قدم المفكر والناشط المقرئ أبو زيد تحليلا مستوعبا لعوامل تراجع الدعم والنصرة للقضية الفلسطينية، وقد حصرها في أربعة: - عامل الترهل والفتور الذي أصاب المشهد السياسي والحركي، التي تشكل الحركة الإسلامية جزءا منه، بحيث تراجع البعد النضالي وحل محله الفكر الواقعي العقلاني والذي شن موجة التأثير الخفي والصامت والمتدرج على مدى ثلاثين سنة، قد انضاف إلى هذا الخطاب الذي بدأ يغزو الساحة العربية والإسلامية الدنيوية وهيمنة ثقافة الاستهلاك مع إعلام العولمة الكاسح، فكان من نتائجه الكارثية على الأمة تراجع الفكر النضالي الراديكالي لصالح هيمنة مفاهيم من قبيل فكر المشاركة والمطاوعة والتدرج والتي كان ينبغي أن توجه لتنمية الأبعاد النضالية للحركة الإسلامية بدل أن تصبح مساهمة في تبرير حالة الانحناء والمسايرة . - عامل الانقسام في الصف الفلسطيني: فالإعلام الغربي حسب الأستاذ أبو زيد نجح في تصوير الصراع الفلسطيني على أساس أنه صراع على المواقع والنفوذ، ونجح في نقل صور الاقتتال بين الإخوة الفلسطينيين من فتح وحماس إلى الشعب العربي الإسلامي، ونجح بذلك في اللعب على عاطفة هذه الشعوب وصرف اهتمامها عن نصرة القضية. ويؤكد هذا التحليل ما ذهب إليه الأستاذ عبد الكريم كريبي إذ يرى أن الفتور الملحوظ في دعم الشارع العربي للقضية الفلسطينية هو عقاب ،موجه من أبناء الأمة للإخوة المتناحرين في معركة مرفوضة بتاتا مهما كانت المبررات أو المسوغات. وحسب الستاذ أبو زيد فإن الشعوب العربية والإسلامية تعيش القضية وتنصرها في ظل قيادة ناجحة وكاريزمية، وفي غياب هذه القيادة، أو في ظل صراع الفصائل الفلسطينية فإنه من الطبيعي أن تفتر العزائم لدعم هذه القضية، وكأن لسان حال الشعوب العربية والإسلامية يقول: ندعم من ضد من؟ - عامل العاطفية وعدم الاستيعاب للأبعاد الفكرية والحضارية للصراع: يرى الأستاذ أبو زيد أن حالة التعاطف والنصرة التي تبديها الشعوب العربية والإسلامية لم تتجاوز البعد العاطفي، وهو البعد الذي يتبدد مع مرور الوقت، فالقضية الفلسطينية لم تتحول إلى قضية فكرية تترجم في شكل برامج تربوية وتثقيفية وإعلامية تعيد بناء الإنسان وصياغة عقله، ولذلك فالعدو الصهيوني يراهن دائما في صراعه مع الأمة العربية الإسلامية على طول النفس، وهي المعركة التي لا نصمد فيها بسبب اعتمادنا على البعد العاطفي. - عامل الأنظمة العربية: التي تمعن في ممارسة القمع الرمزي لأبناء الأمة من خلال برامجها الإعلامية، وتزيد من ارتهانها وارتباطها بأمريكا على حساب قضايا الأمة المركزية، وتتآمر على القضية الفلسطينية من خلال تشجيعها للتطبيع على أراضيها ومن خلال تواطؤها أو مشاركتها في حصار الشعب الفلسطيني. هذه المهام التي تقوم بها الأنظمة العربية تساهم في خلق حالة سيئة تبدد إمكانيات متعددة لجلب الاستقطاب لهذه القضية.