كيوسك الأربعاء | الغرامات المحكوم بها في قضايا الرشوة تصل إلى مليون و372 ألف درهم    الإمارات تجدد دعم السيادة المغربية    رغم المطالب الشعبية بوقف التطبيع.. المغرب يضاعف مبادلاته مع إسرائيل خلال عام من "حرب الإبادة" ضد الفلسطينيين    مطلع على خبايا البيت الأبيض يبرز تقارب ترامب وبوتين    القضاء البرازيلي يقرر رفع الحظر عن منصة "إكس"    كوريا الشمالية تعيد وزير دفاع سابق    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب    مع انطلاق موسم القنص.. أزيد من 1000 قناص ينشطون على مستوى اقليم الجديدة    رغم قرار محكمة العدل.. إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها "بعلاقات مستقرة" مع المغرب    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    بوريطة: سياسة الهجرة كما حدد معالمها جلالة الملك تقوم على المسؤولية المشتركة ومحاربة الأحكام الجاهزة والتعبئة ضد شبكات الاتجار في البشر    الشرق الأوسط: بوريطة يجدد التأكيد على أسس موقف المغرب كما حددها جلالة الملك    المنتخب يستعد للقاء إفريقيا الوسطى    تغريم "العاصمة الجزائري" بسبب قميص بركان    وهبي يرفض صياغة القوانين على مقاس الفئات المهنية ردا على الاحتجاجات        انتخاب المغرب على رأس الأمانة العامة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية ذات الاختصاصات القضائية    وزارة الثقافة: اختيار اليونسكو للرباط كعاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026 ثمرة لالتزام بلادنا بالنهوض بالثقافة وبدمقرطة المعرفة    بعد غارة هي الأعنف من نوعها على لبنان.. نتنياهو يعلن مقتل هاشم صفي الدين خليفة حسن نصر الله    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    تضمنت اتفاقيات شراكة تهم الناظور والدريوش.. مجلس جهة الشرق يصادق على 46 نقطة خلال دورة أكتوبر    المغرب يواجه شبح ارتفاع أسعار المحروقات مع تصاعد توتر الشرق الأوسط    البرلمان الأوروبي يرفض إدراج قرار المحكمة الأوروبية في جدول أعماله        25 قتيلا و2967 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    تصفيات كأس أمم إفريقيا المغرب 2025 توتال إنيرجيز: مواعيد مباريات الجولة الثالثة    المغرب يؤكد استعداده لاستعادة المهاجرين السريين والقاصرين    السكوري: قطاع الهيدروجين الأخضر من المتوقع أن يوفر حوالي 300 ألف فرصة عمل مباشرة بحلول عام 2030    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    المغرب يبدي استعداده لاستقبال المهاجرين القاصرين محذرا من "الفراغات القانونية" في الدول الأوربية    هيئة النزاهة تنتقد تأخر إحداث الوكالة الوطنية الخاصة بتدبير الأموال المحجوزة المتأتية من الفساد    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    المركز السينمائي المغربي يكشف عن قائمة مشاريع الأفلام الطويلة    توقيف 4 أشخاص بالبيضاء يشتبه ارتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في سرقة السيارات    "الابتكار الثقافي بوابة التثمين الترابي للمناطق الجبلية" شعار مهرجان أجذير إيزوران بخنيفرة    نسبة التضخم ترفع الأسعار في المغرب    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    "التعلم الآلي" ينال جائزة نوبل للفيزياء    الفنان هشام شبري يطلق أغنيته الجديدة «يازين السمية»    في الذكرى الأولى ل 7 أكتوبر.. يرحل الشهداء و تستمر المقاومة    اغتصاب قاصر يورط عشرينيا في تزنيت    الإفراط في القهوة والمشروبات المكربنة يجلب السكتة الدماغية    ذكرى 7 أكتوبر… مسيرات ووقفات بعدة مدن مغربية للمطالبة بوقف العدوان وإسقاط التطبيع (صور)    دياز يعود للتدريبات الفردية ويستعد للعودة إلى التشكيلة    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    الرجاء البيضاوي يتفق مع البرتغالي ريكاردو سابينتوظ لتدريب الفريق خلفا لروسمير سفيكو المقال    وفاة متسابق فرنسي في "رالي المغرب"    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يخوض مبارتين وديتين أمام فرنسا بمركز كليرفونتين    تنبيه من العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال أحد قادة حزب الله بغارة دقيقة    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة أوباما والأحزاب الإسلامية... هل من أمل
في صفحة جديدة؟- بقلم مصطفى الخلفي
نشر في التجديد يوم 15 - 12 - 2008


اكتسبت القناعة بحصول تغيير قادم في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط درجة متقدمة من الإجماع بالمنطقة عززها انتخاب المرشح الديموقراطي باراك أوباما رئيسا، إلا أن الخلاف حول مدى ومجالات هذا التغيير بقي عالقا ودون حسم، ليس لغياب وضوح برنامجي عند الرئيس المنتخب، أو لافتقاده للمصداقية المطلوبة لإنجاح سياسته الخارجية في المنطقة. بل لوجود إرث معقد ومركب تم فيه تجريب سياسات كثيرة ومتناقضة أورثت نزعة انعزالية وجعلت من توقع وجود عصا سحرية لإحداث تغييرات شاملة وممتدة لمختلف سياسات أمريكا مسألة حالمة، فما السبيل لتجاوز هذا التناقض بين مطالب التغيير العالية ومخلفات إرث إدارة بوش الثقيلة؟تمثل حالة السياسة الأمريكية تجاه الحركات الإسلامية المعتدلة نموذجا جليا لهذا التناقض، ذلك أن الأمل في تغيير فعلي لهذه السياسة يصطدم بإرث معقد، يعطي الانطباع بفشل الخيارات التي جربت ويعزز من خيار التجاهل في التعامل معها، هذا بالرغم من أن تقدم سياسات أمريكا في المنطقة مشروط بتجاوز حالة من المراوحة بين الإقدام والإحجام عن التعاطي الإيجابي مع الأحزاب الإسلامية المعتدلة. والواقع أن الفشل ارتبط بثلاث عوامل، الأول تمثل في افتقاد سياسة بوش الإبن للمصداقية، بفعل إسرافها البارز في سلوك منطق المعايير المزدوجة في تحديد مواقفها من تطورات المنطقة، وتناقض أقوالها مع أفعالها، والتي برزت بجلاء في موضوعي النزاع العربي الإسرائيلي والموقف من حماس، وفي لبنان وسوريا والموقف من حزب الله، والتي عرفت انقلابا مفضوحا على أجندة نشر الديموقراطية في السنتين الاخيرتين من ولاية إدارة بوش، فضلا عن دور القرار الأحادي والمفتقد للشرعية في العدوان على العراق واحتلاله في تقديم نموذج حي للسياسة الأمريكية، حيث أعطى دليلا على أنها تقدم بديلا هو اقرب للفوضى المدمرة من أن أي شيء آخر، كما أنها تبحث عن تابعين لا عن شركاء، ولعل في الاستقالات المتعددة التي عرفها منصب المسؤول عن الديبلوماسية العامة في الخارجية الأمريكية أكبر دليل على مأزق المصداقية. أما العامل الثاني فنجده في الارتهان الفج لرؤية إيديولوجية أحادية صنع نواتها تيار المحافظين الجدد وافتقدت للدعم داخل أمريكا فبالأحرى خارجها، وهي الرؤية التي شكلت النقيض الكلي للرؤية البراغماتية الفجة أيضا لمرحلة كلينتون، والتي أنتجت سياسات وظفت واستغلت وبإفراط شعارات الديموقراطية والإصلاح لمصلحة أولويات أخرى في المنطقة، وجعلت منها خطابا بدون ترجمة فعلية، فجاءت إدارة بوش لتقدم نقيضها تحت شعارات الفوضى الخلاقة والحرية، لكن خلفها كانت هناك رهانات تغيير الأنظمة وتناقضات القيم، بحيث أن قضية نشر الديموقراطية لم تكن سوى واجهة ما اعتبرته دوائر حربا للأفكار لكسب العقول والقلوب، وليس ارتباطا مباشرا بالقيم الديموقراطية وما تفرضه من قبول بالاختلاف ونبذ للانغلاق، حيث كان المحصلة تعميق القناعة بوجود مشروع هيمني متعجرف للولايات المتحدة في المنطقة، يفرض على تيارات هذه الأخيرة مقاومته أولا . وإلى جانب عاملي المصداقية المفقودة والرؤية الإيديولوجية المنغلقة، كان هناك غموض السياسة العملية بفعل تعارض أولويات السياسة الخارجية في منطقة الشرق الأوسط والتي تبتدئ من أمن إسرائيل وتنتهي بنشر الديموقراطية، مرورا بتأمين تدفق النفط وحماية الأنظمة الحليفة ومكافحة الإرهاب وفتح الأسواق والديبلوماسية العامة، مما جعل السياسة الأمريكية بدون حلفاء فعليين وحول إنجازاتها إلى نقط معزولة بدون أثر كبير، وأجهض المشاريع المعلنة في مهدها مثل ما حصل مع مشروع منتدى المستقبل رغم الإصرار الشكلي على استمرار مؤسساته، ووضع أهدافا جوهرية على الرف مثل الوصول إلى إحداث منطقة للتجارة الحرة بين أمريكا والشرق الأوسط، وهو التعارض الذي انعكس على الموقف الأمريكي العام وجعله مرتهنا لمدى التقدم في المواقف الأخرى. يبدو من الجلي إذا، أن مستقبل سياسات أمريكا في ظل إدارة أوباما المقبلة مشروط بتجاوز فعلي للأعطاب الثلاث الآنفة، وهو ما نجد مؤشراته الأولية في الرصيد الذي راكمه الرئيس المنتخب يوم الرابع من نونبر يوفر له قدر معتبرا لإعادة بناء المصداقية، والتحرر من الانغلاق الإديولوجي والتقدم لبناء سياسة واضحة ومنسجمة، خاصة من حيث إعلانه عن حوار مع العالم الإسلامي، وإعلان عزمه عن انتهاج سياسة محددة لإنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق، وإعلائه من خيار الحوار والتفاوض المباشر مع إيران، بالرغم من بقاء قدر من الغموض إزاء سياسته المستقبلية حول النزاع العربي- الإسرائيلي، والتي سيكون مطالبا فيها بانتهاج سياسة عادلة متوازنة فيه، في هذه الحالة سنكون إزاء عناصر تشجع على توقع صفحة جديدة في سياسات الإدارة الأمريكية تجاه الأحزاب الإسلامية، خاصة وأن حصيلة الانكماش في قضية الديموقراطية في السنتين الأخيرتين ليست هي الأخرى مشجعة للمضي في نفس الاتجاه. لقد كان لنتائج الانتخابات المصرية وبعدها الفلسطينية قبل حوالي السنتين أبلغ الأثر في إحداث انعطاف جذري في هذه السياسة الامريكية تجاه الأحزاب الإسلامية، وولدت حالة من الرقابة الصارمة للكونغريس باعتباره شريكا في السياسة الخارجية إزاء أي قدر من الانفتاح، لكن ما هي الحصيلة اليوم؟ الجواب قطعا سلبي، والدليل الأبرز عند متابعة السياسة الأمريكية هو أن استقرار لبنان ارتبط بالتفاهم المحلي مع حزب الله، والحصار على الشعب الفلسطيني لم يؤد إلى إسقاط حماس بل تم تشجيع مصر على فتح مسار للتهدئة، والسعي لاندماج سياسي للسنة بالعراق واحتواء المقاومة فرض قدرا كبيرا من الانفتاح على جزء كبير من قواعدها، كما أن أفغانستان تعرف هي الأخرى رضوخ عمليا لسياسة محلية في التفاوض مع طالبان واعتبار خيار الإدماج السياسي لهم هو الحل الممكن، وهو ما يعني أن سياسة أمريكا الانكماشية في موضوع الديموقراطية لم تكن حلا، لكن أي عودة لها على النمط الكلينتوني لعقد التسعينيات لن يكون هو الآخر حلا، مادامت موازين القوى المحلية في المنطقة عرفت تغييرات كبيرة، أدت لربط رهان الإصلاح السياسي بالانفتاح على الأحزاب الإسلامية.وأثناء ذلك تم تسويق سياسة تربط نشر الديموقراطية بمسبقاتها في التعليم والمجتمع المدني والإعلام والتعددية الحزبية ويؤجل أي اختبار انتخابي لها خشية وصول حاملي سياسات معادية لأمريكا للحكم، حيث ثبت اليوم - أي بعد سنتين- أن ذلك مجرد وهم كبير، وللأسف نلحظ أن دوائر قريبة من الرئيس المنتخب تردد هذا الموقف، مما يحد من المبالغة في توقع طي سريع لصفحة الماضي وبناء صفحة جديدة. ليس من حل أمام إدارة أوباما القادمة سوى الانخراط في حوار عميق مع الكونغريس، للتأسيس لمراجعة تدريجية لكن عميقة لسياسة أمريكا في المنطقة، فكما أن الشعب الأمريكي متطلع للتغيير فكذلك شعوب المنطقة وقواها الصاعدة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.