أول هدف ركزت عليه قيادة الكيان الإرهابي الصهيوني هو إحداث نوع من الصدمة والترويع، وهي الاستراتيجية ذاتها المعروفة عند القوى الاستعمارية، وهي أن تضرب بأكبر عدد ممكن من الصواريخ، وكل وسائل الدمار لكي تدفع المستهدف إلى الاستسلام، وطبعا لم تتحقق رغبة إسرائيل، وهي نفس الاستراتيجية التي نهجها الصهاينة خلال عدوانهم على لبنان في يوليوز من سنة,2006 ونفس الطريقة التي نهجتها أمريكا خلال عدوانها على العراق ولم يتحقق مرادها، وأيضا هي نفس استراتيجية أمريكا على أفغانستان. من جهة أخرى، هناك تفاوت في قوة النار بين الصهاينة المحتلين والمقاومة في غزة، لكن صبر وصمود المقاومة، ورفضها للاستسلام للشروط الصهيونية يحقق أول إخفاق لهذه الاستراتيجية. ولم يحدد الصهاينة أية أهداف كبرى في حربهم على قطاع غزة في هذه الفترة، والدليل هو ضربهم لمواقع محددة دون أي محاولة منهم للتفاوض، وذلك لأنهم استفادوا من عدوانهم على لبنان، فقد وضعوا مطالبهم، لكنها لم يتحقق أي منها بالرغم من مرور 33 يوما من العدوان، فكان أن أوقفوا إطلاق النار، وهذا الإخفاق سجل بشهادة تقرير وضعته لجنة تشكلت من قوات الصهاينة . وبعد مرور خمسة أيام على العدوان الحالي، يجب الجزم أن الصهاينة لم يحققوا أي مكسب بالرغم من قصفهم ذاك، وهم يعيشون الآن في مأزق حقيقي، فحكومة الأستاذ اسماعيل هنية لاتزال في كامل قدرتها على مواجهة الاحتلال ولو تحت شدة الحصار الظالم من قبل الأعداء، وحتى من قبل الشقيق المصري الذي لا يزال يكابر إلى حدود هذا اليوم، ولم يفتح معبر رفح؛ مع أن القانون الدولي يلزمه بفتح المعبر في وجه الفلسطينيين لإنقاذ ما يزيد عن مليون وست مائة وخمسين ألف مواطن محاصر . وعلاقة بهذا العدوان، كان موقف النظام الرسمي العربي للأسف من المحيط إلى الخليج -كعادته وحسب توقعاتنا له- موقفا متخاذلا، بل ومتواطئا أيضا، فلم يتحرك أي زعيم عربي إلا ببعض الشعارات، بالمغرب لم تتحرك لجنة القدس، هذه اللجنة التي تحولت إلى جثة هامدة، والحكومة المغربية أصدرت موقفا بئيسا، حيث أدانوا العدوان المفرط للصهاينة، وكأن من حق هؤلاء الاعتداء على الفلسطينيين فقط دون أن يفرطوا في هجومهم بهذا الشكل. ولم يقطع أي زعيم عربي علاقاته الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني، لم يقطع العاهل الأردني علاقاته مع الصهاينة، بل سارع إلى تسجبل موقف إعلامي من خلال التبرع بالدم، وكأن الفلسطينيين يحتاجون إلى الدم فقط. لم تتحرك كل من البحرين أو قطر لطرد الممثلية الصهيونية هناك، لم يتحرك النظام المصري للأسف الشديد، لقطع العلاقات مع الكيان الإرهابي الصهيوني، ولا لفتح معبر رفح؛ على الرغم من أن قطع العلاقات يدخل في نطاق مبدإ سيادة الدول. في حين كان موقف الشعب العربي مفخرة مميزة، فخلال أربعة أيام فقط وقع ما يمكن أن نسميه الانتفاضة الشعبية الكبرى، حيث خرجت جماهير عربية كبيرة إلى الشارع، وفي المغرب سجلنا أكثر من 300 وقفة، واعتصام في مدن وقرى لم تكن تعرف المظاهرات من قبل، في أقل من ثلاتة أيام. عبد الإله المنصوري هو عضو مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين