الدعارة مهنة مقيتة، والزنا سواء كان خيانة أو دعارة أو غيرها هو فعل حرام شرعا ومجرم قانونا، ولا أحدا يرضى ذلك لأقاربه أو قريباته، ودعارة المتزوجة أكثر الأفعال استنكارا ، كان هذا هو جواب جل من استقت التجديد آراءهم حول دعارة المتزوجات. لكل زوجة قصة وحكاية حول دواعي تعاطيها للدعارة، طريق يدعين أنهن سلكنه مكرهات ومجبرات، منهن من دفعها الفقر لذلك ، ومنهن من أقدمت على ذلك انتقاما، غير أن أفعالهن تقابل برفض شديد من لدن المجتمع المغربي، الذي يرى بعض أفراده أن دعارة المتزوجة، موضوع مثير للاهتمام، وأن عدم التصدي له سيحوله إلى ظاهرة مستقبلا. تدعي الطلاق تترك عائشة رضيعها يوميا رفقة طفلاتها الأربعة وتخرج لبضع ساعات لتعود في وقت متأخر من الليل، صراخ الأطفال وشغبهم يتناهى إلى مسامع الجيران، الذين يعرفون أن عائشة ولجت عالم الدعارة وأن ابنتها التي تبلغ من العمر ثماني سنوات المنقطعة عن الدراسة هي التي أخذت تقوم بدور الأم في البيت . كانت عائشة في البداية تعمل خادمة من الصباح حتى المساء من أجل توفير مصاريف إضافية لأطفالها، لأن ألف درهم التي يبعثها زوجها شهريا لا تكفي، حسب قولها. ما كنت أحصله من عمل البيوت مجرد أجر هزيل، ما دفعني أصبح عاهرة، لأن مدخول هذه المهنة أكثر، لكن دون علم عائلتي ولا عائلة زوجي التي تسكن في مدينة أخرى، ولا زوجي الذي يوجد في جنوب المغرب، تقول عائشة وهي تبدو غير مقتنعة تماما باختيارها، الذي تبرره بالفقر وعدم كفاية منحة زوجها لتحمل مصاريف الكراء والتغذية والدواء وكسوة ستة أفراد. تلزم عائشة بيتها عندما يعود زوجها وتتقن دور المرأة العفيفة والشريفة، فلا تخرج إلا رفقته أو رفقة أطفالها، وتخفي هاتفها الثاني الذي خصصته لزبنائها، الذين لا يعرفون أنها متزوجة، حسب ما أكدته قائلة لا يعرف زبنائي أنني متزوجة إلا من كان يعرفني عن قرب، ودائما أقول لهم إنني مطلقة وأسهر على رعاية خمسة أطفال، لكن رغم ذلك انفضح أمري لما رافقت رجلا عن طريق وسيطة، فاكتشفت أنه صديق زوجي، فقبلت رجليه ورجوته ألا يبلغ زوجي، وقام بضربي وإهانتي ووصفني بأقبح الأوصاف، مهددا إياي بتبليغ زوجي بالموضوع إن لم أتوقف عن هذه الممارسات ومنحني حوالي 400 درهم. . تهديد صديق زوج عائشة لها، قابلته باللامبالاة، لأن زوجها غير قادر على تحمل مصاريف الأسرة، لذلك فإنه لا يستحق، في نظرها الإخلاص والوفاء، كما أن نصائح جيرانها لها بعدم ترك أطفالها الصغار لوحدهم ترفضها، قائلة هؤلاء أطفالي ومن حقي أن أعاملهم كيفما أشاء. زوجة جني حكايتها تتردد على كل لسان، ولم نستطع التأكد من صحة ما يروج من عدمه، لسفر المعنية بالأمر، لكن إحدى قريباتها تجزم أن ما وقع كان حقيقة وليس من وحي الخيال، هي قصة امرأة يفوق سنها ثلاثون سنة، كانت تعيش حياة مستقرة مع زوجها وأطفالها الثلاثة، إلى أن بدأت ترفض معاشرة زوجها، ويوميا بعد منتصف الليل تذهب إلى غرفة مجاورة، وتدعي أنها تعاشر جنيا وتحذر زوجها من الاقتراب من غرفتها اتقاء لشر الجني الذي يهدد بقتله. صدق الزوج رواية زوجته، وبعد مضي ثلاثة أشهر، أخذ يفكر في علاجها، فقصد فقيها لعله يقوم بشيء لأجله، فسأله الفقيه عما إذا كان يسمع أصواتا أم لا، فأخبره الزوج أنه دائما يسمع صوت زوجته وأصواتا أخرى ، فطلب منه الفقيه أن يضع آلة تسجيل في الغرفة التي تقصدها الزوجة، ففعل ذلك، ولما سمع الفقيه الشريط المسجل أخبر الزوج أن زوجته تقيم علاقة مع إنس وليس جن، لم يصدق الزوج كلام الفقيه، ولما عاد إلى المنزل، وكعادتها أخبرته زوجته بأنها ستذهب إلى الغرفة المجاورة، وبعدما دخلت فتح الغرفة فوجدها تعاشر رجلين في آن واحد، فسقط مغشيا عليه من هول ما رأى وأصيب بعدها بصدمة نفسية، دخل إثرها إلى مصحة. رفض الزوج طلاقها رغم م إصرار عائلته، ولم ترغب هي الأخرى في تطليق نفسها، واستمرت في طريق الزنا والعهر غير مبالية بمصير أبنائها الثلاثة الذين تركتهم رفقة زوجها، أما الزوج فما زال يجتر آلام الخيانة في عقر داره، ولم يقوى على فعل أي شيء بسبب مرضه النفسي. وأكدت قريبتها أن ما أقدمت عليه هذه المرأة من أفعال دنيئة كان بسبب ضبطها لزوجها متلبسا بخيانتها رفقة إحدى العاهرات، ومنذ ذلك الحين، وهي تمارس الدعارة في بيتها انتقاما منه، ونسجت قصة الجني من خيالها. مصاريف الرضيع نادية، تبلغ من العمر 22 سنة، تسكن رفقة أسرة زوجها المقيم في أوروبا، لم يف الزوج بوعده لزوجته المتمثل في العيش معه في المهجر، ما جعلها تشعر بأنها مجرد خادمة في بيت أسرته الكبيرة. رزقت نادية بطفلة، وبقي الوضع كما هو عليه، لا تتلقى سوى الإهانات من أسرة زوجها، ما دفعها تعود للعيش مع أسرتها الفقيرة المكونة من أب مقعد وأم تعمل في تجارة الملابس وأخت تتابع دراستها في الإعدادية، بقيت نادية تنتظر اتصالا من زوجها أو من أسرته أو إرسال مصاريف طفلتها، لكن لا شيء من ذلك تحقق، فجددت علاقتها بصديقة لها في الدراسة، فتدرجتا معا في عالم الدعارة خطوة خطوة. تقول نادية، وهي تبكي لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن أصل إلى هذا المستوى الدنيء، لطالما حلمت بأن أكون أسرة سعيدة وأسهر على تربية أطفالي تربية صالحة، لقد تركني زوجي ما يقارب السنة دون مصاريف، ورغم أنني رفعت دعوى النفقة فمازالت القضية أمام المحكمة، وأمي عجزت على توفير الحليب يوميا لابني، ولم أجد عملا في هذه المدينة التي تعاني الفقر والتهميش، فلا جمعيات خيرية تهتم بمثل هذه المشاكل، ولا دولة تراعي الوضع الاجتماعي لهذه الشريحة من النساء تدعي نادية أنها لم تختار هذا الطريق بمحض إرادتها، بل مكرهة، وتؤكد أنها مستعدة للتخلي عن عالم تغيب فيه كل مظاهر الإنسانية والكرامة، إذا ما وجدت من يوفر لها مصاريف رضيعها فقط. ذئاب بشرية تزوجت لبنى، وهي ابنة الخامسة عشرة سنة، من ابن أحد أثرياء المدينة، وأنجبت بعد سنتين طفلا، لم تكن تغادر لبني بيت زوجها إلا رفقته أو رفقة أمه، كانت لديها خادمتين واحدة مكلفة بالطفل وأخرى بعمل البيت. كان زوجها يغار عليها حتى من خياله كما تقول، وبعد مضي خمس سنوات، انقلبت حياتها رأسا على عقب، بعد أن ارتكب زوجها جريمة قتل وحكم عليه بخمسة عشر سجنا نافذا،فغادرت بيت الزوجية إلى بيت والديها تاركة طفلها لحماته، غير أن أسرتها شددت عليها الخناق، ولم تكن تسمح لها بالخروج من المنزل، ما جعلها تغادر إلى مدينة أخرى قصد العمل، اشتغلت بداية في مقهى واكترت رفقة بعض الفتيات وظلت تزور زوجها في السجن، لكنها سرعان ما طردت من العمل بعدما رفضت الخضوع لرغبات رب العمل الذي كان يتحرش بها يوميا، حاولت البحث عن عمل آخر، غير أنه في كل مرة تقع ضحية للتحرش الجنسي وللإغراء بالمال، ما جعلها تسقط في براثن الدعارة، وتصبح فريسة سهلة تنهشها أنياب الذئاب البشرية، كما يحلو لها تسميتهم. أدمنت لبنى الخمر والسيجارة، معتقدة أن ذلك سينسيها مشاكلها التي صادفت في بداية حياتها، لكن ذلك لم يكن سوى وهم وسراب، تقول لبنى بأسى أعرف أن الطريق التي أسلكها خطأ، وأنا نادمة عليها، ولكن عاجزة على التخلص منها خاصة أن أسرتي قاطعتني وأبي يرفض عودتي إلى بيتنا، كما أنني مازلت على ذمة زوجي، وليس لي الحق في الزواج من جديد. لم ترفع لبنى دعوى قضائية لأجل الطلاق لأنها تخشى من أن ينتقم منها زوجها بعد مغادرته السجن، كما أن رفع دعوى قضائية يقتضي عودتها إلى مدينتها، وهي غير مستعدة لذلك حاليا. البحث عن الرفاهية في ضواحي هذه المدينة كان معروفا لدى نسائها أن المرأة التي ليس لها عشيق مطعون في أنوثتها، وأن حديث النساء المتزوجات عن مغامرتهن مع الرجال يكاد يكون عاديا، تقول فاطمة ، أستاذة، غير أنه خلال فترة التسعينيات، وظهور صحوة دينية، أصبحت العديد يفرق بين الحلال والحرام. منذ أن كانت فاطمة طفلة، وهي تعرف أن الدعارة منتشرة في صفوف المتزوجات، خاصة اللواتي يعيش أزواجهن بعيدا عنهن سواء خارج المغرب أو في مدن أخرى، وبعد مجيء جيل متعلم يدرك معاني العفة والإخلاص، أخذت هذه الظاهرة في الاندثار، فأصبحت المرأة أو الفتاة غير العفيفة، محط انتقاد وأفعالها تواجه بالاستنكار والتنديد، تؤكد المتحدثة نفسها. أرشدتنا فاطمة إلى إحدى السيدات، تدعى حليمة، التي قالت إنها تمارس الدعارة، رغم أنها متزوجة، غير أنها رفضت الحديث في الموضوع، مكذبة ما يشاع عنها، وأن ما يروج عنها مجرد اتهام لا أساس له من الصحة.لم تكتف حليمة بالنفي بل هددتنا برفع دعوى قضائية في حقنا، معتبرة أن سؤالنا لها اتهام في حقها بالخيانة الزوجية والدعارة. وحسب جيران حليمة فإن زوجها يعمل تاجرا في المدينة نفسها، وكل يوم تستقبل رجلا في بيتها نهارا في الوقت الذي يكون زوجها في العمل وأبناؤها في المدرسة، ويؤكد الجيران أن حليمة تريد أن تعيش حياة الرفاهية ما جعلها تسعى لتحصيل مبالغ مالية قصد شراء مجوهرات ثمينة تدعي أنها هدايا من أقاربها. تحرك عاجل يخشى العديد ممن تحدثت إليهم التجديد من عواقب دعارة المتزوجات، خاصة الإصابة بالأمراض الجنسية، فـفكم من زوج مخلص تنقل إليه زوجته العدوى ويصبح ضحية لفعل لم يقدم عليه، يقول سعيد اليعقوبي، عامل، موضحا أنه حان الوقت لمعالجة هذه الآفة قبل أن تصبح ظاهرة وبدورها، تخشى سارة، ربة بيت ، أن تتحول دعارة المتزوجات إلى ظاهرة، فهي تعرف بعض النساء، خاصة زوجات المهاجرين والجنود، يمارسن الدعارة، وبعض المتزوجات اللواتي يكن في مرحلة التقاضي مع أزواجهن.. ومن أجل التصدي لـدعارة المتزوجات، التي يرى أغلبية من أدلوا برأيهم في الموضوع أنه فعل غير مبرر مهما كانت دوافعه، اقترحت سليمة، طالبة القيام بحملات إعلامية تحسيسية، عبر قولها اعتدنا على متابعة حملات إشهارية عبر وسائل الإعلام المغربية، تحارب العنف ضد المرأة، أو تدعو إلى محاربة الاستغلال الجنسي للأطفال، لكن لم يسبق أن بث إشهار يحارب ظاهرة الدعارة بصفة عامة سواء في صفوف المتزوجة أو غيرها، وإنه آن الآوان القيام بخطوة مماثلة من أجل محاربة الدعارة، ، غير أن لصديقة سليمة سعاد رأي آخر، فهي تعتبر أن هذا الموضوع ينبغي التصدي له ليس من لدن الدولة، فحسب، بل إن الجمعيات النسائية التي تتحدث دائما عن المرأة وحقوقها، وأحيانا ترعى الأطفال المتخلى عنهم، لم يسبق أن قامت بحملة تحسيسية حول موضوع الدعارة، وأن الأمر بات يتطلب تحركا عاجلا قبل فوات الآوان. وتعتبر سعاد أن الجمعيات النسائية بكل أطيافها عجزت عن استيعاب العاهرات والمومسات متزوجات وغير متزوجات،وعن إصلاحهن وتوفير عمل لهن، فالعديد من هؤلاء النسوة لهن استعداد للتخلي عن هذه الطريق إذا وجدن من يمد لهن يد العون ويوفر لهن ظروف عيش كريمة، كما أن خطاب التعالي ونظرات الازدراء لن تنفع في حل المشكلة. لطالما فكرت سعاد رفقة بعض صديقاتها في تأسيس جمعية تهتم بهذه الشريحة خاصة في مدينتها، التي قالت إن ظاهرة الدعارة تزداد نسبتها يوما بعد يوم، ويؤثر ذلك على سمعة المدينة وبناتها العفيفات، لكن ضعف الإمكانيات جعل فكرتها لم تراوح مخيلتها، وتحلم أن يأتي يوم تجد من يخرج فكرتها إلى حيز الوجود..