رأى محللان سياسيان أن موجة التصعيد التي يشهدها قطاع غزة منذ انتهاء التهدئة بين فصائل المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال التي رعتها مصر، هي محاولات بين الطرفين لإثبات حاجة الآخر للتهدئة وتحسين شروطها. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التصريحات والمطالبات بعملية واسعة في قطاع غزة، شبه مراقبون هذا المطلب بمغامرة مثل حرب لبنان جديدة، مشيرين إلى أن أكثر من يفهم هذا هو وزير الجيش الإسرائيلي باراك الذي يفضل الانتظار على التورط. ورغم قصر المدة إلا أن نشاطاً في التصريحات واللقاءات عقدت لبحث انتهاء التهدئة ما يعني أن العودة للشكل السابق أمر مستبعد وأن القادم هو تغيير حقيقي. ويقول أمين دبور المهتم بالشئون الإسرائيلية إنه لا يتوقع تصعيداً باستثناء تجاذب بين الطرفين المقاومة والاحتلال حيث يحاول كلاهما إثبات حاجة الآخر للتهدئة وتحسين شروطها. وحسب تحليل دبور فإن (إسرائيل) لا تريد وضع نفسها في موقف الضعيف ما دفعها للضغط وانتظار تدخل طرف ثالث. وصعدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية وزعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني من لهجة التهديد ضد حماس قبيل محادثاتها الخميس، في القاهرة مع الرئيس المصري حسني مبارك، حول الوضع الراهن في قطاع غزة، وقالت في كلمة لها أمام حزبها: إن إسرائيل ستغير واقع الوضع في غزة . ولا تحبذ (إسرائيل) العودة للاتفاق السابق ما قد يدفعها لإقحام ملف الجندي الأسير جلعاد شاليط بينما تسعى حماس للتأكيد على فتح المعابر ورفع الحصار. ويستبعد المحلل السياسي د.مخيمر أبو سعدة تطور الأمور بشكل كبير في ظل المواقف السياسية المتباينة من مستقبل التهدئة، وقال: سقف التصعيد أكثر شيء حالياً قد يعيد ظاهرة الاغتيالات السياسية والميدانية ويعيد عمليات توغل محدودة لشمال وشرق القطاع . واستبعد أبو سعدة أيضا عملية موسعة ضد قطاع غزة حيث يحذر كثير من المراقبين من جدوى الاجتياح وما بعد الفشل المتوقع للجيش الإسرائيلي. الحراك السياسي مراقبون يرون أن الانتظار هذه المرة من قبل حماس و(إسرائيل) كان على دراية أن الأطراف الإقليمية والدولية ستتدخل لتقول شيء جديد فالكل له مصلحة باستقرار المنطقة. ووفقاً لبعض المصادر فإن الأوروبيون ربما يدخلون هذه المرة على الخط في ظل ضعف الموقف العربي ممثلاً في مصر أو السعودية واللتان غيرتا من مواقفهما في الأسابيع الأخيرة سلبا تجاه قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس. وأكد أبو سعدة أن المحاولات مستمرة منذ انتهاء التهدئة خاصة من الأوروبيين للتدخل لدى حماس و(إسرائيل) وإقناعهما بالعودة لاتفاق التهدئة، مشيراً إلى أن تلك الجهود قد تستثمر إذا استعدت (إسرائيل) العودة لصيغة الاتفاق السابق الممثل بفتح المعابر والالتزام بباقي بنود الاتفاق. وفي حال تجددت التهدئة توقع المحلل السياسي أن تفتح المعابر ولكن ليس بشكل كلي حيث ستبقى (إسرائيل) تتذرع بوجود شاليط في الأسر وستبقي المعابر سيفاً مسلطاً على غزة. وانتهت التهدئة الشفوية في التاسع عشر من الشهر الجاري، بعدما شهدت عدة خروقات إسرائيلية استشهد خلالها نحو عشرة مواطنين في أعمال قصف وتوغلات محدودة في القطاع. وأدى هذا العدوان الإسرائيلي إلى رد الفصائل الفلسطينية المقاومة بإطلاق عشرات الصواريخ والقذائف باتجاه مستوطنات غلاف غزة، وإلى إعلانها انتهاء التهدئة وعدم تجديدها. المشهد الإسرائيلي وثمة جدل كبير وسوق مزايدات نُصب في الأروقة الداخلية الإسرائيلية التي تناقش ملف غزة مع حلول الانتخابات الإسرائيلية. وأوضح أمين دبور أن (إسرائيل) بحاجة للهدوء حتى نهاية يناير لتسيير شئونها ومواصلة كسب المواقف ضد حماس، موضحاً أن حزب العمل وكاديما لن يخوضا الانتخابات إلا في ظل الهدوء وهما يفضلان الذهاب مع فتح صفقة شاليط لكن تشدد حماس على مطالبها سيفسد عليهما ذلك . وأجمع كلا المحللان على أن دولة الاحتلال دون شك معنية باستمرار الهدوء لأكثر من ربع مليون نسمة حول غلاف غزة وفي جنوبفلسطينالمحتلة عام 48. ورأى دبور أن تصريحات الوزير الإسرائيلي حاييم رامون المطالبة بتغيير سياسة حكومة الاحتلال إزاء هذه الصواريخ لا تتعدى محاولات لتحسين مركزه الانتخابي. تلك التصريحات كانت مزعجة لوزير الحرب الإسرائيلي باراك الذي يرى المراقبون أنه حذر من تبني عمل ومغامرة عسكرية تؤثر على مستقبله السياسي. وأوضح دبور أن باراك يفضل الانتظار وأن انجاز اتفاق سياسي أفضل عنده من عملية فاشلة، في حين رأى أبو سعدة أن التصعيد لن يكون في مصلحة حزب كاديما أو العمل الائتلاف الحاكم ، مشيراً إلى أن دفة الأمور ممكن أن تتغير بشكل كبير إذا سقطت إحدى قذائف المقاومة في تجمع سكاني ما سيؤثر على الناخب الإسرائيلي.