البوابة الرئيسية للإنفصال والتحريض عليه ووقودا للحملات الدعائية له إن في الداخل أو الخارج. ومما يترجم ذلك قيام جبهة البوليساريو بدعم من جمعيات إسبانية بترشيح أنصارها ممن تعتبرهم ضحايا الخروقات الإنسانية في الصحراء للجوائز الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و آخرها جائزة روبرت كندي لسنة 2008 والتي منحت لأمنتو حيدرا التي سبق اعتقالها و محاكمتها في العيون. خامسا: باعتبارها المحتل السابق، و نظرا لموقعها الجيوستراتيجي و بصفتها مفوضا غير رسمي مكلفا بالملف لدى غالبية بلدان الاتحاد الأوربي، فان لإسبانيا دورا أساسيا في أي تسوية مستقبلية، والملاحظ أن الجبهة الإنفصالية ركزت منذ البدء جهودها على التغلغل في المجتمع الاسباني و استمالة الرأي العام فيه وما أخطبوط العلاقات الذي تمتلكه هناك اليوم إلا ثمرة عمل دؤوب فاق الثلاثة عقود داخل أروقة المجتمع المدني الإسباني الذي يرى مسؤولوه أن لاسبانيا التزاما أخلاقيا اتجاه الشعب الصحراوي الأعزل في ما يشبه عقدة ذنب. وقد شكلت هبات و منح تلك الهيئات المدنية ذراعا مالية و اقتصادية للجبهة مكنتها بالإضافة إلى دولارات النفط الجزائري من بناء و تطوير واجهاتها الدعائية. السجن المحلي بسلا الأحد 22 ذوالحجة 1429 - 21 دجنبر2008 - يتبع-